Monday 13th March,2000 G No.10028الطبعة الاولى الأثنين 7 ,ذو الحجة 1420 العدد 10028



خطرات في شهر ذي الحجة

عشر ذي الحجة
شهر ذي الحجة من اعظم الاشهر الحرم والعشر الأولى منه أعظمه، وفي فضلها جاءت الأحاديثة الكريمة.
وأفضل ايام هذه العشر يوم عرفه، ذلك اليوم الذي يقف فيه حجاج بيت الله الحرام في موقف واحد اضيف إليه هذا اليوم، هذا الذي من لم يحضره، أو شطراً من ليله لم يكن له حج، وفيه جاءت الأحاديث الشريفة وفي العشر الأوائل من ذي الحجة يسن للمسلم وبخاصة غير الحاج صوم أيامها والتكبير والتهليل والتسبيح فيها، فالعبادات فيها مضاعفة تصام فيها تسعة أيام ولا يصام العاشر لكونه يوم العيد ولاصيام فيه بل تبدأ به الأيام التي تسن فيها الأضاحي وللحاج الهدي فيها,
والأصل في الاضحية انها للحي، وتجوز للميت وتجب له اذا أوصى بها.
ونحن متبعون في الأضحية محمداً صلى الله عليه وسلم الذي سنّها اتباعاً لأبيه ابراهيم عليه السلام.
غير أن من الناس في هذا الزمان من يحول اضحيته إلى ذبيحة لحم لا اضحية وذلك بواحد من الفعلين:
أولهما: أن ينتفع بلحمها دون ان يخرج منه ثلثيه كماهي السنة.
والثاني : ان يتصدق بثمنها على أي وجه من وجوه الصدقة.
فهو وان كان مثاباً على صدقته هذه إلا أنه لم يفعل السنّة بالنسبة للأضحية وذلك لنص الحديث الشريف:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله عز وجل من إهراقه الدماء انها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع في الأرض فطيبوا بها نفساً, رواه الترمذي، وزاد رزين: وإن لصاحب الأضحية بكل شعرة حسنة .
وأنا أيدك الله لن أتحدث إليك هنا عن وصف الاضحية ومايطلب فيها وذلك لأن الخطباء والواعظين عادة يشبعون هذا الموضوع في خطبهم ومواعظهم في مثل هذه الأيام المباركة.
أثابنا الله وإياهم وجعل الحق والاخلاص في النصح والارشاد مقصدنا جميعاً ووفقنا فيه إلى الصواب.
ولكني حدثتك وأحدثك عن اشياء قد لاتخطر على بال بعضهم لجدتها في مجتمعنا الحاضر ، يأتيها بعض من يجهلون بعضاً من احكام هذه السنّة، الأضحية.
فمن هؤلاء من يظن أن في جمع الأقرباء على الاضحية مايكفي في فعل السنّة فأين حق الفقراء والاصدقاء والجيران.
إن الامر في حاجة إلى مزيد من التوعية والتنبيه والتذكير لكي يتم لنا فعل السنة على الوجه الذي أمر به نبي هذه الأمة صلوات الله وسلامه عليه.
وأحسب أئمة المساجد ورجال الوعظ والارشاد اول من يطلب منه التوعية بهذا الامر، لا لكونها مسؤوليتهم وحسب، وانما لكونهم المرشحين لذلك قبل غيرهم، وإلا فجميع العلماء مطالبون بذلك، وهو من أهم مسؤولياتهم أعانهم الله على ماهم عنه مسؤولون، واعانهم على اداء هذه المسؤولية الجسيمة التي هم فيها ورثة الانبياء، وأي شرف كهذا, وذلك خير مايتسابق فيه العارفون.
وعلى أي حال فإن الحرص على اداء الفروض والواجبات والمسنونات على النحو الذي وردت به عن امام هذه الامة محمد صلى الله عليه وسلم.
هو مما يجب ان يحرص عليه كل مسلم ليتحقق به الأداء والهدف المقصود منها تعبدي واجتماعي، وهذا مما لا خيار فيه لنا.
