عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد,.
فإن نعم الله تعالى وآلائه على عباده كثيرة لا يحصيها عد ولا يحدها حد كما قال سبحانه وتعالى: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها,,, وكما قال: وما بكم من نعمة فمن الله,,, .
ولعل من النعم الظاهرة التي امتن الله بها علينا ما يسره لنا في هذا العصر من وسائل التنقل الحديثة والمتنوعة، التي منها ما يمخر عباب البحار، ومنها ما يحلق في جو السماء.
ومنها ما يقطع البراري والقفار قال تعالى: وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون,,, .
ولعل من أهم وسائل التنقل وأكثرها استخداما وانتشارا السيارات، تلك المراكب التي أصبحت من ضروريات الكثير في هذا العصر، فقل أن تجد رجلا أو عائلة إلا وهي تنعم بما تيسربه من سهولة في الانتقال ومساعدة في قضاء كثير من الأشغال، فلله الحمد والمنة حيث أنعم علينا بهذه المراكب ويسر علينا شراءها بينما عز على كثير من الناس في أصقاع الأرض الانتفاع بها أو تملكها فلله الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
عزيزتي الجزيرة: ندرك جميعا أن السيارات من أجمل النعم ولكن البعض للأسف حولوها من نعمة إلى نقمة وذلك بعدم التقيد بالقواعد المرورية وباستخدام السيارات في غير ما صنعت له كاستخدامها في التفحيط والتطعيس والسباق والدوران في الشوارع ونحو ذلك من الاستخدامات السيئة، ولا شك أن انتشار مثل تلك التصرفات يعطي صورة سيئة للمجتمع الذي تنتشر فيه، كما انه عنوان على عدم المبالاة وقلة الاهتمام وهو في نفس الوقت كفر بنعمة الله تعالىو سبب في زوالها لان النعم إذا شكرت قرّت وإذا كفرت فرّت، ولعلي من خلال منبرنا الرائع (عزيزتي الجزيرة) اتطرق لمناقشة اثنين من تلك التصرفات المشينة التي لا تليق أبدا وهما التفحيط وكثرة الدوران في الشوارع دون هدف، وسيكون الحديث عنهما مفصلا حسب النقاط المهمة التالية:
أولاً: تعتبر ظاهرة التفحيط والدوران في الشوارع من المشاكل التي يعاني منها المواطنون والمجتمع بأسره وذلك لما تسببه من الإيذاء في الأرواح والممتلكات وشدة الزحام والإزعاج ولما يترتب عليها من إهدار الأوقات والأموال بحق من ابتلي بها لذا فلابد من إيجاد الحلول المناسبة للحيلولة دون وقوعها أو على أقل تقدير إيجاد الحلول التي تحد منها بشكل كبير، أما السكوت والاكتفاء بالحوقلة والتأسف والتضجر فإنها لن تحد من هذه المشكلة التي يعاني منها الكثير من المواطنين والمقيمين.
ثانيا: ذكرنا في النقطة الأولى أن ظاهرة التفحيط وكثرة الدوران في الشوارع يترتب عليها ضرر كبير بالأفراد والمجتمعات واتفقنا على ضرورة العمل على إيجاد الحلول المناسبة للحد من تلك المظاهر المشينة، وفي نظري أن المسؤولية هنا مناطة بعدة جهات ولتلافي مثل تلك التصرفات لابد من تضافر الجهود وتكاتف جميع الأطراف، فعلى رجال المرور والأمن الذين كلفوا بتنظيم السير وحفظ الأمن والسهر على راحة المواطنين أن يبذلوا كافة جهودهم للحد من انتشار هذه الظاهرة وذلك بالمتابعة الجادة لكل من تسول له نفسه ممارسة شيء من ذلك وإيقاع أشد العقوبات عليهم وكذا عليهم استدعاء أولياء أمور أولئك الناشئة وتنبيههم بالأضرار والمفاسد التي يسببها أبناؤهم لأنفسهم أولا ولمجتمعهم ثانيا، وفي هذه الحالة وعندما يشعر أولئك الناشئة وأولياء أمورهم بصرامة العقوبات وعدم التهاون في تنفيذها سيكفون عن مثل تلك الممارسات المشينة وذلك أن كل أب سيحذر ابنه من تلك الممارسات وربما هدده باسترجاع السيارة منه إن فعل ذلك أو تكرر منه، والابن بدوره سيحرص على الابتعاد عن ذلك خوفا من ايقاع العقوبة الصارمة عليه وعلى سيارته باحتجازها فترة طويلة وفي نفس الوقت خوفا من ردة فعل أبيه