Sunday 12th March,2000 G No.10027الطبعة الاولى الأحد 6 ,ذو الحجة 1420 العدد 10027



موقف
وماذا بقي للعرب,,؟!2 - 2
متعب السيف

في مقال الأحد الماضي وفي الحلقة الأولى منه تناولت الغطرسة الصهيونية والاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، والتلاعب بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني ومن ثم الجانب السوري، وأخيراً استهداف البنية التحتية اللبنانية وتوعد ديفيد ليفي وزير الخارجية الصهيوني بإحراق لبنان ومباركة رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك للتهديد والوعيد الذي أطلقه وزير الخارجية الإسرائيلي للشعب اللبناني.
إزاء هذه التطورات السلبية التي فرضتها اسرائيل على المنطقة العربية، وإحجام الولايات المتحدة الأمريكية عن لعب دور فاعل عادل للجم الهمجية الصهيونية، بل مباركة الادارة الأمريكية ممثلة في وزارة الخارجية للخطوات الصهيونية المتمثلة في الهجوم الاسرائيلي على البنية التحتية اللبنانية، والاستخفاف بالمشاعر الإسلامية والعربية,, إزاء كل ذلك وغيره قام الرئيس حسني مبارك بزيارة مفاجئة لبيروت ، هذه الزيارة تكمن أهميتها بأن معاهدة كامب ديفيد لن تكون قيداً حديدياً يكبل مصر من اتخاذ مواقف قومية مطلوبة على مستوى الشارع والرأي العام المصري والرأي العام العربي وهو موقف لا يمكن لمصر التخلي عنه,, ثم جاء قرار جامعة الدول العربية بعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت والذي بدأ أمس السبت لمواجهة الاعتداءات والتهديدات الاسرائيلية.
ان اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت رسالة واضحة بأن لبنان لن يكون وحده في مواجهة اسرائيل وان المقاومة اللبنانية التي تشن حرب استنزاف لتحرير الجنوب اللبناني تلقى الاعتراف والتأييد من العرب شعوباً وحكومات وانه لم يعد في إمكان اسرائيل وأمريكا التشكيك في المقاومة اللبنانية بأنها ذراع لهذه الدولة أو تلك وإنما هي ذراع شجاع لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من العدو الصهيوني وأن على اسرائيل الرحيل دون شرط أو قيد، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص قرار مجلس الأمن رقم 425 الذي يقضي بانسحاب اسرائيل من كل الأراضي اللبنانية وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية وتعويض لبنان على ما تعرض له من غزو بيروت ومن ثم انسحاب اسرائيل منها واحتلالها لجنوبه وسرقة مياهه وتشريد أهلنا في جنوب لبنان.
إن اسرائيل لن ترحل من لبنان لسواد عيون اللبنانيين والعرب دون أن تشعر بأن وجودها في لبنان يتهدد وجودها وينسف مصالحها ويعيدها إلى المربع الضيق الذي كانت فيه قبل كامب ديفيد ومن ثم الاتفاقات الفلسطينية/ الإسرائيلية عديمة الجدوى والتي عبرت اسرائيل من خلالها الى بعض الدول العربية، وأضعفت الموقف العربي بصورة شاملة, فالعرب اليوم مطالبون بمواقف جادة وأمينة أقلها وقف اشكال التطبيع مع اسرائيل، وتأكيد أن علاقات السلام العادية لا يمكن أن تتحقق بدون قبول الكيان الصهيوني بأسس السلام وبالتحديد الانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة والمتمثلة في الانسحاب من فلسطين المحتلة والقدس الشرقية، وجنوب لبنان وهضبة الجولان وفق الحدود الدولية المعروفة, والصمود في وجه الضغوط الاسرائيلية والأمريكية بتضامن قوي وواضح لا يقبل الالتفاف عليه.
لقد استشعرت اسرائيل مخاطر التضامن العربي والدعوة لانعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب استثنائياً في بيروت لمواجهة الهجمة الصهيونية العسكرية على لبنان، فعملت على تبريد الموقف العربي وإفشال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انعقد أمس السبت في بيروت باتخاد عدة خطوات مضللة تهدف لخداع العرب وإيهامهم بأنها تريد السلام وتعمل من أجله فاستبقت انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت بتسريب تقارير ملفقة وكاذبة عن قرب استئناف مفاوضات السلام السورية/ الاسرائيلية والتوصل إلى اتفاق بالرغم من عدم صحة ذلك، والإعلان عن وديعة رئيس الوزراء الأسبق رابين التي تعهد من خلالها بالانسحاب الشامل من الجولان تأتي في نفس اطار السياسات الاسرائيلية المضللة ثم اعلان الحكومة الاسرائيلية عن قرارها، الانسحاب من جنوب لبنان بحلول شهر يوليو تموز المقبل باتفاق أو من غير اتفاق مع سوريا ولبنان، إن هذا القرار المعلن قرار مضلل، فإسرائيل لن تنسحب من لبنان انسحاباً كاملاً وفق منطوق قرار مجلس الأمن 425، وإنما أعلنت هذا القرار دون أن تلتزم بأنها ستنسحب إلى الحدود الدولية مع لبنان، أي قبل غزوها لهذا البلد الشقيق وفي نفس اطار عجلة التضليل الاسرائيلية سارعت إلى عقد اتفاقيات على بعض الجزئيات المتفق عليها سلفاً مع الجانب الفلسطيني ولم تنفذ في حينها.
كل هذه السياسات التضليلية تهدف إلى احتواء الآثار لاجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد في بيروت وبالتالي إفشاله.
لقد كانت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني الى كلٍّ من القاهرة ودمشق وبيروت لتأكيد المواقف السعودية القومية تجاه قضايا العرب ورفضاً قاطعاً للسياسات الإسرائيلية العدوانية على لبنان والوقوف إلى جانب الأشقاء في مواجهتها وفق المسؤوليات القومية لكل من هذه العواصم والتنبيه بأن سياسات اسرائيل الرامية لاحتواء الدول العربية واختراقها لها بدعم أمريكي واضح ومنحاز لابد من وقفه عبر تضامن عربي حقيقي يستهدف صيانة وحماية المصالح العربية العليا وألا يتحول بعض العرب إلى آليات تنفيذية للسياسات الإسرائيلية تحت مظلة الحفاظ على مسار المفاوضات والسلام.
إن الموقف السعودي موقف عربي قومي اسلامي لا يقبل المزايدة,, لقد كانت لبنان الدولة والأرض والشعب تتقاطع فيها مصالح الفرقاء المتحاربة في لبنان وتمكنت المملكة باتفاق الطائف من إعادة هيبة لبنان كدولة ذات مؤسسات مدنية فاعلة واختفاء تجار الحرب في لبنان وهي تعمل الآن على تقوية صحوة لبنان لاستخلاص حقوقه من المغتصب الصهيوني,, ان السياسة السعودية تجاه قضايا العرب ومصالحهم تستحق التقدير، فهي الدولة العربية الوحيدة التي دفعت للبنان حتى الآن أكثر من مليار دولار لإعادة لبنان إلى مسارها الطبيعي دولة عربية شقيقة مؤثرة في منظومة الدول العربية، فالمملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي تمكنت من حل إشكالية لوكربي وتخليص ليبيا الشقيقة من هجمةٍ أمريكية غربية صهيونية استهدفت ليبيا أرضاً وشعباً واقتصاداً ولم تزايد قيد أنملة على المصالح الليبية ولم يكن لها مصلحة سوى مصالح الأمة الليبية.
والموقف السعودي تجاه سوريا هو الموقف الذي حدا إلى أن تكون سوريا الصخرة التي تتفتت عليها المناورات والمطامع الصهيونية الأمريكية.
بقي ان يدرك العرب حكوماتٍ وشعوباً أن خيرهم في تضامنهم وأن ضياع أي دولة هو في ابتلاع المناورات الصهيونية أو تلميع القادة الصهيونيين.
الشعوب العربية قادرة على فرز المواقف القومية الصحيحة لهذه الدولة أو تلك في عالم أصبح قرية واحدة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

نوافذ تسويقية

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved