صمت العصافير العولمة هنا وهناك ناهد سعيد باشطح |
زقزقة:
يمكنك أن تبقى بلا حركة على سطح الأمواج، ولكن ليس على سطح العالم
حكمة يابانية
للتو انتهيت من قراءة العولمة وآثارها الاجتماعية والثقافية على الأسرة المسلمة وهي ورقة قيِّمة للدكتورة نورة السعد مقدمة إلى ندوة الأسرة المسلمة في خضم العولمة ضمن البرنامج الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الخامس عشر.
تميّزت الورقة بالشمولية وجاء الطرح علميا موضوعيا فقد استطاعت د, نورة أن تلقي الضوء على موضوع أصبح متداولاً للجميع بالشكل الذي يقلل من أهميته.
العولمة باختلاف تعريفاتها ومفهومها منطقة شائكة علينا أن ندخلها من بوابة العلم والمعرفة وهي على خلاف المفهوم السائد الذي يعتبرها صناعة غربية إذ تؤكد د, نورة على وجود العولمة الإسلامية التي تصفها بأنها إثراء للفكر الإنساني بينما تشكل العولمة الغربية اليوم قهرا لفكرة الإنسان وهذه برأيي نقطة خطيرة في ادراك مفهوم العولمة حيث هي ليست حكرا على أمة أو شعب بعينه بل إن الميدان متسع للأمة التي تقبل على التقدم الهائل في عالم التقنيات في مختلف المجالات.
وحين تتحدث د, نورة عن الآثار الاجتماعية والثقافية للعولمة فإنها تلفت النظر الى خطورة العولمة الطوعية التي توصل الفرد إلى الانهزام والاستلاب في مواجهة تحدياتها.
وتؤكد على خطورة ما تحمله بنود المؤتمرات الدولية التي تنظمها منظمة الأمم المتحدة من تعميق الهوة بين الفئات الاجتماعية وتهميش لدور الأسرة وكل ما يمكن ان يعقب ذلك من نتائج وخيمة على المجتمع.
أما الآثار الثقافية للعولمة فقد اعجبني الطرح الواعي لمفهوم الهوية الثقافية والتي حرصت د, نورة على تبيانه خلال نقاشها لمختلف الآراء حول العولمة الثقافية واستعراضها لما فعلته فرنسا وكندا من اتخاذ تدابير واعية للحد من غزو أمريكا الثقافي.
لقد دعت هذه الورقة الى التأمل في موقف الغرب من هويات الشعوب وهذا مطلب ملح إذ كيف لنا أن نفهم اعتزاره بهويته ورفضه للاعتراف بهوية غيره من شعوب العالم؟! على أن د, نورة السعد اكدت على اهمية مواجهة العولمة بوعي كاف بايجابياتها وسلبياتها عن طريق البناء المتكامل للذات الإسلامية على مستوى الفرد والجماعة وهي بذلك تشرك المجتمع بأفراده ومختلف مؤسساته بالمسؤولية الجمعية لاستعادة الوعي بالهوية الإسلامية في الوقت الذي نادت فيه بالانفتاح الواعي والمدروس على عالم الحضارات الاخرى فيما يتعلق بمجالات التقنية ووسائل الاتصال لدعم التنمية الشاملة كما تقول.
القضية برأيي هي بالتأكيد نماء الوعي الاجتماعي في المجتمعات وذلك لأن العالم أقبل ومقبل دوما على الجديد المتغير والذي علينا فهمه وادراكه ليتسنى لنا قبوله أو رفضه أو غربلته.
|
|
|