والانحرافات التي تجتاح مجتمعنا الاسلامي في هذا الزمن تعمل على ابتداع تفسيرات ضالة لكثير من مسائل الدين الحنيف، الأمر الذي يملي علينا مزيداً من الحرص، ومزيداً من الحيطة، ومزيداً من الدقة والاحتراز من التفريط والإفراط، وهو مايكون تهديداً للسلوك الاسلامي السليم، فهل ادركنا خطورة هذه الاتجاهات الضالة على سلوكياتنا الاسلامية، وهل عملنا شيئاً من اجل حماية مجتمعاتنا منها.
لاجدال في ان العمل قائم ومتصل، ولكن المزيد مطلب ملح، لكن الاعداء صاروا يجندون أبناءجلدتنا لمحاربتنا، وهذا اخطر من المواجهة المكشوفة، فلنتنبه لمايحاك لنا من مكائد وخدع، والله المعين وهو الهادي إلى سواء السبيل.
الحج:
حجوا قبل ألا تحجوا
هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم محذراً من التهاون والتراخي في اداء هذه الفريضة التي هي الركن الخامس من اركان الاسلام كما ورد في اكثر من حديث عن المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن ابيه (عمر بن خطاب) رضي الله عنه قال: (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا احد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يامحمد أخبرني عن الإسلام قال: الإسلام ان تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً قال: صدقت, فعجبنا له يسأله ويصدقه), الحديث.
ولقد أمر الله تبارك وتعالى بالحج في قوله من سورة آل عمران ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً الآية (97).
وعدم الاستطاعة مثل ما يكون في انعدام الأمن الذي دفعه الله عن المسلمين في هذه البلاد بعمل الملك عبدالعزيز رحمه الله ثم من خلفه من أبنائه، يكون كذلك في اسباب اخرى مثل المرض والهرم والفقر وما إلى ذلك من الموانع التي قد تعتري حياة الانسان أنجانا الله وإياكم من كل ذلك.
وللحج آداب أوجزها الباري سبحانه وتعالى في قوله من سورة البقرة وأتموا الحج والعمرة لله فإن احصرتم فما استيسر من الهدي ولاتحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أونسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعةٍ اذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب، ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم، فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق، ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب , الآيات 196 الى 202.
وهذا الحج الذي هو احد أركان الاسلام الخمسة فرضه الله على المسلم مرة واحدة في العمر، وذلك لما فيه من صعوبات بدنية ومادية، وان كانت المعاناة فيه مهما تيسرت سبله قائمة فسبحان العالم بما كان وماهو كائن وما سيكون، (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) الآية 3 سورة سبأ, ولكن هذه الصعوبات التي تتجدد مع تجدد الاصلاحات والتسهيلات هي من نعمة الله على الحاج، أولاً: لكونه يثاب عليها، وثانياً: لماتخلفه من أثر نفسي يظل الانسان يسعد بتذكره.
طويت المسافات بالسيارات والطائرات فنشأت مشكلات منها إقبال الناس على الحج، فبعد ما كانوا يعدون بالمئات، صاروا يعدون بالملايين، فنشأت مشكلات المروروالزحام في المشاعر والطرقات وسائر المواضع على الرغم مما تبذله المملكة العربية السعودية من مجهودات جبارة، وأموال طائلة على التوسعات والخدمات، وطاقات بشرية مجندة لخدمة حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وما يتصل بهما، ومايوصل إليهما ومنهما، ومايبذل لهؤلاء الحجاج من خدمات يحسها غير الحاج، ولكن الحاج يعيشها فيحسها اكثر لكونه هو المستفيد منها والممارس لها محتاج إليها.
وهنا ينشأ هذا السؤال، وهو، مادام هذاحاصل فعلاً فلماذا يصر القادرون على الحج في كل عام، اوحتى عاماً بعد عام على الحج.
بل لماذا لانكتفي بحجة واحدة مادام الفرض في الشرع هكذا، وبذلك نسهم في تخفيف ازمة الزحام، وسوف يكون لنا في ذلك اجر اذا نحن نوينا بذلك التخفيف على اخواننا المسلمين.
