كنت قبل شهرين في زيارة اعتيادية لإحدى محافظات بلادنا العزيزة وفي جولة استطلاعية كالعادة في ربوع هذه المحافظة الوادعة وجدت مع الأسف جميع الأعمال المهنية هناك تقوم بها العمالة الوافدة حتى المحلات المعنونة بأسماء واشراف بعض المواطنين لا تلمح داخلها أي اشارة أو بارقة تدل على مساهمة أصحابها بأنفسهم ولو رمزياً ببعض الأعمال المهنية اليدوية أو الصناعية والميكانيكية,, وكنت أعرف أن هذه المحافظة الكبيرة تحتضن مركزاً مهنياً منذ عشرين عاماً تخرج منه الكثير,, وعندما سألت عن مصير المئات من الخريجين في دورات الميكانيكا والكهرباء والسباكة وغيرها قيل لي أن برامج ودورات هذا المركز وأمثاله تتم في أشهر قليلة محددة ومناهجها متواضعة جداً لا تتعدى اعطاء معلومات رمزية في المهن التي تقوم بالتأهيل لها أو بمعنى أصح التعريف بها أي في حدود المبادئ الأولية السريعة,, ومن هذا المنطلق فالانخراط فيها والالتحاق ببرامجها لا يتعدى الهدف منه في نظر المتقدمين لها أنها محطات توقف وفرص مؤقتة لغير المقبولين بمراحل التعليم الأخرى أو المتأخرين في دراستهم النظامية أو كبار السن, والدافع إليها والحافز للانضمام لها في نظر الكثرة منهم هو الحصول على المكافأة الشهرية التي تبرز في رأس القائمة,, وعندما تنتهي الأشهر المحددة لهم سلفاً يتركونها لممارسة تبعات الفراغ والبطالة والقليل منهم يحاولون اكمال دراستهم في المدارس الليلية دون أن يجربوا حظهم وعزائمهم في تطبيق معلوماتهم عملياً وميدانياً,, ولقد حز هذا الوضع المؤلم في نفسي كثيراً مما جعلني أتساءل هل من تقويم وتقييم لهذه الأمور وهذه المناهج؟ وما الحل يا ترى؟ وأين الوعي والتوعية الفاعلة والمؤثرة في هذا المجال الهام؟ وهل سنستمر على هذه الطريقة؟ والى متى؟ وهل من تطوير لهذه المراكز البدائية لتكون معاهد ثانوية صناعية أو كليات تقنية يتم رفع شروط القبول لها لنضمن لخريجيها التأهيل المناسب أو اكمال دراساتهم العليا في التخصصات المهنية ليحققوا طموحاتهم وتأمين مستقبلهم خاصة وان بلادنا تعيش نهضة حضارية في جميع مجالات البناء والتقدم في هذا العهد الزاهر والله من وراء القصد.
هذه بلادنا,.
تلقيت بيد الشكر والامتنان اهداء كريما من أخ كريم هو الاستاذ/ أحمد بن محمد الحسين عضو الجمعية الجغرافية السعودية كتابه الصادر ضمن سلسلة هذه بلادنا وعنوانه رغبة وصدق من قال ان خير ما يهدى هي الكتب, وصادف اسلوب هذا الكتاب وموضوعه وطريقة عرضه هوى في نفسي,, ولك عزيزي القارئ أن تتصور هذا الجهد الدؤوب والمثمر الذي بذل في تأليفه,, ولقد قرأت الكتاب من ألفه إلى يائه فحمدت لمؤلفه غيرته الوطنية واعتزازه بمسقط رأسه وترجمة حبه له بهذا العمل الموثق الجليل,, فهنيئاً لهذه البلدة الوادعة الآمنة رغبة بهذا الابن البار والشاب الهمام الذي يتقد حماسة ووطنية واخلاصاً له شكري وتقديري وامتناني,, والله ولي التوفيق.
عبدالله الصالح الرشيد