والإهداء في مفهوم المؤلفين المعاصرين لا يعدو كونه كلاما منسقا خص به الصفحة الأولى من المؤلف بفتح اللام ولهذا فإنه قلّ أن نقرأ كتاباً أو ديوان شعر حديث التأليف والطباعة إلا ونجده قد سطر على إحدى ورقاته الواقعة في صدره عبارات وكلمات مشحونة بالاعتراف بجميل أسدي إلى المؤلف من شخص ما وان المؤلف لا يجد ما يرد به لقاء ذلك الجميل إلا نتاجه الفكري الذي أودعه كتابه أو ديوان شعره,, ويزيد في تحبير ألفاظ الشكر والتقدير,, تلك الألفاظ التي ربما جاء بها بعضهم في أسلوب سجعي ليزيد من طلاوة التعبير ليدخل إلى قلب المهدى إليه كمكافأة له لا تفضلا عليه.
وعلى الرغم مما يناله أسلوب الإهداء من عناية فائقة من قبل المؤلف فإنه قلما يلتفت إليه القارىء, أو يعيره أدنى اهتمام ينزع به إلى قراءته,, أقول هذا بعدما سألت أكثر من قارىء فلا يذكر لي انه قرأ الصفحة التي خصصت للإهداء.
ولقد وقع في يدي ديوان شعر لمصطفى متولي عنوانه مورد الصفاء ومنهل الشفاء فألقيت نظرة على الصفحات الأول والتي عادة ما تكون للاهداء كما أسلفت، فوجدت على الصفحة 6 ما يشبه الإهداء لو أنه جعل عنوانه اهداء وهو عبارة عن أبيات من الشعر عنوانها الدواء وهو يشير بذلك إلى أن ديوانه مهدى إلى فئات كثيرة من الناس أذكر منها قوله:
إلى كل من هو على فساد أخلاق الناس ثائر.
إلى كل من يريد التحرر من سلطان المادة وحطام الدنيا الجائر.
إلى كل من هو من الحقد والشر والسوء نافر
إلى كل من يتربص به الأشرار من الناس الدوائر
إلى كل من هو امام ذلك الكون حائر
إلى كل من يتطلع إلى رحمة الله الكريم الغافر
إلى كل من هام بحب ربه وصفت منه السرائر
إلى كل من تهيم نفسه بالعفاف والجمال الطاهر.
والحقيقة أن هذا الاهداء فيه إشارات ذكية تحمل النصح وصادق المحبة إلى جميع أولئك المهدى إليهم.