بين الفينة والأخرى اذهب للنزهة في أرجاء الدرعية وأتأمل بإعجاب الشوارع والمباني الحديثة والحدائق المبهجة,, ولم أكن ادرك انها تخبىء في أعماقها كنوزا أجمل,, حتى زرتها مؤخرا زيارة مختلفة,, قصدت من خلالها التوجه وأفراد العائلة الى آثار الدرعية ذاتها التي كانت بعيدة عن محيط تفكيري طوال الفترة الماضية,, دخلنا هناك فوجدت عالما آخر قصيا,, تساءلت كيف نسيناه طويلا وكيف إذاً لا نتحدث عنه طوال الوقت؟ اعتلينا تلك الرابية وتوغلنا الى تلك البيوت الطينية الضيقة.
وجدنا هناك عددا من السياح الأجانب من مختلف الجنسيات يتهافتون لرؤية الآثار والتعرف على التاريخ العظيم لهذه البلاد.
كان هناك لافتات كتب عليها بعض التعليمات والارشادات مثل ممنوع التصوير، الرجاء المحافظة على نظافة المنطقة,, كلمات من هذا القبيل,, ثم لوحات ارشادية الى القصور والمساجد فهذا مسجد الشيخ محمد بن عبدالوهاب (رحمه الله) خطونا بحذر الى المسجد (نظرا للهيبة التاريخية للمكان) طافت نظراتنا بمنتهى الحنين والتأمل لماض عريق,, هنا عاش اناس اضاءوا الدنيا نورا وإيمانا,, دعوا الى الحق والهداية وحاربوا الجهل والكفر الذي كان مخيما على تلك الأرجاء في تلك الفترة,, ثم مررنا بالقصور,, دخلنا الغرف الصغيرة التي كانت في ذلك الزمن تدعى قصورا منيفة نسبة الى حياتهم البسيطة المتواضعة.
هنا وجار (الموضع الذي تشب فه النار) داخل غرفة الضيوف المسماة بالقهوة او الديوانية,, وهنا اسطح صغيرة وهناك سلالم من الطين,, يبدو أثر الأمطار فيها واضحا حيث أثّر فيها بشطرها الى نصفين ظاهريا وبشكل واضح,, وهنا مجلس الرجال,, المكان الأكثر بروزا في القصر والذي الصقت على جدرانه بعض اللوحات اليدوية (اغلبها رسومات يدوية) وهنا قطع من القماش وضعها صاحبها على الجدران الطينية لاكسابها مظهرا أجمل,, وهنا شجرة سدر خضراء وسط احد البيوت لا تزال خضراء بهية رغم تقادم الزمن ومرور الأيام وذهاب الأهل والأحبة,, جميعا واحدا تلو الآخر.
وللحديث بقية أيها الأعزاء.
|