Sunday 12th March,2000 G No.10027الطبعة الاولى الأحد 6 ,ذو الحجة 1420 العدد 10027



عين الحسود فيها عود !!
الشيخ العثمان: الحسد أصل كل شر وسبب كل بلوى ولكن لابد أن نبتعد عن التوهم بإصابتنا بالعين

تحقيق:بدر الزير
الحسد تلك العادة او الظاهرة السيئة التي كانت معروفة منذ القدم وليست الوليدة الجديدة وهي كما هو معروف تمني زوال نعمة الغير , والحسد موضوع ذو أهمية كبيرة وهو مادعانا ان نجري حوله هذا التحقيق خاصة بعد انتشاره بكثرة في وقتنا الحاضر والذي لم يعد بين الأباعد فقط وإنما اصبح بين الاقارب حتى وصل بين الإخوان، فتجد البعض يحسد أخيه على منزله الجديد او سيارة جديدة اشتراها أو أي شيء ما وهذا يدل على ضعف الايمان في قلوب اولئك الضعفاء أهل الحسد وللحسد أسباب كثيرة حيث المباهاة والتفاخر,, ولمزيد من إلقاء الضوء على هذا الموضوع كانت هذه اللقاءات.
بدأنا لقاءاتنا مع المواطن محمد بن عبدالله العتيق حيث قال: الحسد ظاهرة ليست بالجديدة والحسد كما هو معروف تمني زوال نعمة الغير والشيء الذي جعلني فعلاً اتحدث اليكم هو مالاحظته من انتشار هذه الظاهرة والأغرب من هذا انها انتشرت حتى بين الأقارب والأرحام علماً بأننا اصبحنا في وقت لم يعد نرى الجاهل حيث اصبح كل شيء واضحا لدينا والسبب الذي ساعد على انتشار الحسد هو ضعف الايمان لدى البعض حيث تجد الواحد منهم عندما يرى شيئاً جميلاً لايذكر اسم الله والشخص الذي يجعل الله بين ناظريه لا اظنه يقوم بالحسد وتخيل معي بان احد اصحاب المحلات وهو زميل لي وبما انني صاحب محل عقار عندما قمت بتأجير بيت لشخص ما بحدود عشرة آلاف ريال زعل مني زميلي ولم يعد يزورني وليس هذا فقط وانما اصبح يعيبني عند أي شخص يشاهده
أسباب تفشي الظاهرة
ثم التقينا بالمواطن ضيدان الحميدي الدهلاوي الذي قال الحسد كما هو معروف موجود منذ القدم حتى من قبل الإسلام ولا ننسى بان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لو ان هناك شيئا يسبق القدر لسبقته العين والرسول صلى الله عليه وسلم حث الناس بأن يرقوا أنفسهم بالقرآن والأوراد الصباحية والمسائية لحفظهم من الحسد وأما الأسباب التي ساعدت على انتشار الحسد فهي كثيرة ومنها: أولاً: ضعف الإيمان وهذا الأهم والثاني : الفراغ عند البعض حيث تجد الكثير لايعرف كيف يقضي بقية يومه إلا بمشاهدة الاقارب والجيران ومراقبة ماوراءهم وماهو عندهم وثالثاً: الاحساس بالنقص حيث ان كثيرا من الناس يظن انه تنقصه أشياء رغم ان الله مغنيه من خيره ونعمه وفي وقتنا الحاضر قلما تجد شخصا يذكر الله عندما يرى أخاه او جاره حاصلا على حاجة جديدة وإنما تجده منزعجا ومن الاشياء التي ساعدت على انتشار الحسد النساء وطريقة تبادلهن الأخبار حيث ان الكثير منهن يكذبن والباقيات يصدقن هذه الكذبة ومن الأسباب التي ساعدت على انتشار الحسد ايضاً المباهاة والتفاخر حيث تجد البعض يظهر مايملك ويتفاخر به وهو قد لايعلم بان غروره هذا قد يكون ضرراً عليه.
