نوافذ تماثيلهم أميمة الخميس |
كثيراً ما كنت أتساءل وأنا أتأمل تمثال رمسيس الثاني في مدينة القاهرة، لماذا يحرص المصريون على صناعة تماثيلهم بهذا القدر من العلو والارتفاع والضخامة، بحيث تنتفي بها المواصفات البشرية وتنتقل إلى أطوار أخرى مقدسة ومتجاوزة لطبيعتها.
ولم يمهلني السؤال كثيراً، ليحولني الى الصناعة الإعلامية والشعبية لشخصية الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر ، والذي جعلته المنقذ المخلص لجميع هموم البشر ابتداءً بتحرير فلسطين حتى ننتهي إلى ألم ضرس مواطن مصري بسيط.
الأهرامات هي أحجار أو أحلام الألوف التي تراكبت وصنعت هذا الهيكل الضخم، ولعل هذا الاطار يجعلني أدخل الى موضوع مسلسل أم كلثوم الذي عُرض مؤخراً, والمسلسل بحسب رأيي الشخصي ممل ومطول ويبعث على السأم ولولا حماس الجميع حوله واصرار جميع الفضائيات العربية على عرضه في شهر رمضان لما حاولت أن أقسر نفسي على مشاهدة بعض حلقاته, والتي وجدتها ترصف فوق بعضها البعض بدأب واصرار لتكون هرماً مهيباً نائياً,, وغير انساني,, فأم كلثوم بدت في حلقات ذلك المسلسل ذات صفات خارقة حكيمة، ودودة، ذكية، مخلصة، نبيلة,, الخ اضافة إلى كم وافر من العشاق الذين يتدلهون بها، اقتحمت بلاط الملوك والوزراء والحكام حيث كل الأبواب تشرع لها وتفرش الأبسطة الحمراء.
مع ان قوانين الحياة نفسها تنفي هذا الشيء، فصناعة المجد بحاجة الى النضال والكفاح والكر والفر والمناورات، مع وعي عميق بطبيعة الصراع ومتى تظهر أنياب الذئب ومتى تختفي لتستبدل بقفازات الحرير!!
وهكذا,, لن يُقدم أي شيء على طبق من فضة كما يقولون، بل إن المجتمع الفني بالذات لابد انه يحتوي على كم وافر من العثرات والعقابيل التي يستحيل ان تقابل بذلك الوجه الدمث الملائكي والمنزه من الأغلاط لأم كلثوم والذي أصر المسلسل على إفهامنا إياه بصورة قسرية,ولكن لعلي قد أفهم بعضاً من الأمر اذا ذهبت إلى مدينة القاهرة ورأيت الدقة والضخامة واللا واقعية التي يصنع بها المصريون تماثيلهم.
|
|
|