هكذا كيف تكون الثقافة رسمية,. فهد العتيق |
جمعية الثقافة والفنون وفروعها، والأندية الأدبية بالمملكة، لها نشاطات واضحة جداً، وهي في الغالب تعلن عن نفسها، بالذات جمعية الثقافة التي ترسل أخبارها إلى الصحف دائماً عن نشاطاتها في مجال الأدب: قصة قصيرة وكتب مطبوعة وأمسيات قليلة، وكذلك المسرح والفنون التشكيلية والفنون الشعبية، بالاضافة الى نشاط الاندية الأدبية من خلال مجلاتها وكتبها المطبوعة وبعض الأمسيات الأدبية القليلة ايضاً.
ومثل هذه النشاطات الرسمية للأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون تقابل في الغالب بعتب ضخم من الادباء والمثقفين بسبب ان هذه النشاطات الموسمية تأخذ طابعاً رسمياً، وربما لأنها مرسومة بالقلم والمسطرة منذ بداية العام، لا مجال فيها للآراء الأخرى، ولا مجال فيها لضيوف طارئين يزورون البلد مثلاً ونحتاج الى أمسيات ولقاءات أدبية معهم، ولا مجال ايضاً لأمسيات طارئة تقرأ كتابا جديدا اصدره هذا الأديب أو ذاك عن نفقته الخاصة أو عن طريق دار نشر عربية، لا مجال لامسيات أدبية قصصية أو شعرية أو روائية عن كتب عربية هامة تصدر كل عام في العواصم العربية، ولا مجال أيضاً لأمسيات تناقش احداثاً ثقافية طرأت ولم تكن مدرجة على جدول أعمال الجمعية الرسمي المعد منذ أشهر طويلة.
هذه الجمعية الثقافية والأندية الأدبية لها نشاطات نعم ولا نريد ان نغفل هذه النشاطات، لكننا نريد منها تفاعلاً أدبياً حضارياً بعيداً عن الرسميات وبعيداً عن الجداول المعدة مسبقاً، لأنه يفترض ان يكون في المقر الرئيسي بالجمعية وفي فروعها وفي الأندية الادبية كفاءات متفرغة تتابع الساحة الادبية والثقافية عن كثب وتقيم الأمسيات والندوات الاسبوعية على ضوء المستجدات الثقافية والأدبية من احداث ومن كتب، مثلما يفترض ان تكون هذه المؤسسات مفتوحة الابواب مساء لالتقاء الادباء والمثقفين ويكون هناك اماكن جيدة لمثل هذه اللقاءات كما يحدث في كل مدن العالم التي تعتبر أنديتها الأدبية مثلاً افضل مكان لالتقاء أدباء البلد بعضهم ببعض ومع ضيوف الوطن من الادباء والمثقفين العرب ايضاً، وهذا لايحدث في مؤسساتنا الثقافية ومنها فروع الجمعية والأندية الأدبية لأنها تعمل على برنامج متواضع جداً ومُعد سلفاً ولا مجال فيه لافكار جديدة خلال العام، نعم هذه المؤسسات بحاجة الى خطط مدروسة منذ بداية العام لكنها ايضا بحاجة الى مرونة تبعدها عن الرسمية قليلاً وتفتح المجال خلال العام لأكثر من راي او فكرة جديدة.
في السنوات الأخيرة كان هناك حوار حاد بين بعض الادباء من جهة والجمعية السعودية للثقافة والفنون من جهة أخرى ممثلة برئيسها الاستاذ محمد الشدي، وبغض النظر عما دار في ذلك الحوار من اسئلة ثقافية هامة لم تجب عليها الجمعية في حينه إلاّ بقائمة من نشاطاتها وقائمة اخرى من نشاطات مستقبلية، نجد اننا الآن في مفترق طرق ثقافي هام جداً بعد دخولنا العام 2000م وبعد تجربة طويلة لهذه المؤسسات الثقافية التي بالتأكيد تعرف ماذا يريد المثقف والأديب منها.
في البدء يُفضل أن نتساءل عن هذه الازدواجية التي تعمل بها الجمعية وفروعها والأندية الأدبية، الجمعية تشرف على نادي القصة وعلى النشاط المسرحي وعلى الفنون الشعبية والاندية الادبية تطبع بعض الكتب الأدبية وتقيم بعض الأمسيات الادبية ايضاً، السؤال لماذا لاتتفرغ الجمعية السعودية للثقافة والفنون للنشاط المسرحي والفنون التشكيلية والفنون الشعبية وتتفرغ الأندية الأدبية للنشاط الأدبي، أو تتحول فروع جمعية الثقافة والفنون والأندية الأدبية الى مسميات (أندية ثقافية) إذ ان الثقافة تشمل الأدب بكل اجناسه بالاضافة الى الفنون المختلفة مسرح وتشكيل وشعبي وموسيقى الى آخره، وتنضوي جميعها تحت الادارة العامة للثقافة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، او كما قلنا تكتفي جمعية الثقافة والفنون بالفن التشكيلي والمسرحي والشعبي فقط وتركيز اهتمامها على هذا الجانب وتفريغ كفاءات شابة له تعمل وفق خطط مدروسة وتفتح المجال للامسيات واللقاءات الثقافية الطارئة وكذلك الاندية الادبية التي تحتاج الى مرونة أكثر والى كفاءات متفرغة متابعة للساحة الادبية المحلية والعربية والعالمية، تواكب الاحداث وتقيم الامسيات الادبية على ضوء ذلك بدلاً من هذا الجمود الثقافي والرسمي الذي يخيم على هاتين المؤسستين الهامتين، فالثقافة بشكل عام بحاجة الى افكار متجددة والى روح عطاء متجددة دائما، ليست بحاجة الى قرارات رسمية بقدر حاجتها الى افكار ثقافية تفترضها اللحظة الثقافية والادبية الراهنة,, أليس كذلك؟!
|
|
|