الحسد غير الغبطة
أما عبدالرحمن الراشد فتحدث إلينا قائلاً: يعتبر الحسد من أشد آفات العصر وهو ظاهرة غير اجتماعية يسبب الفرقة بين الأهل والأقارب وعامة المجتمع وقد وردت عدة أحاديث في كراهية الحسد لأنه يمحق البركة والحسد لايكون إلا في اثنتين الحسد المذموم وهو تمني زوال النعمة من الغير والحسد المباح الغبطة وهو تمني مثل ما عند الغير ولا يتمنى زواله, وفي وقتنا الحاضر انتشر الحسد انتشاراً كبيراً على الرغم من النعمة التي نحن فيها من خير وأمن وأمان ومع كثرة هذا الانتشار للحسد اصبح الواحد منا يتوهم بأنه محسود من كثرة مايسمع من ان فلانا حُسد وهذا حسد واخيراً ادعو الله سبحانه وتعالى بان يبعد الحسد والبغضاء عن قلوب المسلمين.
كما التقينا بالمواطن محمد الصقر فقال: الحسد هو أول معصية عندما عصى أبليس عليه لعنة الله ربه لأنه حسد أبانا آدم عليه الصلاة والسلام وياللأسف في هذه الايام كثر الحسد والحقد بيننا ونحن إخوة مسلمين نعرف الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وابعد من ذلك انه صار الحسد والحقد بين الاقارب والاخوة الأشقاء لذلك ارجو من الله أن يبتعد اخواني المسلمون عن هذه المعصية المحرمة في ديننا الحنيف وليكن بيننا الألفة والمحبة الخالصة لله عز وجل لنكون فعلاً مسلمين قولاً وعملاً.
كما التقينا بالمواطن حمد ورثان فقال: الحسد امره عظيم جداً لانه تفشى بين المجتمعات في القديم والحاضر ان الحسد في قلب الحاسد قد يقل وقد يزداد ولذلك أسباب منها: المجاورة والمخالطة سواء في المعاشرة المنزلية او في الرواتب او الكوادر او غير ذلك فترى التاجر يحسد التاجر على نفس السلعة التي يتاجر بها ويتمنى زوال النعمة التي عنده حتى يفوز بالمكسب من اجل حب الدنيا واما في المعاشرة المنزلية ترى الزوجة تحسد أم زوجها حماتها لأنها ترى انها تأخذ قسطاً من حنان زوجها وأخيراً نقول: لو ان كل انسان اخلص نيته لله عز وجل واحتذى بخلقه خلق النبي صلى الله عليه وسلم لكان خيراً له من البغض والعداوة كما نسأل الله عز وجل بان يكفينا شر الحاسد والحسد.
حكم الحسد
وعن الحسد وتعريفه وأسبابه وعلاجه كان معنا فضيلة الشيخ عثمان بن ناصر العثمان رئيس هيئات مدينة الرياض فقال: ان للشيطان على العبد مداخل كثيرة، ومن تلك المداخل مدخل تمكن الشيطان من ان يصطاد به عدداً غير قليل من الناس، وذلك هو الحسد، تلك اللآفة التي توغر الصدور، وتورث العداوة، والبغضاء والشحناء في نفوس اصحابها، تنغص حياتهم، وتقض مضاجعهم لما رأوا نعم الله تترى يتفضل بها على من شاء من عباده أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً فمنهم من آمن به ومنهم من صدّ عنه وكفى بجهنم سعيراً
الحسد أصل كل شر وسبب كل بلية نار متأججة وجمرة متقدة في الفؤاد، تحرق كبد صاحبها حينما يرى نعم الله تساق للعباد، انه مرض خبيث وداء عضال يقضي على الفضائل ويلتهم الحسنات ، وقد انزل الله تعالى سورة في القرآن الكريم جعلها عوذةً لخلقه من صنوف الشر، فلما انتهى الى الحسد جعله خاتماً اذا لم يكن بعده في الشر نهاية.
ومما جاء في ذمة والحذر منه:
* الحسد صفة من صفات اليهود كما ذكر الله ذلك في مواضع من كتابه حيث حسدوا النبي محمداً صلى الله عليه وسلم على مافضله الله به، وحسدوا أمة الإسلام على ما منَّ الله بها من الهداية والإيمان قال تعالى: ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيّن لهم الحق
* ان الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يستعيذ به من شر حاسد إذا حسد.
