إذا كانت الظواهر الاجتماعية في حياة الانسان متشابكة ومترابطة وتتبادل فيما بينها التأثير والتأثر، فإن ذلك يصدق أكثر مايصدق على الاعلام والأمن، بحيث يمكن القول إنه بلا إعلام ايجابي رشيد لن يكون هناك أمن حقيقي، كما انه بلا امن وطيد يشيع في المجتمع فلا ينهض له إعلام وبالجمع بين الامن كأهم وظيفة من وظائف الدولة وبين الاعلام كمهمة ووسيلة لاتستغني عنها اي دولة او نظام سعياً وراء تحقيق الأهداف المبتغاة,, بذلكم الجمع والربط تبرز لنا اهمية المسئولية الأمنية للاعلام (بوسائله كافتها) وخطورتها,.
فإذا ما ادى الإعلام ووفق خطة منهجية علمية مدروسة دوراً ايحابيا سليماً، أسهم في الحفاظ على أمن الأمة اسهاماً كبيراً، ويكون العكس إذا ما أدى الاعلام دوراً يقوض أمن الامة، حين يسلك منهجاً أو خطة غير مدروسة.
ما يعني ان علاقة الأمن ورجالاته بالإعلام ورجالاته الذين يتمتعون بحس أمني، يجب ان تقوم على جملة مبادىء وقيم وثوابت تحقق المزيد من الفهم المشترك والتعاون الوثيق بينهما، ومن ثم تشكيل رؤية واحدة ولغة موحدة تستطيع ان تتفاعل لتؤدي توعية حسنة وتوجيها وارشادا سليما، ما يضمن تهيئة رأي عام مستنير وواع ازاء مناشط رجل الامن ودوره في المجتمع من ناحية وتعزيز جهود الوقاية ومكافحة الجريمة (بأنواعها وصورها المختلفة) واقرار الامن من ناحية ثانية،
واضحى معلوماً لاسيما بعد تطور وسائل الاعلام والاتصال وانتشار الفضائيات ان الاسرة في بيتها مشدودة الى مايبثه الاعلام,, من هنا تبرز الخطورة والاهمية القصوى للاعلام,, المشاهد منه والمقروء والمسموع, وكذا ما يشكله من جوانب الخطر فتبرز المسئولية العظمى وثقل الامانة في يد وفكر من يقوم على الاعلام ويسيطر عليه.
وها نحن على اعتاب القرن الحادي والعشرين، نعيش ثورة معلوماتية ذات اتجاه واحد، وبالوقت نفسه ذات تأثير خطير تحدثه مئات القنوات التلفازية، في تغيير العادات والقيم والتقاليد لدى الشعوب المستهلكة للمواد الاعلامية والثقافية، فتعيد تشكيل ثقافتها وقيمها الاجتماعية، وترسم امام مشاهديها لوحات جمالية في مظهرها سوداء قاتمة في مضامينها ومحتواها وتقدم لهم احلاما يصعب عليهم تحقيقها، فيرتدون ناقمين على ما يعيشونه من ظروف، فيتطور الامر الى الانحراف فالجريمة.
في ذلكم الخضم من التدفق الاعلامي والثقافي يأتي دور الاعلام الامني ليقف امام الظواهر والمتغيرات الأمنية المستجدة من جراء التأثير الخارجي, ليعمل بكل وسائله على إعادة التوازن للمجتمع بأدوات ووسائل تستمد موضوعاتها من الواقع المحلي حينا والاقليمي العربي احيانا اخرى، والاسهام في تشكيل رؤى ومفاهيم للأمة ومجتمعها تجاه بعض القضايا التي تقع في إطار اهتماماتها.
ولاشك ان عملية تكوين الرؤى او تشكيل الرأي العام والاسهام الفاعل في عملية التغيير الاجتماعية، هي عملية تراكمية وتكاملية وتفاعلية تلعب وسائل الاعلام فيها دوراً مهماً,, لا سيما في الوسيلة المرئية (التلفاز) فجمهور التلفاز غير محدد بفئة عمرية او ثقافية أو عرقية، وان جماهيرية التلفاز جعلته يحتل ركناً مهما في حياة افراد كل اسرة، حيث يقضون معه الساعات الطوال، ويتفاعلون مع المواقف التي تبث عبر شاشته، ويتقمصون الشخصيات التي يصادفونها و(السلبية منها والايجابية).
من هنا فالامر يتطلب ضرورة استخدام التلفاز لتكوين قاعدة جماهيرية واعية امنيا تتمتع بحس امني، وذلك بعرض الظواهر الأمنية وتحليلها دون إثارة الفزع او القلق اوالخوف لدى الناس، وتجنب نشر اخبار الجريمة، وغرس الثقة برجالات الأمن وأجهزة الشرطة، والتأكيد على انه لا فائدة من وراء الجريمة, مما يعود - في النهاية - بالنفع على الأمة واجيالها, ويؤدي كل من الاعلام والأمن دوره المرتجى والمسئول بروح متفاعلة متلازمة.
* إدارة الشئون الإعلامية
أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية