Sunday 12th March,2000 G No.10027الطبعة الاولى الأحد 6 ,ذو الحجة 1420 العدد 10027



المختفي من حياة
إبراهيم عبدالقادر المازني

أنا واحد من المحبين لأدب المازني في أسلوبه الساخر الرصين وقد كتبت عنه في أكثر من جانب في الزاوية التي كتبتها لسنوات عدة في هذه الصحيفة الغراء ولعل هناك الكثير لايعرف عن المختفي من حياة المازني وسيرته الذاتية لقد واجه المازني الحياة وهو طفل صغير إذ رحل والده عن الحياة وهو ما فتىء صغيراً وقامت والدته على تربيته وادرك ماكانت تعانيه امه في سبيل التربية فتحمل معها المسئولية بصبر وشجاعة فكان لايحمّلها فوق طاقتها تمنحه مصروفه اليومي فيأخذه ثم يرده إليها كلاماً في نهاية كل أسبوع، تقدم له كل يوم ثلاث وجبات من الطعام فيكتفي بوجبتين فقط، تشتري له بدلتين فيستعمل واحدة فلما اصبح قادراً على مواجهة الحياة حمل أمه على كتفه كما يقولون واصبح باراً بها وكان المازني رب اسرة متميزة فهو عاش لأبنائه وزوجته كان يكافح ليسعدهم ويتعب ليريحهم وقد جاهد في حياته ليعيش وتعيش أسرته.
كان واحداً من الدرعميين إذ تخرج عام 1909 وعمل بالتدريس وكان من زملاء عباس محمود العقاد وأحمد حسن الزيات ثم هجر التدريس ودخل إلى دنيا الصحافة ورأس تحرير جريدة الاتحاد.
والمازني ناقد وقاص وشاعر متميز يحمل في رأسه عقل فيلسوف هكذا تحدث عنه معاصروه فقالوا كان برغم عنفه في مهاجمة خصومه ودفع عدوانهم عليه مهذب اللفظ عفاً مؤدباً يترفع عن الصغائر ويترفع عن التجريح وكان شجاعا في إبداء رأيه .
خاصم شوقي ووصفه بانه قطعة من قديم الزمان فلما رحل شوقي من هذه الحياة وقال انه ظلمه حين جرده من مكانته ووصفه بانه شاعر عظيم.
وإن كان المازني يحب الحياة كواحد من افراد هذه البشرية لكنه كان يسخر منها ولايبالي بها ويراها ثوباً بالياً وقد عبر عن هذا الشعور في مؤلفه حصاد الهشيم.
(فقال ان الحياء شيء حسن له فضله وميزته ولكنه على ذلك يحسن ان يخلعه المرء اذا شاء ان يفوز بحقه).
يقول الاستاذ العقاد عن شاعرية المازني (لايستطيع مؤرخ أدب ان يؤلف كتاباً في الشعر الحديث ولايثبت فيه اسمه بين طليعة الشعراء من ابناء عصره وأبناء سائر العصور واسم هذا الشاعر المازني وكفى.
المازني الذي جعل ديدنه السخرية رحمه الله ينكر على نفسه الشاعرية في آخر ايامه ولكنه قد نظم قصيدة العراك وبلغ بها على ثلاثمائة بيت وفارق الدنيا قبل ان يتممها كما يريد ربما جاوز لو فسح له في الأجل خمسمائة أو ستمائة على وزن واحد وقافية واحدة وعلى هذا النسق من جودة الكلام والمعنى وجزالة بما تشتمل عليه من دلالة الفكر والايحاء والخيال).
قد رحل المازني من هذه الحياة في احد مستشفيات بلاده وكان قد أجريت له عملية جراحية بسيطة وكما يقولون قبل وفاته بساعتين كتب مقالاً لجريدة اخبار اليوم وقد انتهت حياة المازني كما بدأت جهادا وعملاً وانتاجا فكريا يظل خالداً تقرؤه الأجيال وتدرك مكانته الأدبية كواحد من أدباء أمتنا العربية.
عبد الكريم الخطيب


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

نوافذ تسويقية

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved