* القاهرة مكتب الجزيرة عبدالسلام لملوم
تبذل سلطات الامن الامريكية حالياً جهوداً مكثفة بحثاً عن قرصان يحمل الاسم الحركي كوليو بتهمة الاختراق والتخريب المتعمد لعدة مواقع تجارية واخبارية على شبكة الانترنت.
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي قد تلقى مؤخراً معلومات مفادها ان (قرصانا) يدعى (كوليو) هو المسؤول عن الهجوم الكبير الذي تعرضت له شبكة الانترنت الشهر الماضي واسفر عن تعطيل عدة مواقع مهمة من بينها موقع ياهوو وموقع امازون وموقع آي باي وشبكة سي ان ان الاخبارية بالاضافة الى بعض المواقع الخاصة بحسابات الادخار القومية الامريكية, وهو مادفع الرئيس الامريكي بيل كلينتون الى التدخل بصورة شخصية واصدر اوامره بضرورة مراجعة إجراءات وبرامج الحماية على الشبكة وتواجه التحقيقات صعوبات شديدة في تحديد هوية المدعو (كوليو) والتعرف على شخصيته الحقيقية تمهيدياً لاعتقاله.
وقال متحدث باسم المباحث الفيدرالية ان التحقيقات في هذه القضية دخلت في نفق مظلم تماماً وقد نكتشف في نهاية الامر اننا نطارد شبحاً اسمه (كوليو) خاصة ان هناك آلافا يستخدمون هذا الاسم على شبكة الانترنت وعلينا ان نحدد شخصية القرصان المسئول عن الهجوم من بين هؤلاء وهي مسألة تبدو في غاية الصعوبة لكننا لانريد ان نقول انها مستحيلة.
وكانت المباحث الفيدرالية قد اعتقلت الاسبوع الماضي صبياً يدعى (دينيس موران) في السابعة عشرة من عمره ويحمل نفس الاسم الحركي (كوليو) بعد ان ابلغ عنه زملاؤه انه متورط في الهجوم الكبير الذي تعرضت له شبكة الانترنت.
واعترف دينيس بانه قام بعمليات قرصنة ضد ثلاثة مواقع وهي Dare-org وwcw.gov وRsa.com واحدث بها بعض التلفيات لكنه انكر تماماً اشتراكه وتورطه في الهجوم الاخير.
كما اعترف دينيس ايضاً بانه شارك في عمليات قرصنة ضد مواقع بعض الجامعات الامريكيةوقال انه كان يمزح فقط عندما ابلغ اصدقاءه بمشاركته في الهجوم الكبير على الشبكة ولم يتصور مطلقاً انهم سيقومون بإبلاغ المباحث الفيدرالية ضده.
وفي ديسمبر الماضي قام (دينيس) باختراق موقع Dare.org المناهضة لتعاطي المخدرات واحدث به تلفيات كبيرة وترك رسالة تقول (ان المخدرات حقيقة ممتازة) ووضع معها صورة لفار يتعاطى الماريجوانا وفي الهجوم الثاني وضع صورة للشخصية كرتونية تتعاطى المخدرات عن طريق الحقن ومعها ملف صوتي لاحد الافلام الجنسية.
وقام (دينيس) بمهاجمة موقع wcw.gov وهو موقع خاص بقواعد وقوانين تصدير المواد الكيماوية ودمر محتوياته ووضع بدلاً منها صوراً اباحية ومعها رسالة بذيئة.
كما هاجم الصبي ودينيس ايضاً موقعاً لشركة RSA للخدمات الامنية وقام بنقل محتوياته الى موقع آخر تابع لاحدى الجامعات في جنوب الولايات المتحدة الامريكية وترك رسالة تقول ضع ثقتك فينا وكوليو .
وكانت المباحث الفيدرالية الامريكية قد اقتحمت منزل دينيس وعثرت على مجموعة من اجهزة الكمبيوتر والمحركات الصلبةوالاقراص والبرامج وقامت بمصادرتها بعد اعترافه بانه كان يستخدمها في عمليات القرصنة.
