لا تعجب، فالصلة اللفظية واضحة بين مثلث برمودا، وبحثنا في الثلاثيات، وأحسب ان بعضهم سيلوي لسانه ببعض القول، ويطلقه ببعض التعليقات، فليكن ذلك كذلك، وحينئذ سأقول مع الشاعر العربي العباسي:
لئن ساءني أن نلتني بإساءة فقد سرني أني مررت ببالكا |
* يمثل مثلث برمودا الجزء الغامض من المحيط الأطلنطي، الذي غدا مثاراً للرعب، وسبباً في المزيد من الكوارث الطبيعية المائية، وذلك لابتلاعه كل ما يقترب منه، حيث اختفى فيه العديد من السفن والطائرات، دون أن تترك أي أثر، وما تبقى من بعضها انما بقي ليكون لمن خلفه آية وشاهداً من شواهد الموت والفناء، ولم يستطع أحد حتى الآن ان يفسر بشكل مؤكد ونهائي، سرَّ هذا الواقع الغريب في هذه المنطقة، الكائنة في غرب المحيط الأطلنطي تجاه الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية.
وليست هناك حدود جغرافية دقيقة لأطراف هذه المنطقة، لكنهم اعتادوا أن يعنوا بها غالباً المنطقة التي تبدأ من برمودا شمالاً، حتى نُورفُك على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ممتدة إلى جنوب فلوريدا، ومنه الى كوبا، ثم هايتي، ثم بورتُو ريكو، ثم مرة أخرى إلى برمودا، متضمنة معها جزر باهاما.
وسنفاجأ بحق حينما نعلم أن لاعلاقة لهذه المنطقة جغرافياً بشكل المثلث، الذي من اجله أدرجناها في احاديثنا عن الثلاثيات، وانما يرجع سبب هذه التسمية فيما يذكر الباحثون إلى حادثة الاختفاء الشهيرة فوق هذه المنطقة التي تمت سنة 1945م حيث اعلنت السلطات الأمريكية عن اختفاء مجموعة من الطائرات كانت تحلق في السماء قبل لحظات اختفائها على شكل مثلث.
وكانت هذه المنطقة في القرون القديمة تدعى ببحر الاختفاء، ومقبرة الأطلنطي، وجزر الشيطان، وبأسماء أخرى تحمل جميعها معنى الرعب والهلاك، وتحتوي على أكثر من ثلاثمائة جزيرة، معظمها خال تماماً من السكان، اذ المسكون منها لا يكاد يتعدى عشرين جزيرة حتى الآن، علماً بأن الغطاسين في بحر بارجاسو الذي يعد من أخطر أجزاء هذه المنطقة، قد شاهدوا تحت الماء جبالاً عديدة مستوية السطح، كأنها جزر قديمة مغمورة، مما يشير إلى احتمال وجود حياة سابقة فوقها في وقت من الأوقات، كما شاهدوا مجموعة من السفن والقوارب الراقدة في الأعماق، والمئات من الهياكل العظمية لبحارتها، وهذا ايجاز سريع لأهم السفن التي اختفت في هذا المثلث، مقرونة بالسنوات التي تم فيها اختفاؤها، وجهته:
1 في عام 1840 اختفى طاقم السفينة الفرنسية روزالي بينما كانت السفينة في طريقها إلى أوروبا مبحرة من هافانا حيث وجدت السفينة.
2 في يناير 1880 اختفت السفينة الانجليزية تلانتا ، وعلى متنها 290 راكباً، وذلك بالقرب من برمودا.
3 في اكتوبر 1902 اختفى المركب الألماني فريا وقد عثر عليه خالياً من طاقمه بعد مغادرته كوبا.
4 في مارس 1918 اختفت الشاحنة الأمريكية سايكلوب ، التي يبلغ طولها 500 قدم وحمولتها 19000 طن ، وذلك حين أبحرت من يربادوس إلى نورفُك ، ولم يعثر لها على أثر.
5 في عام 1925 اختفت السفينة كوتو باكس s.s وهي في طريقها من شارلستون إلى هافانا.
6 في ابريل 1932 اختفت السفينة الأمريكية جون آندي ماري ، ثم وجدت طافية بعد ذلك على بُعد خمسين ميلاً جنوب برمودا.
7 في فبراير 1940 اختفى اليخت جلورياكولت ، ثم وجد على بعد مائتي ميل جنوب موبيل ألا باما .
8 في أكتوبر 1944 اختفت السفينة الكوبية روبيكون ، وقد وجدت بالقرب من ساحل فلوريدا.
9 في يونيو 1950 اختفت السفينة ساندرا s.s متجهة من جورجيا إلى فنزويلا، بعد أن تجاوزت فلوريدا.
10 في سبتمبر 1955 اختفى اليخت كونيمارا IV ، وقد وجد حطامه بعد ذلك على بُعد أربعمائة ميل جنوب غرب برمودا .
وأوصلها المرجع الذي لدي إلى تسع عشرة سفينة، كان آخرها اختفاء الشاحنة أنيتا في مارس 1973 بينما كانت في طريقها من نيوبورت نيوز إلى ألمانيا.
أما بخصوص اختفاء الطائرات في منطقة هذا المثلث المرعب، فقد أورد الذين كتبوا عن هذا المثلث،كالدكتور أيمن أبو الروس، ما يمكن ايجاز بعضه فيما يلي:
1 في ديسمبر 1945 اختفى السرب 19 الأمريكي، بعد ساعتين من اقلاعه من فلوريدا وذلك في أثناء طيرانه على مثلث برمودا.
2 في اليوم نفسه اختفت طائرة الانقاذ PBM التي أرسلت للبحث عن السرب (19) المفقود.
3 في يناير 1948 اختفت الطائرة ستار تيجر شمال شرقي برمودا.
