كيف نقرأ العرض المسرحي من النص أم كيف نكتبه؟ 1 - 3 محمد العثيم |
ورقة عمل مقدمة للدورة المسرحية في جامعة الملك سعود بالقصيم بتاريخ 25 من ذي القعدة 1420 .
تقديم
أرجو أن تكون اللجنة المنظمة لهذه الدورة المسرحية قد سمحت لي بتغيير شكلي في العنوان يجعل من الممكن التعامل معه منهجيا في سياق الأدبيات المسرحية المتاحة,, لأنه وحسب علمي فإن قراءة العرض المسرحي في أحسن اشكالها إنما تكون انطباعاً شخصياً,, حتى لو تحايل عليه النقاد بالمدرسيات النقدية الشائعة مثل التفريعات الشجرية مثل من عناوين التناول المنظم التي يوردها روجرز بيسفلد الابن .
وهو في كتابه المقرب للتلاميذ يرتب النقاط للنقد في النص ثم الإخراج والتمثيل والمرئيات السينوجرافية بما فيها الديكور والملابس والإكسسوارات,, وأقول إن هذه المدرسيات رغم إغرائها للصحفيين المتعجلين أو نقاد الانطباعات لا تجد رواجا في المستوى المحترف من النقد الحديث حيث تختلف زوايا الرؤية بين من يدعون لتحقق الطقس في حال النفي من اجل الماهية المسرحية وبين من يدعون الى الدهشة بصفتها منبه النفي والتشارك وهدفاً بحد ذاته وبين من يعترضون على الشكليين في قراءة العرض بصفتهما تضليلاً حداثياً او نقيضه او يدعون إلى عمل تغريبي او في كل الأحوال واقعي تعليمي أو طبعي خارج إطار المسرحانية والطقس المسرحي.
وحول نفس الاتجاهات في قراءة العرض لا يختلف اليمين عن اليسار النقدي كما قد يخطر ببالكم بل وأكثر من ذلك إن اليسار الاشتراكي الأوربي يختلف في مذهبه المعترض على مفهوم النفي الى الواقعية او التغريب كما سمي فيما بعد,, أقول إن اليسار الشرقي يختلف عن اليسار الغربي في اوربا الذي ذهب في اللا معقول والعبث وتفريعاتهما بينما سلك اليسار الشيوعي أحيانا مسلك المدرسيات كما في اعمال بيتر فايس التعليمية والواقعية كما هي طريقة جمهرة المسرحيين الروس أو في أحس الاحوال الأدبية التوفيقية ما عرف بالتغريب بصفته حالة الأمثل امام حدة الواقعية الاشتراكية الرخيصة التي تقود الى المباشرة او لتعليمية الوثائقية المشهدية الدقيقة عند بيتر فايس وغيره وكان ضرب المبادئ البرجوازية في الفن كما يسمونها يبدأ من الممثل ولذلك شاعت في اليسار كثير من تجارب المحترف المعروفة مثل الورش والمعامل.
* من جانبي الشخصي أميل الى قراءة نص معروض كان قبلا نصاً قابلاً للتفعيل في فراغ منفي فيه الفعل والفاعل والزمان والمكان المسرحي وما يحدث في لحظة النفي التام للفعل والحدث والزمان والمكان والشخصية,,, سيكون هو مدخلي الواسع للحديث الجاد عن الأثر الشخصي الذي اصابني فقرأت العرض,,, واثر القراءة للعرض من ذلك والإسئلة التي فتحت خاناتها في ثقافتي وذوقي وحياتي,, ثم نقاء المرآة التي طالعت بها حياتي من الداخل.
هذا هو الحد الذي اقرأ به العرض بناء على التراكم النقدي الذي هو محصلتي في الثقافة المسرحية او هو حاجتي لممارسة صنعة الكتابة من عالم العرض,, او هو اداتي بصفتي مبدعاً اخلق نفس الحالة لنفسي.
* * *
بعد هذه المقدمة الطويلة أقول إن الورقة تتناول عدة أسئلة اعتبرها الكاتب مهمة في ثقافة العرض النص أو النص العرض، وقد كتب هذه الجدلية حول سؤال العرض يقرأ النص ام النص يقرأ العرض.
جاء هذا من اسئلة الكتاب المسرحيين و بعض المراجع النقدية العربية والعالمية، أو صيغتها ومن التجربة الخاصة للكتاب الذين قرأت حياتهم ونصوصهم وممارساتهم,,, هذا جانب ومن جانب ثانٍ لا تحاول الورقة بأي حال الإجابة على أسئلتها التي تطرحها,,, لأنها تقدم اسئلة حول نقاط غير بينة في قراءة وكتابة النص المسرحي من الورق المكتوب للعرض بصفته ينتهي في العرض الى فعل مؤكد في فراغ نفي الزمان والمكان والحدث الذي اشرنا اليه.
وهذه القراءة والكتابة كما يراها الكاتب عملية تبادلية لم اجد عبارات تصلح لتفسيرها الا ان ما كتب ليفعل على الخشبة لا يمكن فعله مكتوبا على الورق الا بكلمة,, وما فعل قد تسهل كتابته بالكلمة والرسم,, لذلك كنا امام قراءات متعددة لنص مسرحي واحد نقلبه على وجهه فنجد نصا لعرض جديد وعرض يوحي بنص آخر.
المشكلة ان منتجينا من جمعيات وجامعات وغيرها ما زالوا يعتقدون بانتهاء صلاحية النص المسرحي بعد عرضه الأول كما هو حال نص الدراما التلفزيونية غير مقدرين نقاط الاختلاف التي تؤكد ان النص المسرحي وإن اتكأ على الدراما فهو يتلمس منها الفراغ الطقسي فقط للقراءة ولا يأبه بالتتالي الحدثي الا في الخدمة التبريرية للفعل الطقسي او تأكيد وتأطير الحدث الشديد.
وللتفريق بين عرض ونص اذكر للتمثيل واقع انعدام العلاقة (فرضاً) بين النص الأدبي الثقافي المحلي والجمهور، وهي فرضية يؤكدها تراكم الابداع الأدبي النخبوي البعيد كل البعد عن التواصل الاجتماعي مما يعني العزلة النخبوية للمنتج المتراكم وهو عكس الفعل ولو في ابسط مناظير المرئيات الأرسطية او ما ينسب لراسين وهو مسرحي أصولي معروف تكون المسرحية التي يكتبها قياسا على اصول المسرح الإغريقي.
|
|
|