هل يعيش العالم منعطفاً خطيراً في قضايا السلوكيات والاخلاق؟ اين مكاننا كمجتمع مسلم يُفترض فيه التمسك بمكارم الاخلاق؟ هل ما اصاب العالم سينتقل لنا؟ أم هل ما اصاب العالم قد انتقل لنا؟ مادور الأسرة في تدعيم وتعزيز المواقف والسلوكيات الصحيحة وتجنيب النشء منكرات الاخلاق والاهواء؟ أليس هناك اسر كيسّة فطنة تدرك عظم دورها.
إننا على أية حال مهددون بأزمة اخلاقية موجعة لأنها تمس ثوابتنا الدينية,, وهويتنا الثقافية,, وهذه الأزمة منبثقة من التمييع الاخلاقي عند غير المسلمين اذ كلما انحدر مؤشر الاخلاق عندهم انتقل الامر الى المسلمين طالما ان هناك ازمة فكر وفراغ وتلق دون غربلة لكل واردات الفكر, كما قد تنشأ تلك الازمة بإهمالنا الحالات الفردية والظواهر البسيطة التي سرعان ماتجتمع فتعد جماعية اوشبه جماعية من الصعب قلعها من المجتمع.
وتتضح مسؤولية الاسرة في تكوين تلك الازمات الاخلاقية اذا كانت جذور الاسرة غير ثابتة, بمعنى انه لم تعتمد بذرة الاسرة في بدء انبثاقها على ثوابت ايجابية، واهداف سامية مما يؤدي بالضرورة الى انعدام المسؤولية الشخصية الاسرية نحو توجيه النشء الى الصحيح من التصرفات والمواقف والاخلاق , او إلقاء كل طرف المسؤولية على الطرف الآخر، ويزيد الامر قتامة اذا عدمت القدرات وفقد الراقع سيطرته على الخرق بتعدد نوافذ وصول الانحلال الخلقي والتخريب الفكري من صحف ومجلات وقصص تبث الادب المكشوف و اذاعات وقنوات فضائية موجهة وفي ظل ضعف او انعدام المراقبة الاسرية على النشء فإن ماستتركه هذه النوافذ من تأثيرات سيتمثل في:
1 تدمير القيم والسلوكيات.
2 قلب الحياة إلى لعب ولهو وزينة وتفاخر والاعتقاد بالضرورة الحتمية للترفيه وهو امر اوصل إلى الميوعة وحيد الجدية جانباً.
3 تلميع وسائل الاعلام المختلفة لعناصر الانحلال وتقديمهم على انهم مثل عليا للمراهقين والمراهقات.
إن مما يزيد من اثبات الدور الاسري تجاه تدعيم الازمات الاخلاقية النظرة الدونية للحياة الدنيا على انها نهاية المطاف وهو امر جعل بعض الاسر لاتهتم باعداد النشء للحياة إلا بقدر استمتاعهم بها، مما اضعف من اهمية التربية الصحيحة للفرد وضرورة اعداده ليأخذ من الدنيا بقدر يبلغه الآخرة.
ولعل أهم امر ادى الى ضعف الدور الاسري تجاه التدعيم الاخلاقي هو شغور وظيفة الرعاية الاسرية,, حيث ان كثيراً ممن يشغل هذه الوظيفة يفتقد الى الدراية الصحيحة بالتربية الاسلامية الاسريةويحصر تلك الرعاية بالجوانب المادية.
وبعد، وفي ضوء ذلك كله فإننا - في زمننا هذا الذي بدأت الاخلاقيات الفاضلة تترنح عند كثير من المجتمعات - بحاجة الى تفعيل دور الاسرة والتأكيد على جوانب التربية القرآنية والنبوية في النفوس.
نحن بحاجة كذلك إلى التأكيد على اننا لانستطيع أن نغرس شجرة الاخلاق بيد واحدة، بينما تقوم الأخرى بقلعها, فهل بإمكان كل الأطراف المعنية بتربية النشء عبر كل قنوات الاتصال التربوي بث دروس التربية الاخلاقية قولاً وعملاً لبذر بذور الاخلاق الفاضلة وتعهدها وريها؟
* أستاذ مساعد بكلية التربية للبنات بالرياض