بيننا كلمة للقارىء الخاص د, ثريا العريّض |
* قال لي: أجمل زواياك ما يتضمن حوارا معه,,, شعرا لا نثرا,, ذلك القارىء الخاص,, لا تهمليه, نسيت أنك شاعرة قبل أن تختزلي في الكلام العادي؟
وأصر أن يوقفني أمام أسئلة المعنى والكلام لا ككاتبة بل كشاعرة:
في هذا العصر، عصر انهيار الايديولوجيات في أي موقع تقف ايديولوجيا الشعر، أو أيديولوجيا النص الجديد الخالي من الثرثرة؟
** بالنسبة لي كان الشعر ومازال هو عصر الصدق,.
وقال يقال الصدق في كلمتين وقد يحتاج الى مجلدات,.
بعض قصائدي ملحمية الطول,.
وبعضها يأتي في مقطع أو مقطعين,.
كل قصيدة تعبر عن احساسي الحقيقي الى درجة البكاء وأنا أكتب,, والبكاء وأنا أستعيد الانفعال بالقصيدة حين القيها, هذه من أكبر المعضلات عندي.
أختنق بالكلمات ويحتبس صوتي في الدموع.
وربما الثرثرة لا تعني الاسترسال في الكلام بل السفسطة بمعنى الكلام الخالي من المعنى مثل المحار الفارغ من اللؤلؤ,, ولدينا آلاف القصائد التي لا تقول شيئا بغض النظر عن طولها أو قصرها مثل كومات المحار الجاف على سواحل الخليج لا يهم حجمها طالما هي فاضية.
بغض النظر عن التيار السائد الذي يمجد القصيدة الومضة,, ليست كل ومضة تحمل إضاءة فكرية أو تثير تأملات أو عاطفة.
ولا نستطيع أن نتهم شعرا حقيقيا بالثرثرة ونؤكد أن التكثيف أبلغ من الاسترسال ولا أعني بذلك الاسهاب والتكرار إلا إذا استطعنا أن نقول إن عمق الإحساس بالحزن يمكن أن تمثله دمعة صغيرة مثلما تمثله تلك الرغبة المستفيضة بالعويل من داخل القلب ,, أو أن ابتسامة صغيرة تحمل نفس عمق الشعور بالسعادة الذي يفيض برغبة التقافز رقصا أو إطلاق عقيرتك بالغناء.
هو بالتأكيد ليس عصر الخطابية ولكننا أحيانا لشدة احتراقنا نصرخ لا لننبه الآخرين إلى آلامنا فقط بل أيضا لننبههم الى المستقبل الذي سيداهمنا جميعا وهم لا يدركون.
* استطرد:
والشعر كرؤيا خلاص مستقبلي، هل هو موقف كذلك؟
ومتى تتشبثين بجمرة هذا الشعر ومتى تأخذين استراحة المحارب؟ .
** الشعر هو قدري,, لم أطلبه ولم أسع إليه ووجدته دون خيار جزءا من تكويني, ومازالت القصيدة تداهمني متى شاءت وأحتفي بها احتفاء من تلاقي حبيبا دون موعد مسبق.
ومازال الشعر معي يتنامى وجودي بوجوده,, منذ الطفولة حتى الآن,, ولا أظنه سيتوقف إلا إذا توقف قلبي عن النبض أو ذهني عن التفكير.
الشعر ليس جمرة أتشبث بها,, بل هو كالمطر ينقذني حين ينهمر بمشيئته من جفاف العالم الخارجي واحتراق الداخلي.
هل هو خلاص مستقبلي؟,, ربما!
هو رؤية أمل طفولي لا تفقد الإيمان بالمستقبل,.
ربما هو انتظار لمخلص لا يأتي ولكننا وعدنا أنفسنا بمجيئه، ونتعلق باحتمال مجيئه لكي لا نسقط في هوة اليأس مستسلمين,.
هل أخذ استراحة محارب؟,.
من الكلمة الاعتيادية,, أحيانا,, وبوعي قاصد,,!
ومن الشعر أحيانا ولكن ليس بوعي قاصد,.
ثم,, دائما أحمل قلما وورقا,, فالشعر يأتي بمشيئته لا بمشيئتي.
|
|
|