** قرأت أكثر من لقاء صحفي مع عدد من المسئولين القدامى الذين تركوا العمل,, وقد أعجبني ذلك السؤال الذي يوجه عن أصدقاء المنصب,, كما أعجبني شجاعة بعضهم ووضوحهم وصراحتهم في الإجابة,, عندما اعترفوا بالفعل,, أن هناك أصدقاء جاءوا واقتربوا من أجل المنصب وليس من أجل الشخص,, وبعد ترك المنصب,, ذهبوا في يوم وليلة,, بل في ساعة أو أقل,, وقد يقابلهم هذا الشخص مرة أخرى وكأنهم لايعرفونه.
** هذه النوعية الرديئة من البشر رغم قلّتها بفضل الله,, إلا أنها مع الأسف موجودة,, فمتى تولى أحد الأشخاص أي منصب أو موقع مؤثر وفعّال,, وله علاقة بالناس,, جاءه أصدقاء المنصب واقتربوا منه,, ثم بدأوا بالعزائم والمفاطيح,, ثم انتقلوا الى الزيارات المستمرة وشرب قهوة وشاي مع هذا الشخص,, ثم استمرت الصداقة حتى يقال,, إن فلاناً ترك موقعه,, وعندها,, يتركون هذا الشخص مرة واحدة وبدون أدنى مقدمات,, لأن المصلحة زالت بزوال الموقع.
** بل إن هناك من هم أسوأ منهم,, وأقل منهم حياءً,, وهم أولئك الاشخاص الذين لو عاد هذا الشخص إلى موقع قيادي آخر,, لعادوا بعد انقطاع,, ومارسوا نفس البذاءة,, وحاولوا إعادة الأمور إلى مجاريها رغم أنف هذا الشخص,, واختلقوا الأعذار المضحكة الواهية لغيابهم طوال فترة تركه للعمل,, وإذا ترك الموقع مرة ثانية,, تركوه,, ولو عاد ثالثة لعادوا,, وعندما يترك الموقع سيتركونه وهكذا,, فالوجه,, مغسول بمَرَق .
** هذا الصنف من البشر,, لايعرف الذوق ولا الأدب ولا الشيم,.
** الحياة في نظره,, كلها مصالح فقط,, وليس في قاموسه شيءٌ اسمه خلق أو مبدأ,, بل مصلحة وبس.
** حتى علاقة هؤلاء مع أقاربهم ومَن حولهم,, كلها مصالح,, فقد تجد له قريباً مسئولاً,,,, وتجده من أقرب الناس له,, متعذراً بالقرابة,, مع ان له شقيقا أو شقيقة في أمسّ الحاجة له ولايلتفت لهم,, ولايعرف أي شيء عنهم.
** وأصدقاء المناصب,, هم أولئك الذين يتوافدون على الشخص لحظة تعيينه وهو لايعرفهم,, من أجل أن يعزموه أو يكرموه ,, وكل هذه العزائم,, وهذا التكريم,, للمنصب والموقع والمصلحة,, وليس لشخصه,, بدليل أنه لو ترك المنصب لما سلموا عليه حتى مجرد السلام,, ولو سلم عليهم,, لترددوا قبل ان يردوا عليه.
** إن أبرز صفات أصدقاء المنصب,, أنهم لايستحون ولايخجلون,, وليس في قاموسهم شيءٌ من ذلك,, بل لو ناقشهم أحد في ذلك,, لاعترفوا بكل شيء.
|