هلال المطيري هلال في سماء الشعر ومطر في موسمه عندما يهل مطر قصيدته تأتي مشبعة ببوادر الحيا والاخضرار, لقصائده سمات وابعاد وقراءات عدة, سلاسة فضية وقوة معنوية ومفردة محكمة الوضع.
يجبر الكثير ممن يمارسون الشعر على مساءلة افكارهم ومراجعة تعابيرهم وغربلة شاعريتهم فعلا:
بعض العرب لو قصد شعره بدون احساس وشعور.
وبعض العرب بس من هرجه تحس بشاعرية.
ايضا وبعض العرب بس من شعره تحس بهرج.
ولكن هلال لا اظنه يهرج ابدا لانك عند قراءته تحس بشاعرية بل تجتاحك الشاعرية.
عندما تقرأ قصيدته تحاول ان تجبر نفسك بألا تتجاوز قصيدته الا وانت شاعرا حتى وان كنت شاعر تحاول ايضا ان تكون شاعرا!!
احيانا قصيدة هلال لا تحتاج الى قراءتين فهي واضحة الروعة والبراعة وبلاغة الصورة والمفردة.
واحيانا تحتاج الى عدة قراءات فهي قسرية البهجة والنشوة تأخذ بأفكارك لتتغلغل واحات الذوق والابداع.
هلال ذلك الشاعر المبتسم دائما الذي يكاد يجمع كل من يعرفونه بأنهم جميعا يقدرونه ويحترمونه ويشتاقون الى قفشاته ومشاغباته وطرائفه.
اقول ذلك المبتسم لا ادري كيف يسكن الحزن قصائده.
وان كنت اظن من خلال قراءتي لقصائده انه فقط يحاول ملامسة جراح الآخرين وفتح اتجاهات لتسريب آهات الآخرين والتنفس لهم وهذا حسب رأيي ما يجب ان يفعله الشاعر عندما يكون حقا لقرائه ومتابعيه فنحن جميعا نؤازر الشاعر او الكاتب عندما يؤازرنا ضد همومنا ويكاتفنا افراحنا.
يقول هلال:
صار الحزن بين الاوادم نهابه من كثرهم كن الحزن بيت نمله |
وانا اقول ربما الحزن ليس قليلا ليصبح نهابه ولكنه بما انه (اي الحزن) يعرف ان هلال (ليس زبونا له ولا يستاهله) لذلك جعل نفسه في عيون هلال مزحوما ربما ل(يصرّف) هلال ولكن يظل تورط هلال قائما رغم المساحات الشاسعة بين الكتابة والواقع.
ألم يقل:
ليت حد الحزن دمعة دمعتين كان من عامين واضع حد له |
قال الحزن ولم يقل حزني بغض النظر عن الزامية الوزن وامكانية التطويع.
ولكن قوله الحزن في البيت مؤازرة لقولي انه يعبر مسافات قصيدته وعيونه على جراح الآخرين.
اريد ان اترك الازدواجية بين الفرح في شخصية هلال والحزن فيما يكتبه واتطرق الى موضوع آخر فأتساءل ما سبب اللغة الرقمية التي ربما نلحظها جميعا في الكثير من قصائد هذا الرائع عند قوله:
لا توقف كم بقي من لحظتين الخطا يمناي ما تنمد له |
لاحظوا (لحظتين) و(كلمتين) في قوله:
اقتصر كل الحكي في كلمتين هات من صمت الكلام وود له |
والتقويسات في هذا البيت:
العطش ما ينتهي في (قطرتين) من بحر (واحد) ل(عشرة) عد له |
وعدة السنين والعشرين ليله في قوله
مع وادي له (عدة سنين) سال ولا ينقطع لا سال (عشرين) ليله |
والثمانين في قوله:
عدنا وعدنا واصدق الود ما عاد مع ليلة تسوى (ثمانين) ليله |
وكذلك قوله:
هي ثلاثين ما جبت سنيني غدت به يا جميل الخطية ليت عذرك جميل |
مجرد تساؤل وان كنت اعيد واقول هلال شاعر مهما كثر الجمع لا يختلف عليه منهم واحد.
ورغم الاسماء التي تزدحم وتعج بها الساحة الشعبية يبقى هلال هلالا لا يزاحمه الذين قال عنهم ذات قصيدة:
يا بنت لو شفتي لك اقمار ونجوم عمر الاسامي ما تخلد قصيده |
حقا فالقصيدة هي التي تخلد الاسم وتجعله محفورا بالذاكرة.
نعم حتى وان حفظنا اسماء عن الطرق القسرية وفرض بعض المطبوعات ذلك على ذاكرتنا من خلال الزخم الاعلامي والتطبيل الدعائي الا انهم لن يفرضوا حفظ ما قال هؤلاء وذلك ببساطة لان افكارنا واذواقنا لن تحفظ الا ما يلامس جراحنا ويساند افراحنا ثم:
وش ينفع المشهور لا صار مذموم يا بنت دولاب الزمن من يعيده |
عبداللطيف العوفي