| أفاق اسلامية
سلمان بن محمد العُمري
)وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق(، لقد جعل الله الحج فريضة على كل مسلم، فهو الركن الخامس، وهو الفريضة الواجبة على من استطاع إليه
سبيلاً، والحج عبادة خصوصية معينة، فهو امتثال لأمر الله تعالى، وتحمل للمشاق خلاله، فهو جهاد للنفس والجسد وحتى بالمال، سواء بالفترة السابقة له أو خلال أدائه.
إن الله تعالى يسر للمؤمنين القيام بهذه الفريضة، وهكذا نجد في كل موسم الملايين، وقد اجتمعت على كلمة واحدة، وقول واحد، وعمل واحد، وفي مكان واحد، وقد أتت من أصقاع الأرض،
من أقصى الشمال إلي اقصى الجنوب، ومن غرب الكرة الأرضية إلى مشرقها، كلهم أتوا طائفين راضين مسبحين يرجون رحمة الله ومغفرته سبحانه، ويطمعون بجنة عرضها السموات والارض
أعدها الله للمتقين، ولعباده الصالحين.إن تهيئة السبيل للقيام بالحج تكون بأشكال شتى حسبما يأذن به الله سبحانه، وقد كانت بلادنا المملكة الحبيبة إحدى تلك السبل التي جعلها الله تعالى وسيلة للإعانة على القيام بالواجبات، فدعم المملكة اللامحدود للمسلمين، خصوصاً الأقليات المسلمة، وتزويدهم بالقرآن الكريم، وترجمات معانيه وغيرها من الكتب الدينية، والأئمة والدعاة، وبناء المساجد والمراكز الإسلامية وغير ذلك كثير، كل ذلك يساهم بحث المسلمين أكثر على الارتباط بدينهم الحنيف، والقيام بما يفرضه عليهم ذلك.
لقد كان ذلك الدعم يتمثل حكومة ومجتمعاً وافراداً، وكانت هناك مكرمات كبيرة تستحق التوقف عندها لا مديحاً أو ثناءً ولكن عبرة وتشويقاً، لقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك
فهد بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله أمره الكريم السامي باستضافة أكثر من )1883(مسلماً ومسلمة من قارة آسيا، وأفريقيا، واوروبا، وأمريكا لأداء فريضة الحج هذا العام،
وعلى نفقته الخاصة، مع تولي وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد )1500( حاج من آسياوغيرها، وجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية )103( حجاج من آسيا، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة )120( حاجاً من أفريقيا، والندوة العالمية للشباب الاسلامي )160( حاجاً من أوروبا وأمريكا مهمة ترتيب والإشراف على برنامج الاستضافة هذا.إن هذا العدد يعتبر مهماً، والأهم من ذلك هو اماكن الانتقاء، حيث أن اغلب المسضافين هذا العام سيكونون من القارة الآسيوية، وعلى الأخص البلدان الآسيوية ذات الأقليات الإسلامية كالصين، اليابان، وكوريا، والفلبين، وتايوان، وكمبوديا، وفيتنام، وبورما، ولاوس، وفي ذلك من المعاني الكبيرة، فتلك الأقليات الاسلامية نسيت لعهود طويلة، لأسباب مختلفة تتعلق بأوضاع المسلمين عامة، أو بأوضاع تلك البلدان خاصة ، الآن وبفضل الله ثم بسبب التطورات الحاصلة في العالم قد استيقظت تلك الأقليات، وهلي بحاجة لمن يأخذ بيدها، لتعيد روابطها التي لاانفصام فيها
مع أمتها الإسلامية ومع مهد الإسلام في بلادنا الحبيبة, أنها لفتة كريمة من خادم الحرمين الشريفين أن تتجه يده البيضاء، وفكره النير نحو أبناء أمتنا هناك، في أقاصي الشرق الآسيوي لإعادة اللحمة بيننا وبينهم.إن هذا ليس بالأمر المستغرب، فخادم الحرمين الشريفين، له مكارم يصعب حصرها، حتي إن لقبه هو خادم الحرمين الشريفين والحمد لله ولا ننسى في هذا المقام هذا الشاب الداعية الأمير الجليل صاحب السمو الملكي الامير عبد العزيز بن فهد
