أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 17th March,2000العدد:10032الطبعةالاولـيالجمعة 11 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

للحج جوانب تربوية
د, زيد بن محمد الرماني *
الحجُّ من أركان الاسلام الخمسة قال تعالى : ولِلَّه علىالناس حِجُّ البيت من استطاع إليه سبيلا ,, آل عمران/ 97.
فالحج على هذا فرض على كل مسلم بحسب الاستطاعة والقدرة، وفي الصحيحين بُني الاسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله لمن استطاع إليه سبيلا متفق عليه.
ومن تأمل مناسك الحج وشعائره وأعماله وجدها في جملتها تربي في المسلم مكارم الأخلاق وجلائل الخصال، وتعمق فيه نوازع البر والتقوى وتزرع فيه وازع الدين.
حتى اذا رجع الحاج من البلد الحرام وقضى نسكه بعد ان عاش اياما معلومات في احب البقاع الى الله في بلد الله الحرام وفي الشهر الحرام وعايش تعظيم المسلمين حرمات الله وتعظيمهم شعائر الله رجع الى بلده وابتدأ صفحة جديدة وسلك نهجا قويما في العبادات والمعاملات والاخلاق، فأصبح انسانا متميزا بصدق التعامل وكثرة الخير وبذل المعروف وصفاء القلب.
ومن جلائل الدروس والعظات التي يتضمنها الحج استشعار المسلم بعظم حرمة اخيه المسلم، وانها حرمة لا تقل حرمة عن البيت الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام.
يقول د, عبدالرب نواب الدين في كتابه الرائع مائة درس من السيرة النبوية : لقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم المسلمين وتذكيرهم بهذه الحرمة اهتماما كبيرا، وكان
يتحين لذلك المناسبات والاوقات لتكون أبلغ في الفقه والاستيعاب، وأوصل الى أعماق الضمير، ومن ذلك تذكيره بهذه الحرمة العظيمة ابَّان حجة الوداع.
في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال أي يوم هذا؟ قال الراوي : فسكتنا حتى ظننا انه سيسميه سوى اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا بلى، قال فأي شهر هذا؟ فسكتنا حتى ظننا انه سيسميه بغير اسمه، فقال أليس بذي الحجة؟ قلنا بلى، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى ان يبلغ من هو أوعى له منه متفق عليه.
إن رعاية الذمة ووجود الاحساس بحرمات الله وتعميق الاحساس في النفوس من مقاصد الحج,, ولهذا نجد الله تبارك وتعالى ينوه بالتقوى وبتعظيم حرمات الله ولاسيما في مواطن الحج ومواقع أداء المناسك من مثل قوله عز وجل وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير، ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوَّفوا بالبيت العتيق، ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه الحج / 27 30.
في ظلال هذه الآيات يقول د, عبدالرب نواب الدين ذكر الله اجتماع المسلمين من كل الاصقاع ونوه بما يحصل لهم من منافع دينية ودنيوية في هذا الاجتماع العظيم، وأمر سبحانه بذكره
وشكره وإطعام ذوي الحاجة واتمام المناسك، ثم جعل ذلك كله من حرمات الله التي يجب تعظيمها.
الحج فريضة الله تعالى على عباده، وهي فريضة تتضمن من الدروس والعبر ما يتسع لايراده اسفار طوال، وحسبنا في فضل الحج قوله صلى الله عليه وسلم العمرة الى العمرة كفارة لما
بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة متفق عليه.
وهذا يوم عرفة، يوم عظيم من أيام الله تبارك وتعالى المباركة المشهودة له من التوفيق والمغنم وفضله يعمُّ الحاج وغيره من المسلمين، فالحاج تكتنفه رحمة الله في هذا اليوم، وغير الحاج، فبصومه والاستباق الى الطاعات والصالحات، ومن فضل هذا اليوم العظيم انه يكثر فيه عتقاء
الله من النار، كما في حديث ما من يوم أكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة رواه مسلم في صحيحه والنسائي وابن ماجة في سننهما.
ولفضيلة هذا اليوم يشرع صومه لغير الحاج إذ صومه يكفر الله تعالى به سنتين، السنة الماضية والباقية، وفي هذا مزيد فضل وإنعام وحسب المسلم دلالة على فضل يوم عرفة انه يوم الحج
الأكبر، قال تعالى: وأذانٌ من الله ورسوله الى الناس يوم الحجِّ الأكبر التوبة/3.
ومن تيسير الله تعالى على الحجاج انه يصح حج من وقف بعرفات الله ساعة من نهار اليوم التاسع او ساعة من ليلة العيد، كما ورد عن رسولنا عليه الصلاة والسلام من شهد صلاتنا هذه يعني فجر يوم العيد ووقف معنا حتى يدفع، وقد وقف قبل ليلا او نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه .
رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وابو داود في سننهم.
فالوقوف بعرفة هو الركن الأعظم من أركان الحج الأربعة،التي هي: الاحرام، والطواف، السعي، والوقوف بعرفة.
إن رحلة الحج رحلة ايمانية اخلاقية تربوية، كما ان للحج أثرا في سلوك الحاج، وفي تعامله مع الآخرين واستقامته، بل وفي حياته كلها، من حيث تغير حاله وسلوكه الى الاحسن والتوجه الى الاستقامة والصلاح.
وقد ذكر علماؤنا ان من علامات قبول الحج تبدل حال الحاج الى الاحسن والافضل في امور لديانة خاصة.
وحسب الحاج فضلا ومنة ما ينتفع به في رحلة الحج الميمونة من الفوز بمرضاة الله تعالى غفرانه، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق عليه.
ولذا، ينبغي ان يكون اهتمام الحاج بعد أن من الله عليه بأداء الفريضة بالمحافظة على كتسبات الحج ومنها الاستقامة والصلاح وكرم الاخلاق وبذل الندى وكف الاذى، واستشعار حقوق
الأخوة والتعاون على البر والتقوى.
وهنا يرد سؤال مفاده: ماذا يجب او ينبغي على الحاج فعله بعد أدائه لفريضة الحج؟!وهذا السؤال عظيم ومهم، يقول علماؤنا: ان من علامة قبول العمل الصالح اتباعه بالعمل الصالح ومن ثم، فينبغي على الحاج بعد رجوعه الى بلده سالما غانما ان يلتزم جانب التقوى والبر الاحسان والتعاون والتكافل والاستغفار والتوبة والإنابة والمداومة على الاعمال الصالحة.
فطوبى لمن قُبل حجه، وتبدل حاله بعد الحج الى أحسن حال،
وفاز برضوان الله وخرج من حجه بدروس في الاخلاق وتزكية النفس، وفقه مقاصد هذه الفريضة العظيمة.
هذه معالم تربوية توقد في المسلم جذوة الايمان، ينبغي ان يتزود منها لغده، ففي يوم الجمعة موعظة ينبغي الإنصات لها، وفي رمضان تربية للجوارح واجتهاد وتبتل، وفي الحج جهد وجهاد واجتماع وتبادل منافع وتشاور.
اللهم اجعل الحج مبرورا، والسعي مشكورا والتجارة رابحة لا تبور يا عزيز يا غفور.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي
عضو الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي عضو جمعية الاقتصاد الإسلامي

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved