** إنني أضيق بالألقاب العلمية التي تطلق بمناسبة وبدون أدنى مناسبة، وبالأخص الألقاب الأكاديمية.
لقد قال لي صديق عاش سنوات في الغرب إنهم هناك لا يطلقون اللقب العلمي إلا في مكانه وفي مناسبته التي تستدعيه مثل أن يجيء أكاديمي ليلقي محاضرة بالجامعة,, لكن نادرا ان تجد اللقب يرافق الشخص في كل زمان او مكان.
لدينا لو سقط لقب أستاذ او دكتور عن انسان لربما غضب عليك.
ان اللقب أحيانا يكون أقل من قيمة ومؤهل الشخص اذا كان منتجا وفاعلا بل قد يجهل الانسان وهو مدكتر كما قال غازي القصيبي ذات مرة.
ترى أيهما أكبر وأهم قيمة لو قلنا الشيخ حمد الجاسر أو حتى اسمه مجردا أو الدكتور حمد الجاسر,, ان اللقب هنا يقلل من قيمة العالم والباحث,, فاللقب العلمي يعني احاطة صاحبه بجزئية بسيطة من العلم الذي درسه.
وتعالوا الى مثل آخر عندما نسمع فتوى دينية أفتى بها الشيخ فلان أليست أقوى من ان يقول لك أفتى بها الدكتور فلان!
وهكذا,.
انها دعوة الى ترشيد إسباغ الألقاب العلمية بمناسبة وبدون مناسبة!!
لقد كاد الولع بالحصول على الشهادات العليا ان يصبح طفرة مثل طفرة العقار لقد خشينا ان يضحى الأمر كما قال الصديق الكاتب فهد اليحيى بدكتوراه لكل مواطن .
أرامكو بين استخراج الزيت وقدرات الإنسان,.
** تذكرت وأنا أزور أرامكو مع بعض الزملاء الكرام عادة العرب عندما كانوا يرسلون أبناءهم للصحراء ليتعودوا خشونة العيش وفصاحة اللسان والتدريب على مشاق الحياة بدلا من أن يعيشوا ترف المدن ودعتها، وينشأوا في الحلية وزخرفها,,!
لقد قلت في نفسي ليت أرامكو تقبل ارسال من يرغب من الآباء لابنائهم في العطلة الصيفية ليتعودوا كما تعود آباء لهم من قبل دقة الوقت، وانضباط العمل، واحترام الانظمة الى درجة عدم الحياد عنها قيد انملة.
لقد رأيت وزملائي في أرامكو ما نشر ورود الفرح في صدورنا ليس بسبب الانجازات الكبيرة والعلاقة التي أنجزتها وتنجزها أرامكو وعامة اقتصادنا الوطني.
ليس السبب هذا فقط وانما الذي ضاعف سرورنا أكثر هو ذلك.
الانسان السعودي .
والكفاءة السعودية .
والفتى السعودي ,,!
الذي يدير الشركة ويسوق الانتاج ويشغل المصنع.
تحية لشركة أرامكو التي كما تستخرج الزيت من الأرض فانها تستخرج قدرات الانسان في انضباط العمل والحفاظ على الوقت والتفاني في العطاء,,!
التركي والجزيرة والمواجهات الناجحة
** اللقاءات الشاملة التي بدأت نشرها الجزيرة في صفحاتها التي أسمتها واجهة ومواجهة في الآونة الأخيرة أصبحت تشد القراء وخاصة مع بعض الشخصيات التي قليلا ما تتكلم من أصحاب المعالي مثل الدكتور عبدالعزيز الخويطر والاستاذ علي الشاعر والدكتور سليمان السليم وغيرهم.
وميزة هذه اللقاءات انها تجيء قراءة صريحة لمسيرة الضيف الشخصية والعملية، وكشف وبلورة عدد من الأمور التي يتساءل الناس حولها، وقد أجاد ضيوف الجزيرة حقا في اجاباتهم الصريحة والواضحة.
وكم كان الصديق الاستاذ ابراهيم بن عبدالرحمن التركي موفقا ومجيدا وهو يطرح أسئلة بهذه الشمولية، وبهذه القراءة الواعية للضيف انسانا ومسؤولا.
لقد كانت هذه الحوارات فعلا مواجهة صادقة مع الواجهة المستضافة ,!
لقد كنت أعرف العزيز أبا يزن كاتبا وأديبا وقبل ذلك صديقا وزميلا خلوقا ووفيا ولكنني عرفته مؤخرا بمهنته الصحافية المتألقة.
وفي أبجديات الصحافة ومن خلال تجربتي الاعلامية المتواضعة فالمعروف ان الحوارات الصحفية الجيدة هي أهم وأشق الأعمال الصحفية، وهي في نفس الوقت أكثرها تشويقا للقارىء، ولقد نجح العزيز ابراهيم في هذه المواجهات بتعاون ومساندة رئيس التحرير له، كما نجح من قبل في اشرافه على الصفحات الثقافية والملحق الثقافي بالجزيرة.
وكم يفرحني علم الله كل عمل جميل يتألق فيه زميل عزيز.
العقيلات وذلك السفر الطويل
** استعادة الماضي,.
يجب في تقديري ألا تكون لمجرد الاستمتاع بقصص الآباء والأجداد، والتأثر عند السماع ورسم علامات التعجب حول ما لاقوه من مشاق في حياتهم.
بل يلزم أن يكون هذا التذكر مصحوبا بالشكر لله أولا على ما أحلَّنا به من نعم ومتع حياتية غامرة,, ثم وهذا أمر مهم للإفادة من تجاربهم وما مر بهم من صعوبات حياتية عسيرة استطاعوا ان يتغلبوا عليها مع قلة حيلتهم وضآلة امكاناتهم.
ولعل من أقرب ما مر على هذه المنطقة بالأمس القريب رحلات العقيلات الصعبة لطلب الرزق في الشام ومصر حيث كانوا يسافرون من نجد على الجمال للعمل وطلب الرزق وليس لهم معين سوى الله، كانوا يتضورون على جمر الغربة سنوات طويلة بعيدا عن اهلهم وأطفالهم من أجل توفير لقمة العيش لهم ولأهليهم، وزغب حواصلهم,, وكأن الشاعر ابن زريق يصفهم ويجسد أحوالهم عندما قال:
يكفيه من لوعة التشتيت ان له من النوى كل يوم ما يروِّعه ما آب من سفر الا وأزعجه رأي الى سفر بالعزم يزمعه كأنما هو في حل ومرتحل موكَّل بقضاء الله يذرعه ان الزمان أراه في الرحيل غنى ولو الى السدِّ أضحى وهو يزمعه وما مجاهدة الانسان توصله رزقا، ولا دعة الانسان تقطعه قد وزَّع الله بين الخلق رزقهمو لم يخلق الله من خلق يضيِّعه والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه إرثاً، ويمنعه من حيث يطعمه |
ولقد سعدت عندما استمعت الى اصدار موفق على لسان بعض من بقي من رجال العقيلات بالقصيم أطال الله أعمارهم حكوا فيه وبأسلوب مؤثر عن غربتهم، وقصص معاناتهم في السفر وطلب العيش وبعدهم عن وطنهم، وقد وفقت دار البدائل الاعلامية بإصداره ليحكي على لسان هؤلاء بأسلوب جميل واخراج فائق بعض صور ماضينا الصعب والعسير قبل ان تتفجر ينابيع الخير في هذه الصحراء، ومن أرض هذا الوطن,!
وإنني بقدر ما استمتعت بسماع هذا الاصدار حمدت الله على ما نعيشه من رغد في العيش، وأمن في الوطن، ورخاء في الحياة.
كل نفس ذائقة الموت
** أعرف مدى فجيعتك أيتها الزميلة العزيزة: فاطمة بنت فيصل العتيبي بفقد والدتك رحمها الله ولا ينبئك مثل خبير.
لكن أعرف أكثر ايمانك بخالقك واهب الحياة، وخالق الموت الذي قال في محكم الكتاب كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام سورة الرحمن: آية 26،27 .
أيتها العزيزة:
عظيم هو فقد الأم,,!
ولكن أعظم من ذلك الايمان بقضاء الله وان ما قدره سوف يكون.
هنا فقط تسكن الطمأنينة جوانح الانسان، ويستوطن الصبر غرفة قلبه.
وحسبنا وحسبك قول خالقنا وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا .
سورة آل عمران آية 145 .
أيتها العزيزة ليست هذه كلمات عزاء فقط.
ولكنها مشاركة لك في أوجاعك، ومقاسمة لأحزان قلبك.
لكم كان قلب أمك أيتها العزيزة حنونا ودافئا تماما هو كقلب عنيزتك التي غادرتِها مسكنا لكنك لم تغادريها سكنا دافئا وحنونا,,!
عزاؤك انك اغترفت من نبع هذا الحنان حنان والدتك رحمها الله حتى جاء الأجل المحتوم.
حسبك أيتها العزيزة رضاءً بقضاء الله قول ذلك الحكيم:
اذا قضى الله فاستسلم لقدرته
ما لامرىء حيلة فيما قضى الله
أجل,.
اذا قضى الله فلنستسلم لقضائه وقدره.
لنشعر عندها بمطر الراحة يفيض على قلوبنا ونفوسنا وأرواحنا,.
أسأل الله ان يجعل قبر والدتك ووالدتي وأمهات كل الغالين والغاليات علينا رياضا من رياض الجنة، وان يجمعنا بهم في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
حمد بن عبدالله القاضي