نعم اجتاز العالم بأسره مشكلة الألفية يوم السبت الموافق 1/1/2000م وغنى الجميع باجتياز هذا اليوم وعدم حدوث أي مما تناقلته وسائل الاعلام بمختلف صورها من حدوث كوارث وسقوط طائرات وانقطاع موارد الحياة (الماء والكهرباء) وغيرها من الصور المرعبة التي تم رسمها لسكان العالم، حتى جعلت اهل الارض يعلنون الطوارىء خوفا من القادم المجهول.
ولكن,, هل فعلا نحن اجتزنا الآلفية؟؟! هل نحن متوافقون مع العام 2000؟؟!.
هل اعددنا المجتمع لكي يدخل هذه الالفية بانسجام؟.
لا اعتقد ابدا وهذا رأي شخصي.
التوافق مع الالفية يجب ان يكون في كل شيء وأي شيء، في التربية والتعليم وفي الصحة وفي النظم سواء التشغيلية او التطويرية او حتى الانسانية، وفي اشياء كثيرة تمس الفرد والمجتمع لا ينبغي التغاضي عنها بل يجب اخضاعها لتجربة التوافق.
فما زال المجتمع وخاصة العربي يئن من تردي الوضع التربوي والإنساني فيه، فهنالك ألف والف شعار وشعار، ولكن كل هذه الشعارات تتحطم على صخور الأمية وبعض العادات والتقاليد غير المقننة وعدم التفريق بين الكم والكيف وغيرها من الصخور التي تثقل الكاهل وتوقف نبض التقدم والرقي.
فنحن مجتمع بذل الغالي والنفيس من وقت وجهد في مكافحة ما يسمى بالامية ، وبالفعل تم لنا ما اردنا بحمد الله وتقلصت نسب الامية، وظهرت مباشرة امية القرن (أمية الحاسب الآلي) فمتى سوف نكافحها وما هو الوقت المطلوب لذلك؟ اذاً هي دوامة المكافحات, حتى القطاعات التي تتولى تفعيل هذه التقنية للأسف,, مازالت تغوص في بحار القشور والبعد عن الجوهرة، ونلاحظ ذلك في تطبيق مادة الحاسب الآلي في مدارسنا، فهناك فرق واسع جدا بين ما يدور في الانترنت وبين كتاب الطالب وبين الاجهزة الموجودة والمتوفرة وبين وعي المجتمع بذلك، بالاضافة الى عدم وجود تلك التقنية (ان جازت التسمية) في مدارس الإناث.
وحتى الذين تعاملوا مع الحاسب ودخلوا دوامة القرية الصغيرة الانترنت (الشبكة العنكبوتية) للاسف البعض منهم نحا منحى آخر بعيد عن الفائدة والمردود المعلوماتي والثقافي,, رغم بذل المسئولين جهودا جبارة وعظيمة في سبيل المراقبة,, ولكن هي الحرب.
ولا يجب ان ننكر ان هنالك خطأ في عملية الإعداد التربوي والنفسي للفرد لمواجهة تلك المستجدات فهو يعتبرها سحرا او ما يقرب للخيال، تجذبه في اتجاهها دون اي محاولة تفكير منه, فهو اعتاد على اشياء معينة مثل هذا كتاب, وهذا واجب,, وهذا حفظ,, وهذا الفصل محذوف,, وهذا معمل المدرسة وعليك الانتباه لا تلمس اي شيء فقط شاهد بعينيك,, لا ادري هل هي امور تضحك أم تبكي؟؟! والمشكلة مازالت لجان التطوير تبحث هل العيب في المعلم او في الطالب او في المنهج؟؟ انها عيوب تراكمت وترسبت مع مرور الوقت واصبحت اشبه بحجر اللافا (احجار بركانية متجمدة) عظيمة الحجم صغيرة الوزن، نعم صغيرة الوزن, يجب ان يمسح هؤلاء غبار التعليم التقليدي ويتم الانتقال كيفاً وليس كماً نحو مستقبل مشرق نحن نصنع حضارته, لا يجب أن نتقيد بما يحدث في الصين او اليابان او حتى امريكا وننقله الى هنا الى مجتمع بعيد كل البعد في جميع جوانبه الاجتماعية والروحية والعقلية والنفسية عن تلك المجتمعات, بل يجب أن يكون التغيير من داخل رحم المجتمع حتى تبقى جميع الجوانب الإعدادية والتطبيقية والتقييمية متلائمة ومنسجمة حتى يكون تطبيقا سليما غير مخادع,, ولا مانع من جلب بعض الافكار الخارجية ولكن يجب ان نقوم بتكريرها وتعليبها بصيغة اجتماعية تلبس قالب المجتمع وننفي عنها الصيغة الاجنبية حتى يتقبلها الفرد والمجتمع.
نايف بن إسماعيل العنزي
تبوك الإدارة العامة للتعليم بمنطقة تبوك