بن عبد العزيز آل سعود وزير الدولة، وعضو مجلس الوزراء، رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء، الذي يحرص كل الحرص على المتابعة لكل مامن شأنه خدمة أبناء أمته الإسلامية في
أقطاب المعمورة.إن الحج موسم عبادة، وموسم يتميز بخصوصية شهد بها العالم أجمع، وإن تأثير هذه الاستضافة الكريمة سيكون أبعد من تأثيره في المسلمين الذين سيحضرون بموجبها، إنه سيتعداهم إلى اهلهم وذويهم وأسرهم ومجتمعاتهم ودولهم وإنه تأثير كبير سيصب في مصلحة الاسلام والمسلمين ومن دون شك، وتلك هي ميزة أعمال المليك المفدى أيده الله .لقد اقتضى الأمر الكريم أن يكون من يشملهم برنامج الاستضافة الذكور والأناث، ومن أعمار مختلفة، ومن شرائح
اجتماعية متنوعة، كما انه تم ترتيب برنامج زيارة مناسب لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، وهذا سيكون له معنى كبير، وأثر بالغ في نفوس الزائرين، وفي ذكرياتهم، وفي حياتهم الدينية والعادية.إن هذه الاعمال الطيبة الكريمة هي من السنن الحسنة التي مافتئ المليك المفدى يحفظه الله يقوم بها ابتغاء الأجر والمثوبة من رب العالمين سبحانه، وهي من المآثر العديدة في رعايته أيده الله بحفظه ونصره لأبناء المسلمين في كافة أنحاء لمعمورة.تلك المكارم الجليلة التي يقوم بها الملك فهد حفظه الله هي من ضمن المكارم الخيرة المباركة ذات سجل افل بالخير والعطاء، فخادم الحرمين الشريفين هو أول من بادر باستضافة المسلمين من لجمهوريات الاسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق بعد عصور طويلة من الظلم الشيوعي والإلحادي فبادر المليك المفدى بدعوتهم، وإتاحة الفرصة لهم لأداء مناسك الحج، وتعريفهم بدينهم، وربطهم بالجذور، وقد استفاد من مكرمات خادم الحرمين الشريفين إخواننا وأخواتنا المسلمين في الشيشان خلصهم الله من ظلم المعتدين الروس وكذلك إخواننا في البوسنة والهرسك في دول لبلقان وأيضاً في أذربيجان واوزبكستان، وكازاخستان، وتتارستان وغيرها من البلدان التي عادت لها هويتها الإسلامية مؤخراً.إن الميزة الكبيرة لأعمال خادم الحرمين الشريفين هي
استمراريتها، وتزايد وتيرتها من عام لآخر، وكل ذلك يصب في خدمة الإسلام والمسلمين أينما كانوا، ويساهم بإعلاء كلمة الحق والتوحيد في أرجاء المعمورة.
أعمال كبيرة كهذه لايقوم بها إلا كبير ومليكنا المفدى عرفناه جميعاً كما عرفه العالم أجمع، إنه الأمين على مصالح الأمة، والحريص على أن تعم كلمة التوحيد، ودين الحق أصقاع
الدينا قاطبة، إنه ينظر للمسلمين أينا كانوا وحيثما حلوا على أنهم أهله واحبته وإخواته وأبناؤه، إنها نظرة الراعي المؤتمن على مصالح الأمة, بارك الله خطاك ياخادم الحرمين الشريفين وجعل ذلك في موازين أعمالك الصالحة، في ميزان هو ميزان الحق، ونحن نعلم أنك لاتبتغي من وراء ذلك إلا مرضاة الله سبحانه، فجزاك الله خيراً ووفقك على الدوام في خدمة الاسلام والمسلمين، ومتعك بالصحة والعافية، وأمد الله في عمرك الحافل بالمآثر الطيبة المباركة، أنت عنوان لمملكتنا الحبيبة، أنت عنوان الخير,, الخير كل الخير.
|
|
|
|
|