واعترف والد دينيس بانه لايعلم شيئاً عما كان يفعله ابنه على جهاز الكمبيوتر الخاص به مشيراً الى انه كلما دخل حجرة ابنه يقوم الاخير بإغلاق شاشة الكمبيوتر لكن هذا الامر لم يثر انتباهه ابداً.
ويواجه دينيس عدة تهم بالقرصنة والتخريب المتعمد في عدة مدن امريكية منها نيوهامبشير وكاليفورنيا ولوس انجلوس وفي حالة ادانته سيتعرض لعقوبة السجن لمدة لاتقل عن 15 عاماً في احدى دور رعاية الاحداث اضافة الى غرامة مالية لا تقل عن 4 آلاف دولار.
من ناحيته اعلن ميتشيل ديلاني مساعد المدعي العام في نيوهامبشير ان السلطات الفيدرالية لم تتوصل الى اي دليل يؤكد مشاركة دينيس في الهجوم الكبير الذي استهدف شبكة الانترنت مشيراً الى ان الاسلوب الذي يستخدمه دينيس يختلف تماماً عن الطريقة التي تم بها الهجوم من خلال اغراق المواقع المقصودة بطوفان من الرسائل والبيانات بهدف شل حركتها وتعطيل امكانية الدخول اليها دون احداث تلفيات بها على عكس اسلوب دينيس الذي يعتمد على تخريب محتويات الموقع.
واشار ديلاني الى ان المباحث الفيدرالية اعتقلت شخصاً آخر يحمل اسم (كوليو) من ولاية كاليفورنيا وهو عضو في جماعة الهاكرز التي تطلق على نفسها اسم جماعة الجحيم الدولية (Global Hell) لكنه انكر تورطه في الهجوم الاخير رغم اعترافه بالمشاركة في عمليات قرصنة ضد مواقع خاصة بالبيت الابيض ووزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون).
واعترف ديلاني ان سلطات الامن والمحققين يدورون في حلقة مفرغة بحثاً عن المدعو (كوليو).
وتشارك عدة جهات امنية امريكية في عمليات التحقيق والمطاردة منها مكتب التحقيقات الفيدرالي وهيئة الامن القومي الامريكي ومكتب المدعي العام وشرطة مكافحة جرائم الكمبيوتر خاصة بعد امتداد عمليات القرصنة والتدمير الى موقع الحسابات الادخارية القومية التي تمول برامج المعاشات والعلاج والتأمينات لكبار السن والموظفين المتقاعدين.
واكتشفت جهات التحقيق ان بعض هذه الحسابات تعرضت للقرصنة والإلغاء بعد سرقة الارصدة النقدية المودعة بها.
وفي محاولة جدية لمواجهة وباء القرصنة اعلنت شركة مايكروسوفت عن تقديم منحة مالية قدرها 350 الف دولار لتمويل الابحاث التي تجريها جامعتا كاليفورنيا وفيرجينيا لابتكار وسائل جديدة تساهم في الحد من عمليات القرصنة.
وقال بوب هيرالد احد كبار مسئولي مايكروسوفت ان الشركة تسعى الى تشجيع الجامعات للمساهمة في التصدي لهذا الخطر الذي يهدد بالقضاء على المزايا التي اتاحتها شبكة الانترنت.
واكد هوارد شميث المدير العام بالشركة ان اكثر من 150 شركة ومؤسسة امريكية معنية بشبكة الانترنت قررت تشكيل اتحاد فيما بينها بهدف تبادل المعلومات والابحاث مع الجهات الحكومية المسؤولة عن مواجهة عمليات القرصنة.
واعترف شميث امام اللجنة القضائية بمجلس النواب الامريكي بأن هناك قصوراً واضحاً في اجراءات الحماية على الشبكة ولابد من اعادة النظر فيها وتصميم برامج جديدة تتميز بالكفاءة والفاعلية قبل ان تتحول عمليات القرصنة الى كارثة قومية وعالمية.