انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة تعدد وتنوع المواسم الشرائية فما أن ينتهي موسم إلا ويبدأ آخر هذا إن لم تتداخل المواسم, فالبداية مثلا مع موسم عودة الطلاب الى المدارس ثم دخول فصل الشتاء ومواسم الأعياد والاجازات والسفر هذا غير مواسم المناسبات الاجتماعية ومواسم التخفيضات, ومن الواضح ان هذه المواسم تعمل على زيادة إنفاق الأسر والأفراد بشكل غير طبيعي ذلك ان هذا هو هدفها الأساسي ليس هذا فحسب بل ان هذه المواسم تولد أحيانا طلبا ليس منشؤه الحاجة وانما الرغبة في الشراء وكون شراء بعض السلع والخدمات نتيجة لهذه المواسم يستدعي شراء سلع وخدمات أخرى مكملة, فعلى سبيل المثال هناك من يقبل على الشراء نتيجة لوجود تخفيضات يظنها المستهلك مغرية فيتوسع في الشراء بشكل مبالغ فيه وكأن التخفيضات لن تتكرر أبدا.
ويأتي تنوع وتعدد مواسم الشراء من تنافس المنتجين والعارضين في استغلال المناسبات المختلفة الاجتماعية والدينية والخاصة وغيرها ومن تفننهم في ابتكار واختراع الأساليب والطرق المختلفة للوصول الى جيوب المستهلكين واستنزافها الى آخر هللة وإيهام الكثيرين منهم بأنهم قد حصلوا على صفقات ليس لها مثيل, هذا في جانب وفي جانب آخر فإن سرعة وقوة تجاوب المستهلكين مع هذه الحملات تسهم في تعددها وتنوعها، يضاف الى ذلك طبيعة الأنماط الاستهلاكية الشائعة في المجتمع والذي يمكن تصنيفه على أنه من المجتمعات الاستهلاكية في غالبه والذي يحب تجربة كل ما هو جديد ولا يقف كثيرا قبل شراء المنتج ليتأكد من مدى حاجته اليه ومدى توافق ثمنه مع الفائدة المتوقع الحصول عليها من اقتناء هذا المنتج, فمن الشائع جدا وجود أشخاص يشترون أجهزة جديدة لأنها من آخر ما نزل الى السوق وليس لأن ما لديهم من أجهزة أصبحت لا تفي بحاجاتهم وتجد من يبحث عن آخر وأرقى المواصفات في جهاز الحاسب على الرغم ان احتياجه للحاسب قد لا يتعدى طباعة بعض الصفحات شهريا أو أن الحاجة اليه تنحصر في التباهي والتفاخر أمام الآخرين باقتنائه لأحدث ما وصل.
وفي هذا الخصوص فإن هناك من الشواهد والدلائل المماثلة والتي تؤيد النظرة بأن مجتمعات الدول النامية عادة ما تسيء استخدام التقنية.
وفي اطار آخر فإن محاكاة الآخرين وتقليدهم في الجوانب الاستهلاكية وفي أسلوب المعيشة أصبحت سلوكا شائعا الأمر الذي يوسع من دائرة الإنفاق الاستهلاكي بشكل كبير, ويدعم هذه الأمور ارتفاع مستويات الدخول وارتفاع نسبة ما يوجه من الدخول نحو الانفاق الاستهلاكي.
والتعامل مع المواسم الشرائية يتطلب قدرا عاليا من الوعي والادراك حتى لا يدخل الفرد في دوامة يصعب الخروج منها ويصبح همه الشراء لأجل الشراء وحتى يستفيد من هذه المواسم بالقدر الذي يخدم حاجاته ولا يتحول الى أداة طيعة بيد المؤسسات والشركات التجارية.
وفي هذا الخصوص أثبتت العديد من الدراسات التي أجريت في الدول المتقدمة وجود مرض ادمان الشراء لدى شريحة لا يستهان بها من أفراد المجتمع في هذه الدول وبخاصة لدى النساء.
ومن المتوقع ان تكون المجتمعات متشابهة الى حد كبير في هذا الجانب, ولذا فإن أسلم طريقة يمكن اتباعها خلال المواسم الشرائية ربط قرار الشراء من عدمه بالحاجة وجودا وعدماً وعدم التعامل مع التخفيضات وكأنها حالة استثنائية كما تصورها المؤسسات والشركات بل هي ستتكرر طالما ان هناك تنافسا بينهم لاجتذاب الزبائن, ولذا فإن الواجب ألا يذهب الشخص للتسوق إلا وهو محدد تماما ما الذي يريده أما ان يذهب لمجرد قراءته أو سماعه لإعلان أو دعاية فهذه بداية المشكلة خاصة مع الأشخاص سريعي التأثر.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة الإمام محمد بن سعود