التفاعلات الاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها العالم في ظل تطور آليات وادوات الاتصالات والمعلومات وتنامي العلوم المعرفية في كافة المجالات أوجدت حالة تمثلت في تسابق الدول للاستفادة والتفاعل الايجابي مع هذه المتغيرات لتحقيق افضل المكاسب لشعوبها وحفظا لمصالحها في ظل التنافس الحاد والقوي بين تلك الدول ، وكحتمية للتطور المتناسق مع المراحل الحضارية للبشرية.
ومما لاشك فيه ان اي تراخ او نكوص من أي مجتمع او دولة من الاسرة الدولية، يجعل ذلك المجتمع او تلك الدولة متخلفة عن الركب الحضاري اضافة الى ما تتعرض له من خسائر اقتصادية وتراجع لمكانتها الدولية والسياسية وما يرافق ذلك من افرازات سلبية يصل مداها حتى المشاكل الاجتماعية, والاخذ بالتطور الحضاري وتفعيل آليات المعلومات والادوات المعرفية لا يكون له مردود فاعل بالنسبة للدول ان لم تكن تمتلك الاجهزة والاطر التي يتم تفعيل تلك الآليات والادوات بها وهذا ما وعته قيادة المملكة واعدت له بالتأسيس البنيوي للمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان كان الظاهر بعد الاعلان عن تأسيسهما وهما المجلس الاقتصادي الاعلى ثم المجلس الاعلى لشئون البترول والمعادن الذي اعاد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تشكيله وتحديد صلاحياته فإن هذين المجلسين قد سبقهما العديد من المؤسسات التي جاءت جميعا لتواكب ما شهده العالم من تطوير وتغير متلاحق ولهذا فان المملكة بقيادتها الواعية واليقظة لكل ما يشهده العالم من متغيرات لم تكن فقط مواكبة للركب الحضاري الذي تشهده البشرية بل ايضا مشاركة فيه وبفعالية وهو ما مكن قيادة المملكة وحكومتها واجهزتها التنفيذية، بل وحتى قطاعاتها الحكومية والاهلية من التفاعل والتجاوب مع ما يشهده العالم من متغيرات وتعاملات سواء على الاصعدة السياسية او الاقتصادية ليس كمتلقية لتلك المتغيرات بل مساهمة في صنعها والمشاركة في صنع قراراتها, وهذا لا يظهر بوضوح فقط في وضع الاستراتيجية العالمية للطاقة والذي جعل من عاصمتها مزارا لكبار مستهلكي الطاقة ومنتجيها والمستثمرين من اكبر شركاتها، بل وايضا في اسهاماتها الفاعلة في العديد من الشئون الاقتصادية الدولية والسياسية وكل هذا لم يأت من فراغ او ردة فعل، بل جاء كما اكد سمو ولي العهد في حديثه الذي نشرناه امس مواكبة للتحولات التي يشهدها العالم والاستفادة منها والتعامل معها بفعالية.
وهكذا هي الدول الحية التي تسهم في صنع التطور الحضاري,, وليس كالاخرى التي تعيش على الهامش.
الجزيرة