4 في يناير 1949 اختفت الطائرة ستاراريل وهي في طريقها من لندن الى سنتياجو، عن طريق برمودا.
وتجاوزت هذه الاختفاءات ست عشرة حالة، والسؤال هو: هل من تفسير لهذه الحوادث التي راح ضحيتها سفن وطائرات بكل ما فيها ومن فيها، وأصبحت تهدد كل من يمر بالمنطقة أو يقترب منها، على حد القول: ان الداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود؟ فسرها بعضهم في القديم والحديث بتفسيرات مثيرة للمزيد من الرعب والخوف، وفي الوقت نفسه غير معقولة ولا مقبولة، مثل كونها منطقة شياطين وعفاريت، ولذلك سموا بحرها: بحر الشيطان، وجزرها: جزر الشيطان, كما عزا بعضهم هذه الظاهرة، إلى وجود مخلوقات غريبة تأتي من كواكب أخرى إلى الأرض، ولكن العلم الحديث يكشف عن مجموعة من الاحتمالات منها:
1 تولّد موجات عنيفة مفاجئة نتيجة لحدوث هزّة أرضية بقاع المحيط الأطلنطي، وهو شيء يمكن حدوثه في كل البحار والمحيطات,, وبالنسبة للطائرات يمكن أن يكون نتيجة لحدوث رياح عنيفة فوق مكان الهزة الأرضية، وذلك لما تحدثه هذه الهزة من ضغط شديد، وما تسببه موجاتها من فراغات هوائية.
2 لوحظ أن كثيراً من الأجهزة في الطائرات المارة على هذه المنطقة يصيبها خلل ما، وذلك يثبت وجود قوى مغناطيسية متعلقة بالجاذبية الأرضية.
3 ان اختفاء السفن وخاصة في منطقة ما بين جزر باهاما وفلوريدا يرجع إلى طبيعة تيار الخليج في هذه المنطقة، حيث يتميز بحركته السريعة جداً، وبسلوكه المشاغب, إلى غير ذلك من التفسيرات المرتبطة بالأطباق الطائرة، وغير المرتبطة.
وسؤال أخير هو: ما علاقتنا ببرمودا ومثلثها الوهمي، والتفسيرات التي وضعها الباحثون هنا وهناك لما يحدث داخل نطاق هذا المثلث؟
والجواب: ان هناك قوى غيبية أودعها الله في طبائع الأرض والبحر والجو، وسخّرها جميعاً لخدمة الإنسان، وعلى الانسان أن يسلك إليها سبيل المعرفة، ويستعمل فيها عقله وفكره، وكل ما منحه الله من علم ديني أو دنيوي، ولا ينبغي أن يقف ازاءها مكتوف الأيدي، منبهراً لا يبدئ ولا يعيد، ولا يحرك ساكناً، ولا يسكّن متحركاً، مما يفضي به إلى العجز والموت، أو إلى الاستسلام للتفسيرات الخرافية التي تسخر منه، وتفسد صلته بربه خالق هذا الكون، وخالق أسبابه ومسبباته،وهذا يعني انه يجب علينا أن نقبل على دراسة أنفسنا وذواتنا، ودراسة كل ما حولنا من ظواهر البيئة وشؤون الحياة، مستعملين كل قوانا العضلية والعقلية والعملية التي منحنا إياها الله ولعمري ان بناء الصروح الشامخة للحضارات، انما تبدأ أول خطوة فيه من الاحساس بالتحدي، ومن ثمَّ العمل على تذليل ما يعترضنا من تحديات وعقبات، ولا ننسى ونحن بمعزل عن مواصلة الكلام أن نشير إلى أن هذا المثلث قد أثار بغموضه مشاعر كثير من الفنانين، كما حرّض حواس العلماء، فألفوا حوله الكتب، ورقنوا القصص القصيرة والطويلة، ودبجوا الروايات والأفلام السينمائية المثيرة المرعبة، فخلدوا الأوهام والحقائق في آن,, وامتداداً لهذه الأحداث الوهمية أو الحقيقية فقد انتشرت فكرة الأطباق الطائرة في كثير من مناطق العالم، ومن ذلك قصة ذلك الشاب المصري الذي كان يعيش في صعيد مصر، واسمه كما جاء في الصحف عبدالكريم عبيد حسانين ذكر انه أول مرة شاهد فيها الأطباق الطائرة كان في 30 أغسطس آب عام 1989 عندما كان يتمرن في الصحراء استعداداً للمشاركة في ماراثون المنيا يقول: وفي أثناء الجري سمعت صوتاً، فاعتقدت أنه صادر من طائرة، ولكن فجأة وجدت شيئاً يبعد عن رأسي حوالي أربعة أمتار معلقاً في الفضاء، خرج منه شعاع فضي،فأفقدني القدرة على الحركة، ووجدتني منقاداً إلى داخل المركبة، ورأيت داخلها ثلاثة كائنات فضائية طول الواحد منها متران ونصف، ترتدي ملابس ذهبية، ورقبتها خضراء، ولا شعر في الرأس، ولها ثلاث عيون، واحدة في أعلى الجبهة، والأخريان عاديتان، ومنذ ذلك التاريخ تحولت الى انسان آخر يمتلك قوة خارقة، لدرجة انني عندما كنت أعبر أمام شاشة التلفاز كانت الصورة تهتز كما أنني قوي التحمل لدرجة انني قادر على حمل سيارة بمفردي.
تلك أشياء تدخل جميعها في دائرة الاحتمال، ويضع لها علماء هذا الكون تفسيرات تصادف كبد الحقيقة أو تكاد، وما يستعصي منها اليوم لن يستعصي غداً، ولنبحث عن موقعنا في تلك التفسيرات.