ان مما يؤسف له أن في الناس من يأخذ الحج والعمرة فسحة أو تجارة او تباهيا وهو، أعني الحج، لم يشرع لمثل هذا، وانما أبيح البيع والشراء لمن كان قصده الحج.
ان كثيرا من الضعاف جسمياً صارو يتهيبون الحج لما فيه من شدة الزحام، فإذا نحن اسهمنا في تخفيف هذا الزحام كنا كمن يتيح الفرضة لمثل هؤلاء، بل إننا نكون كذلك فعلاً.
وما يقال في الحج يقال كذلك في العمرة في رمضان هذه التي ماثل اوفاق الزحام فيها الزحام في الحج.
لقد بذلت الدولة السعودية كل مايمكن ان يبذل، وبقي دور المسلمين في جميع البلاد الاسلامية، بقي دورهم في تفهم هذا الوضع والتصرف على ضوء ما يمليه هذا الوضع الذي لم يحدث مثله في التاريخ الاسلامي، بل ولا في التاريخ البشري على اختلاف تجمعات ملله وأديانه ومناسباته الدينية وغير الدينية.
ان الحج عبادة، وإن الزحام قد يوقع الانسان في شيء من الحرج حيناً، فيسيء إلى غيره لاعن قصد وتعمد، ولكن الظروف تلجئه إلىذلك، وقد يأثم في شيء من هذا، والله سبحانه وتعالى قد جعلنا في حل من ذلك بأن فرض الحج مرة واحدة في العمر، فلماذا نلجأ انفسنا الى ماقد نوقع انفسنا فيه من حرج.
اما اولئك الذين لم يحجوا فإن عليهم اغتنام فرض الصحة والقدرة والأمن، لينجوا بأنفسهم من خطر التفريط والتسويف والتعرض لخطر العقبات الأليم بسبب ترك هذا الركن العظيم من اركان الاسلام، (حج بيت الله الحرام).
إجازات عيد الأضحى
من الطبعي ان يكون مثل هذا الحديث موجهاً إلى أبنائنا الطلبة لسببين :اولهما: ان نهاية العام الدراسي تدنو شيئاً فشيئاً، والثاني: أن من كبار الطلاب من يذهب الى الحج وان كان قد ادى الفريضة، وهذه مسألة تحدثنا عنها سلفاً ولكننا نذكر الطالب هنا بأمرين: اولهما: انه في طلبه العلم مثاب ثواباً عظيماً اذا قصد بطلبه العلم وجه الله، وهذا ما يجب أن يكون عليه طالب العلم أياً كان، وهل أعظم من كون الملائكة تضع اجنحتها لطالب العلم لشرف ما يطلب، وهو ما جاء به الحديث الشريف عن امام هذه الامة محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك في احاديث كثيرة منها قوله: (عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقاً يطلب به علماً سلك به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع اجنحتها رضى لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الارض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورثوا العلم فمن اخذه أخذ بحظ وافر, رواه الأربعة واحمد).
(وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع, رواه البزار والطبراني في الاوسط والحاكم).
وثاني الأمرين مايكفله له الاقبال على المذاكرة في هذه الاجازة من نجاح بإذن الله وهو ما يأمله في دراسته ويترقبه بكل لهفة وتوتر في آخر العام.
إن الإجازة لاتعني ان ينصرف الطالب عن دروسه إلى راحة او أسفار او أي اعمال اخرى.
وإنما الاجازة فرصة لسيتدرك فيها ماقد يكون فاته من تحصيل علمي يكون سلاحاً له في الامتحان وفي مستقبله ايضاً، وأحسب هذا الاخير هو الأهم بعد ثواب الله.
أنا لا اريد ان ازيد من رهبة الامتحان التي هي من التفكير الخاطىء عند الطالب لأنه اذا كان قد أدى واجب المذاكرة فلاخوف عليه، وحتى لوكان ذلك أعني الخوف فهل يجديه ذلك شيئا إلا أن يسيطر عليه القلق الذي يفسد عليه امره، وربما أنساه مايمكن ان يتذكره اذا لم يسيطر عليه الخوف.
د,محمد بن سعد بن حسين

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved