الضرب مرفوض تربوياً مندل عبدالله القباع |
يرى العديد من المعلمين والآباء والأمهات ان الضرب وسيلة ناجعة لتعديل السلوك, ونحن نقول لا فالضرب مرفوض تربويا, لماذا؟ لأنه يجعل الطفل نتيجة الخوف من الضرب يتظاهر بالانصياع والتبعية وفي استمرار هذه الحالة تكريس للانصياع الاعمى والتبعية المفرطة بلافكر او رأي.
والحقيقة ان طفلاً هذا شأنه ينشأ على أن الاستسلام والخضوع هو الادب وفيه احترام وتقدير للكبار, ونحن نقول لا! فالأدب هو اقتناع مبني على الرأي وتقبل الرأي الآخر والتعبير عن ذلك الاقتناع تعبيرا حرا لايشوبه نقص في القدرات العقلية وليس خاصا للإجبار والتسلط والإكراه,, وعكس ذلك هو الحيدة عن خط السواء السلوكي, ومن المعلوم أن الطاعة العمياء الملزمة للابناء لاينتج عنها سوى القهر والامتثال الوقتي المشوب بالخوف الذي خلفه الضرب او التهديد بالضرب او التهديد بما هو ابعد من ذلك, ولهؤلاء الآباء نقول إن التدعيم المتمثل في المديح والثناء وإظهار الاهتمام، وتقديم المكافأة المادية والمعنوية وغيرها من وسائل التدعيم المختلفة تؤدي بطبيعة الحال الى سلوك اجتماعي سوي ومقبول ومرضي عنه.
هذا التدعيم الذي يوصي به خبراء التربية وعلماء النفس والاجتماع منه ماهو ايجابي مثل الثناء على الطفل مثلا اذا قام بغسل يديه قبل تناول الطعام، او غسل اسنانه ونظفها بعد تناول الطعام، او قام بإنهاء واجباته المدرسية,, الخ ومن التدعيم ماهو سلبي مثل الكف عن ضرب او لوم الطفل عقب ذنب ارتكبه فالتجاهل يعتبر أسلوباً تربوياً حيث التجاهل بالنسبة للسلوك السيىء أما المديح فهو يلاحق السلوك الحسن.
هكذا يتعلم الطفل أن ماقام الوالدان بمديحه هو السلوك المطلوب تكراره وتشربه والتمسك به اما ما قام الوالدان بتجاهله فهو السلوك المطلوب النأي عنه وعدم تكراره او تمثيله حيث انه سلوك غير مرغوب فيه.
إذن هذه هي الادوات المقبولة في التربية: الاهتمام المديح الثناء الاثابة المادية الاثابة المعنوية,, وغيرها من اساليب التدعيم التي يمكن تقديمها للطفل كلما سلك سلوكا مقبولا او لتعديل السلوك غير المرغوب فيه باعتبارها ادوات تربوية ليس من بينها التأنيب واللوم والضرب والتوبيخ الذي يشعر معه الطفل بالمهانة والازدراء.
فالتدعيم الايجابي هو انجح وسيلة تربوية لما له من اثار ايجابية ونتائج ملموسة وسريعة وفاعلة يمكن تلمسها في سلوك الطفل,, من هذا التدعيم الايجابي نذكر اظهار الاهتمام عن طريق الابتسامة للطفل او ايماء الرأس أو عن طريق احكام البصر، او عناق الطفل وتقبيله او ان يربت عليه او الامتثال الفعلي والاذعان لبعض من طلباته المعقولة, كل هذا يقدم للطفل فور قيامه بالسلوك المرغوب فيه دون ارجاء حتى ولو كان لحين حتى لايفقد فاعليته، كما يتوجب على الآباء الالتزام بالوعود التي يقطعونها على انفسهم حيال الطفل، هذا في حالة ما اذا كان الوفاء ببعض الطلبات لايمكن توفيره في الحال لأنه غير متاح القيام بالوفاء به مثال ذلك ان يعد الاب طفله بجائزة معينة سيقدمها له في حالة جده واجتهاده,, في المذاكرة والتزامه في المدرسة ونجاحه.
من قبيل هذا التدعيم نضع بديلا للضرب والايذاء الجسدي والنفسي لماله من نتائج سلبية في نمط الشخصية وتكوينها,, ومن الاساليب البديلة لذلك والتي تعد في نفس الوقت عقابا وهي من قبيل التدعيم السلبي مثل الحرمان من اللعب او الحرمان من الخروج مع الوالد او اخراجه المؤقت من الحجرة هذا الخروج لفترة قصيرة لانهاء الموقف ولإعطاء الطفل فرصة لتقييم سلوكه ومراجعة تصرفه ثم اعادته ومناقشته فيما بدا من سلوك غير مرغوب فيه وكذا الاتفاق على المرغوب والمقبول والوعد بتنفيذه.
وفي هذا الإطار ننصح المعلمين والآباء والامهات بمايلزم اتباعه عند القيام بالعقاب عن طريق التدعيم السلبي السابق التنويه اليه.
اولا: عدم الدخول في حومة الهياج الانفعالي في وجه الطفل، فهذا الهياج يؤدي الى فقدان السيطرة على الموقف تماما وضياع الموضوع.
ثانياً: النأي عن الدخول في دائرة الجدال مع الطفل وتذكيره بتلك الامور التي خرج عليها والتي تعتبر خرقا للقيم والمعايير والاخلاق ولذا فهو يعاقب.
ثالثا: الابتعاد عن تجاهل ما يقدمه الطفل من اعتذار اوتوسلات حتى لايصاب بالتصلب والجمود بل والاستهتار.
يفهم من هذا ان التدعيم الايجابي اقدام والتدعيم السلبي تجاهل ونعني به بطبيعة الحال تجاهل السلوك الذي يقوم به الطفل غير المرغوب فيه شريطة ان يكون سلوكا غير ضار به اوبغيره من الافراد,, ومثال ذلك قد يطلب الطفل طلباً,,واذا لم تتم الاستجابة الفورية له وفي الحال فيلجأ الى البكاء ظنا بأنه وسيلة للاستجابة لتحقيق ما يريده وما يصبو اليه فيقابل هذا السلوك بالتجاهل التام بدلا من اجابته بالضرب,, ويتوجب على الآباء عند استخدامهم لاسلوب التجاهل تجنب النظر للطفل تماما والتواجد معه في مكان واحد، أو مجرد اختلاس النظر له، في نفس الوقت يجب عدم الدخول في جدل وحوار معه، وان يتم التجاهل بشكل فوري عندما يصدر السلوك غير المرغوب فيه من الطفل.
وان كانت هذه الوسائل يراها خبراء التربية وعلم النفس انها اكثر تأثيراً في حياة اطفالنا فهي ايضا تحمل اكبر دليل على ان التربية ليست امرا يسيرا وهينا بل هي مسألة تتطلب الكثير من الوقت والجهد والأعصاب حتى انها تنتج اطفالا اسوياء لديهم القدرة على المضي في طريق النجاح وبلوغ المقصد وخدمة انفسهم ومجتمعهم.
وهذا ما حدا بنا للقول بان الضرب مرفوض مرفوض تربويا لايجاد ودعم الشخصية السوية.
|
|
|