1
فوجئت الفنانة أصالة في أحد لقاءاتها بسؤال من احد المشاهدين يقول فيه: ثمة اتهام موجه اليك وهو انك تستعرضين صوتك على خشبة المسرح؟!
أجابت بدهشة: طبعا لا بد ان أفعل ذلك فما الذي املك استعراضه اكثر اهمية من صوتي، بما أنني مغنية!
تذكرت ذلك (مع بعض الاختلاف) حين سألتني احدى الصديقات العزيزات قائلة يخيل الي من خلال الكتابة تستعرضين ثقافتك! فاجأني هذا الرأي وأدهشني فلم أتوقع يوما ان تكون الثقافة تهمة تحاول التبرؤ منها رغم انها في الوقت ذاته شرف لاتدعيه,,! لكنني أعلم جيدا بأن استشهاد الكاتب بأقوال آخرين لا يعتبر امرا مستهجنا إطلاقا إلا اذا كان يحشد العبارات والكلمات للآخرين هكذا فقط دونما مبرر بحيث يبدو خالي الوفاض الا مما يصادف في طريقه من قراءات,, الذي اعلمه جيدا انني مذ وعيت الطريق الى القراءة وأنا اجد في معظم قراءاتي ان لم يكن جميعها (باستثناء القصص والروايات),, دائما كنت اصادف استشهادات لآخرين كتابا كانوا او شخصيات شهيرة عربية كانت او اجنبية وكنت أجد في قراءتها داخل السطور الكثير من المتعة والفائدة.
والكاتب يلجأ الى مثل هذه الاستشهادات لدعم فكرته وتقويتها وابرازها,, واحيانا قد يوردها لأسباب اخرى اعجابا بها (فقد تعجبه عبارة او بيت شعر) ويود إشراك القراء معه في ذلك,, أما القارىء فلا بد ان يسعد لتلك الإضاءات الخاطفة، فالكاتب يختصر له طريق القراءة ويعرض له الكثير من المعلومات بعد غربلتها وانتقائها.
فكيف بربكم تكون الثقافة استعراضا؟!
2
أعجب كثيرا لأولئك الذين يطالبونك بالكتابة ضمن إطار معين وفي طريق محدد بعينه وتحت سقف متعارف عليه سلفاً,, يحذرونك وينذرونك ان تتخطى او تتجاوز بمعنى ان تكتب وقد وضعت في ذهنك كل الاعتبارات وكل الافكار المضادة كي لا تصطدم بها وكل العيون الرقيبة التي ستغضب منك لو لم ترضها!
اي كتابة تلك وهل يسمى كاتباً من يكتب في ظل هذه الظروف؟!
اذا لم تنطلق الكتابة داخل فضاءات حرة رحبة لا تصبح كتابة وانما تعذيبا وكأنما نطالب الكاتب بالتعبير عن افكاره وهو في حالة التصاق كامل بالجدار المجاور خشية انزلاق قدمه في الطين الذي نتوهمه,,!! ولك ان تتخيل كاتبا يكتب عن امر ما وقد وضع في ذاكرته ان هذا الرأي لا يعجب فلانا وأن ذلك الحديث ضد مصلحة آخر وأن هذه الكلمات لا يحبها احد الاصدقاء او المعارف,, اذاً فما الذي يمكن ان يكتبه بعد ذلك؟ وهل ثمة ما يستحق القراءة لدى مثل هذا الكاتب الذي يمكننا نعته بكل بساطة بتلك العبارة,, كاتب مع وقف التنفيذ .