سُنّة حضارية تستقطب الأسماع والأبصار والأفئدة عاما بعد عام، وتقام لها طقوس رسمية واعلامية على مستوى المملكة، ذلك ما يُعرف بأسبوع النظافة ، ومثله أسبوع المرور وأسبوع الشجرة.
ومَن يدري، فقد يمتد هذا التقليد الى مفردات أخرى في قاموس حياتنا المعاصرة، فنقيم للوطن أسبوعاً عرفاناً بفضله، وللوالدين اسبوعاً براً بهما، وللمعلم أسبوعاً تكريماً لبذله، وللمعاق أسبوعاً تضامناً معه!.
***
وقد يحلّق بنا الخيال بعيداً فنُشغل كل أو جل أسابيع العام بمفردات مماثلة,, وتصبح جلُّ أيامنا مهرجانا تتواصل أيامه بلياليه,, احتفاءً بهذا الشأن أو تكريماً لذاك!
***
لكن يبقى في النفس شيء من حتّى مقروناً بسؤال عريض ينتشر في أكثر من اتجاه، فمثلا:
* حتّى متى تقام هذه الأسابيع اذا كانت مشاركة المواطن فيها تقف به عند بوابة السَّمع والبصر متفرجا,, ولا تتجاوزها الى البؤرة المسيّرة لسلوكه المنشود، فتؤثِّر فيه عقلا ووجدانا؟!
* ما قيمة هذه الأسابيع اذا لم يستلهم منها المواطن مواقف تمتزج بذرات سلوكه اليومي، فيتعلّم منها ما يفيده وينفع الوطن؟! ويستلهم من خلالها احساسا يدرأ به الأذى الذي يُسقطه عمدا أو سهوا على رموز التنمية: انسانا وزرعا وجمادا؟
***
* حتّى متى نوقد الشموع احتفاء بهذه المناسبات اذا كانت لا تلامس النبض الوجداني للمواطن، وتتحول داخل جدران ذاته الى منظومة من الأوامر والنواهي يستضيفها عقله، ويحتويها قلبه، ويمليها ضميره، فيحسن التعامل مع نفسه ومع الآخرين ومع شواهد الحس والاحساس مما يربطه بالوطن وأهله؟!
***
* أجل,, كم نحن في حاجة الى أسبوع بل أسابيع,, لتطهير العقول من تلوث القيم! وصيانة الضمائر من تناقض الغايات، وحماية الذمم من حمم الهوى!.
***
* كم نحن في حاجة الى أسبوع بل أسابيع لغسل النفوس من أدران الظلم والحقد والغيبة والنميمة، وما يقاس على ذلك من آفات تنأى ببعضنا عن بعض، وتوغر صدور بعضنا على بعض، وتقسرنا أحيانا أن نظهر للغير ما لا نبطن، تحت شعار الزيف الحضاري والنفاق الاجتماعي,, فنكون بذلك كمن يحسبهم المرء جميعاً,, وقلوبهم شتّى!!.
***
* باختصار، نحتاج الى تقويم شامل وعادل لمنظومة تعاملنا مع كل مظاهر حياتنا مُثُلا بضم الميم والثاء وبشراً ودابة وجماداً!
* وبغير طهارة النفوس،ونقاء الضمائر فلن يكون لنا حق الادعاء بأننا حضاريون منتمون لأنفسنا وللعالم من حولنا، حتَّى ولو أقمنا لهذه الغاية مائة أسبوع,, مائة عام!.
***
* وقفة عيد!
بعد أيام يهلّ عيدُ الأضحى المبارك,, اعاده الله على المسلمين في كل مكان بالخير واليمن والسلام، وكم أتمنى لو استقبلنا هذا العيد,, وكل عيد آتٍ بشفافية خاصة تعيدنا الى صواب المعاني التي يرمز لها هذا الموسم الروحيّ العظيم، فنعلم أنه ليس خروفاً يُنحر، ولا لباساً يُرتدى، ولا ولائم تقام فرحاً، بل هو رمز التضحية في أقدس وأبهى وأدقّ معانيها,, من أهمها الايثار لا الأثرة، والحبُّ لا الحقد، والقناعة لا الحسد!.
متى نستوعب هذه المعاني,, فنختصر المسافات التي تفرّق بيننا,, ونعيش في ظل رحمة الله إخواناً!.
عبدالرحمن بن محمد السدحان