بعد استدعائه من قبل رجال المرور، وهنا أوجه نداء حارا للمسؤولين في إدارة المرور والأمن وعلى رأسهم الفريق أسعد بن عبدالكريم الفريح راجيا منهم متابعة مثل هذه الممارسات الخاطئة والعمل على محاربتها تارة بتواجد سيارات الشرطة الرسمية في مواقع الحدث ومتابعة ذلك علانية وتارة بالمتابعة السرية من خلال السيارات الشخصية التي لا يلحظها ولا يشعر بها المفحطون وهواة الدوران بالشوارع ومن ثم تسجيل أرقامهم ومعرفتهم وبعد ذلك يتم استدعاؤهم في وقت لاحق ومعاقبتهم وبذلك يكون الخوف والحذر ملازما لهم في جميع الأحوال بخلاف الاكتفاء بالسيارات الرسمية للشرطة فإنها لا تمنع التلاعب والتجاوزات إلا عندما تتواجد في موطن الحدث وهذا أمر يصعب وجوده دائما، كما أهمس في أذن رجال الأمن بأن يعاملوا الجميع معاملة واحدة ولا يسمحوا لكائن من كان أن يعبث بأمن هذا البلد ومقدراته ويروع الآمنين، وعليهم أن يعلموا أن العلاقة الشخصية لا مكان لها في ميادين العمل وأن الناس في تطبيق الأنظمة سواسية لا فرق بينهم، فيجب أن ينال كل مقصر عقوبته لتكسب هذه الأنظمة قوتها ويفرض مُصدرها شخصيته واحترامه على الآخرين.
وعلى أولياء أمور هؤلاء الناشئة دور هام في معالجة هذه المشكلة والمساهمة في القضاء عليها أو الحد منها، وذلك من خلال متابعة أبنائهم وعدم تمكينهم من قيادة السيارات ما لم يكونوا أهلا لذلك وما لم يكونوا بحاجة إلى ذلك!! وليعلموا أن تمكين الابن من قيادة السيارة قبل تأهله لذلك يعود عليه بالضرر في نفسه وأخلاقه وفي تحصيله الدراسي وجديته في حياته، كما أن ذلك يضر بالبلد والمجتمع بأكمله.
وللمواطن المخلص دوره في الحد من تلك التصرفات الخاطئة وذلك بالتعاون الجاد مع رجال الأمن والتبليغ عن كل من يخالف قواعد المرور أو يزعج الآمنين ويروعهم بتفحيط أو سرعة أو نحو ذلك، وذلك بعد نصحهم وارشادهم وإبلاغ أولياء أمورهم, وليعلم المواطن أنه رجل الأمن الأول في بلده الآمن.
ثالثا: نعلم أن الدافع الأول لممارسة تلك التصرفات المشينة هو الفراغ الذي يعيشه الشباب والناشئة، لذا فلابد من إيجاد فرص العمل الملائمة لهم ويكون ذلك بإعطائهم دورات مكثفة في الحاسب الآلي والأعمال المهنية ومن ثم زيادة نسبة السعودة في البنوك والمؤسسات الكبرى ونحوها، كما يمكن استغلال فراغ الشباب بافتتاح المراكز وتهيئتها بكل ما تحتاج إليه ليتمكن الشباب من خلالها من ممارسة هواياتهم واستغلال مواهبهم العلمية والفكرية والمهنية والرياضية وغيرها.
إننا بذلك نساهم مساهمة جيدة باحتضان نسبة لا يستهان بها من الشباب والناشئة واستغلال فراغهم بما يعود عليهم بالمنفعة في حياتهم الدينية والدنيوية.
رابعاً: يجب أن يكون للمناهج الدراسية دور فاعل في دراسة القضايا التي تهم الشباب وايجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم ولعل من أهم القضايا التي تتعلق بالطلاب هي قضية السيارات وما يتبعها من سلبيات واستخدامات سيئة، فأين دور المناهج؟ وأين دور المدارس التي تتولى عملية تعليم الطلبة وتربيتهم في آن واحد؟!
أرجو من المسؤولين في قطاعات التعليم الاهتمام بهذه المسائل ودراستها دراسة مستوفية.
خامسا: لرجل الأمن دور هام في حماية المواطن والسهر على راحته واستتباب الأمن في البلد لذا فلابد من الدقة في اختياره بحيث يكون مثقفا متعلما مخلصا على قدر كبير من الأخلاق الحسنة، حتى يؤدي دوره على أكمل وجه ويكون موضع ثقة المواطن عندها سيكون لتواجده أثر اكبر وسيكون لجهوده ثمار اعظم، أما أن تكون الشرطة وظيفة من لا وظيفة له ويدخل فيها من هب ودب فإن ذلك لا يؤتي الثمرة المطلوبة ولا يحقق الفائدة المرجوة، والله أسأل أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد بن محمد البدر
الزلفي