اتخذت الدولة السعودية على عاتقها الاهتمام بأمور الحج والحجاج منذ ان قيض الله لهذه البلاد البطل القائد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل فوحّد شملها وثبت اركانها واسس بنيان التقدم والرقي على شرع الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
فبعد ان كان الحاج يذهب الى الديار المقدسة وهو متأكد بان لاعودة فمصيره معروف السلب والنهب هذا ان سلمت روحه من القتل، حتى ان اهله وذويه يودعونه وداعاً لا رجعة فيه، فأصبح الحاج لايفكر في الحج لان مصيره معروف ونهايته حتمية، وكم سمعنا عن قصص خرافية لمايعترض الحاج في تلك العهود الغابرة من عدم الامن والطمأنينة والراحة والخوف على نفسه واهله وماله وراحلته التي كانت عبارة عن ناقة او جمل يتناوب على ركوبها هو واهله حتى يصل مبتغاه ان قدر الله له ذلك.
ودخل عبد العزيز مكة فاتحاً منتصراً وسجد لله شاكراً نعمه وآلاءه واول خطوة بدأها ان ثبت الامن وامر من ينادي في الناس ان من يسرق سوف تقطع يده وان من يقتل سوف يلعب برأسه السيف الاملح وان من يترك متاعه امام منزله او متجره فهو في امان وان من يسير في جزيرة العرب فهو في امان وان من يحج الى بيت الله فهو في امان وتسمع بذلك بلدان العالم الإسلامي وتستبشر بالخير وتضع يدها مع يد هذا البطل الإمام المجاهد ناصر الدين ومعلي كلمة الإسلام.
وتتوافد قوافل الحجيج من كل حدب وصوب ميممة نحو بيت الله الحرام فلقد حل الامن والامان بديار الحرمين الشريفين.
فمنهم من جاء عن طريق البحر ومنهم من جاء عن طريق البر فوجدوا الترحاب والتسهيل من عمال عبد العزيز في كل مرفق يمرون عليه وقلوبهم مطمئنة ونفوسهم مرتاحة فاخذوا يرفعون اكف الضراعة بان ينصر الله هذا الإمام ويجزيه عن امة الاسلام خير الجزاء ويقود الامام جموع الحجيج الى عرفات فيستظلون بظلال الرحمات راجين منه العفو والغفران ,, ويصحبهم ذلك الامام الى مزدلفة في سكينة وامان ومنها الى منى حيث قضوا ايام التشريق في راحة واطمئنان وقد اكملوا شعائر الحج ولم يشعروا بما يعكر صفوهم او يقلق راحتهم,
واخذ الناس يتحدثون بما شاهدوه في ديار الحرمين الشريفين من امن وامان فتعاهدوا على الاسراع لأداء هذه الشعيرة قبل فوات الاوان.
وفاضت روح البطل الى بارئها بعد ان خلف من بعده رجالا عاهدوا على ان يسيروا على نهجه ويقتفوا اثره ولايحيدوا عن دربه الذي رسمه لهم مهما كانت الصعاب ومهما كانت العوائق.
وهاهي عهود الرجال تتحقق وهاهي خدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام تأخذ منهم جل وقتهم وراحتهم فلا يترددون في جلب وتحقيق كل ما يمكّن لهم اداء هذه الشعيرة بيسر وسهولة.
فهذه الخيام المطورة قد غطت مشعر منى ومنعت بعد الله الحرائق التي كانت تقلق الحجاج والمسؤولين وهذه الطرق السريعة الواسعة التي استوعبت اعداداً كبيرة من السيارات وتلك المستشفيات والمستوصفات والمياه الباردة والانفاق والجسور العملاقة والخدمات المتعددة والآليات المسخرة لراحة الحاج والحفاظ على امنه وسلامته.
فأخذ الحاج وكأني به يقول: كيف تمكنت هذه البلاد من جلب التقنيات الحديثة لذا المشعر بين هذه الجبال الشامخة ووسط هذا الوادي السحيق,, انها وربي لهي تحقيق لدعوات رفعها ذلك الامام المجاهد الى رب العزة والجلال فاللهم ارحم عبد العزيز ومن صار على نهجه واقتفى اثره انه ولي ذلك والقادر عليه.
*مدير إدارة التوعية والإعلام المديرية العامة للدفاع المدني