رياض الفكر التوعية قبل الحج,,!! سلمان بن محمد العُمري |
قال تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق),, الآية.
نعم هو الحج قد اقترب أوانه، فالقلوب تنتظره، والأفئدة باشد شوق اليه، والنفوس تتلهف للوصول له، إنه الفريضة الخامسة في الاسلام، والتي فرضها الله تعالى على من استطاع اليه سبيلاً.
الحج له متطلباته الروحية، والجسدية، والمادية، وكذلك المعرفية، فهو اجتماع كبير خير لأبناء الامة في مكان واحد، وعلى اداء مناسك واحدة وبقلب واحد، إنه تمثيل حقيقي لوحدة الامة، وأنها كالجسد الواحد.
إن الحج يتم كما نعرف في الأماكن المقدسة في مكة وما حولها، ولتلك المشاعر المقدسة طبيعة جغرافية معينة، حباها الله بها، ولذلك وتحقيقاً لتيسير الحج على ضيوف الرحمن فقد قامت حكومة خادم الحرمين الشريفين ايدها الله بجهود جبارة في سبيل اجراء التوسعات المباركة في الحرم الشريف، وكذلك من الطرق، وشق الجبال لعمل انفاق، وتشييد الجسور، وكل ذلك خدمة لضيوف الرحمن.
ناهيك عن الاستنفار الذي تقوم به حكومتنا الرشيدة بمختلف اجهزتها وقطاعاتها المختلفة وحشد الإمكانات المادية والبشرية، والاستفادة من كافة الوسائل لتسهيل امور الحج والحجاج كافة ان ما يبذل لضيوف الرحمن من جهود عظيمة يفوق الوصف، ولا يكفيه كتابة مقال او خلافه.
ان الحج وبصفته تجمعا اسلاميا هو الاكبر من نوعه في العالم، وسيستمر إن شاء الله الى ما شاء الله، وهو صورة بيضاء ايجابية تنطبع في اذهان العالم اجمع، وخصوصا بعد ان اصبحنا نعيش عصر الفضائيات، والانترنت والعلوم الحديثة.
إنه ورغم كل التسهيلات فإننا نشاهد حالات وأموراً كنا نتمنى الا نراها في هذا المشهد العظيم، منها الصحية، ومنها المخالفات الشرعية، ومنه ما يوصف بالتهاون والاستهتار وغير ذلك، وكل هذا او معظمه يمكن تلافيه، ولنا تجارب في ذلك، فمثلاً قضية الحمى الشوكية، وبتعاون كل البلدان الاسلامية، تم حصرها، وإبعاد شبحها عن الحجاج وكذلك على نفس النمط ينبغي ان يعطى الحاج تعليمات وإرشادات تخدمه في الحج، ويكون ذلك قبل الحج.
إن تعاون البلاد الاسلامية مطلوب في ذلك، لأن حجاج كل بلد يمثلونه كما يمثلون الاسلام ككل، والمملكة كانت دائما وأبداً المساند الأكبر والعون الأكبر للمسلمين في كل البلدان، كما ان هذه الارشادات ينبغي الا تتوقف ببدء الحج، بل تستمر، ولو على هيئة شاشات تلفازية توضع في اماكن الحج، وحتى في الجبال لترشد الحجاج الكرام، وتدل على السبل الوقائية الصحيحة والسلوك السليم خلال الحج.
إن تحقيقنا لحج جميل وبوجه لائق لهو مساهمة كبيرة في طريق الدعوة الى دين الحق، لأن هذا المشهد سينعكس على البشرية كلها، وبنفس الوقت سينعكس على الحجاج انفسهم وسيتذكرون ذلك طيلة حياتهم، وسيذكرون ذلك لكل اهلهم ومعارفهم.
ان الوصول لهذه الغاية يستدعي اهتماما وتعاوناً من جهات عدة ذات علاقة بالأمر في داخل المملكة وخارجها.
اما ماهية التوعية المطلوبة، فهي على انواع، منها التوعية الدينية بشرح الحج وأحكامه، وما يتعلق به ومنها التوعية الصحية، وتتعلق بصحة وسلامة الحاج خلال الحج، ومنها التوعية الخدمية وتتعلق بالأمور الحياتية خلال الحج من مسكن ومأكل وملبس الى ما هنالك من امور.
اما الحملات المسئولة عن الحجاج وكذلك المطوفون والمؤسسات المتعلقة بهم لها دور كبير في ذلك والحملة التي تحقق اكبر قدر من الانضباط والمسئولية تستحق الشكر والتقدير بالتأكيد، ويجب تجسيد ذلك عمليا.
الحج فريضة,, ولكن لنجعلها وسيلة للدعوة لدين الحق الذي أراده الله تعالى للبشر كلهم في كل زمان ومكان.
وبقي ان نقول,, هل يليق ما نسمعه من تكدس للحجاج او حتى المعتمرين في الموانيء والمطارات؟! الا يجب تحديد المسئولية بوضوح، وتحميل الطرف المسئول التزاماته كاملة، فالحج ليس أمراً تجارياً، او مالياً، او غير ذلك كما يحلو للبعض ان يتصوره، او يعمل على اساس ذلك، إنه امر جوهري في الاسلام، ويجب ان ترقى كل اموره الى هذا المستوى الذي يجعل منه حدثاً عالمياً مميزاً، ليس في اذهان المسلمين، وإنما في أذهان البشر قاطبة، والله من وراء المقصد.
|
|
|