* قول النبي صلى الله عليه وسلم: ,,, ولاتحاسدوا متفق عليه.
* وقال صلى الله عليه وسلم: دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء رواه الإمام أحمد والترمذي.
* وروىأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، او قال: العشب .
والحسد المذموم المذكور في النصوص السابقة والذي حذّر منه الشارع هو تمني الانسان ان يحوّل الله إليه نعمة الآخر، او فضيلته، ويسلبها منه هذا هو المذموم، واما ان يتمنى النعمة لنفسه من غير ان تزول عن صاحبها فتسمى الغبطة، فإن كانت في امور الدنيا فمباح، وان كانت في امور الآخرة فمحمودة، لأنها منافسة في الخير.
دواعي الحسد
ومن الدواعي للحسد بغض المحسود، فيحزن ان ظهرت نعمة على المحسود وان يظهر من المحسود فضل يعجز عنه، فيكره تقدمه فيه، واختصاصه به.
وان يكون في الحاسد شح بالفضائل وبخل بالنعم، وليست إليه فيمنع منها، ولا بيده فيدفع عنها.
ومما يدل على قبح الحسد وشناعته، ودناءة الحاسد ما يترتب على حسد من آثار واضرار ومحاذير، تؤدي به إلى المهالك، وبحسب الحاسد قبحاً انه معترض على الله وحكمته وقضائه، فلا ترضيه تصاريف القضاء، وتقاسيم الارزاق.
ومن آثار الحسد: انه يورث البغضاء بين الناس، لان الحاسد يبغض المحسود، والتباغض منهي عنه في الشرع,ومن اضرار الحسد: انه يحمل الحاسد على محاولة إزالة النعمة عن المحسود بأي طريق ولو بقتله، كما في قصة ابني آدم.
ومن اضراره: انه يمنع الحاسد من قبول الحق اذا جاءه عن طريق المحسود، وانه يحمل الحاسد على الوقوع في الغيبة والنميمة، وانه يذهب بحسناته وأعماله كما تأكل النار الحطب, الى غيره من الاضرار التي ترجع الى الحاسد والمحسود وعلى المجتمع وعلى من وقع في هذا المرض عليه بتقوى الله تعالى واستشعار عظمته وان يتوب الى ربه عز وجل، وان يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم:لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع وان يسأل الله من فضله، كما في قول الباري عز وجل: ولا تتمنوا مافضّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً .
وهناك اسباب عشرة ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله تعيذ المحسود من شر الحسد والحاسد والعين والسحر استنبطها من النصوص الشرعية، تقي بإذن الله عز وجل المسلم من شرور كثيرة، وهي:
1 التعوذ بالله من شر الحاسد وحسده والتحصن به واللجو إليه.
2 تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه.
3 الصبر على عدوه، وألا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه اصلاً.
4 التوكل على الله، فمن توكل على الله فهو حسبه.
5 فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه أي من الحسد والحاسد.
6 الإقبال على الله والاخلاص له، وجعل محبته وترضيه والانابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها.
7 تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداؤه، فإن الله تعالى قال: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم .
8 الصدقة والتوبة ما أمكنه.
9 وهو من اصعبها على النفوس، وهو طفء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه,10 وهو الجامع لذلك كله وهو: تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب الى المسبب العزيز الحكيم، وانه لاضار ولا نافع إلا هو، وانه لايقع شيء إلا بإذنه تعالى,وهناك من يتوهم انه مصاب بالعين، او انه مسحور، او يتوهم انه محسود، ويبني آراءه في الناس على توهمات، وظنون، والله عز وجل نهانا عن الظن السيىء بالناس: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم
فلا ينبغي للمسلم ان يكثر من الوساوس والتوهمات لأنها في حد ذاتها مرض يحتاج إلى علاج فكيف اذا ترتبت عليها احكام على الناس، واتهامهم، وحصول البغضاء والمشاحنات، وكلها مبنية على غير أساس، على المسلم ان يتقي الله، ويأخذ بالأسباب ،
ويسعى في الأرض ويتوكل على الحي الذي لايموت
,والله أسال ان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وان يصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا انه سميع مجيب.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

نوافذ تسويقية

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved