نوافذ خيمة فاطمة أميمة الخميس |
في حضرة الحزن وبين يدي جلاله تصبح اللغة مخترعا بشريا بائسا لا يوازي بحال من الاحوال تفاصيل الفجيعة ولا فصولها.
وفي تلك اللحظة التي قرأت فيها نعي أم الزميلة (فاطمة العتيبي) اختطفت اتجاه خيمة فاطمة، تلك الخيمة التي حدثتني فاطمة عنها وهي تعاني لواعج (عنيزة) والذي يعرف فاطمة لابد ان يأسره ذلك الاسلوب الدمث الذي تظفر به كلماتها واللطف المتحفظ دوما لكن هذا التحفظ سرعان ما ينشرخ عندما يحل الحديث عن عنيزة, ومن هناك كان الحديث عن تلك الخيمة في منزلهم في عنيزة حيث الجمر الذي يكفكف عبوس الشتاء و(المصابيب) التي تصنع فوق الجمر والاخوة والأم.
لاشيء يعطي الحياة ملمسا مخمليا امنا سوى أم، أشد البيوت وحشة تلك التي بلا أم يعطر ثوبها الاركان ويفتتح نوافذ الصباح، وأم فاطمة كانت تطلب من ابنائها ان يقرؤوا لها مواضيع فاطمة الصحفية وتبدي رأيها في كل كلمة وموضوع كانت تخشى على فاطمة الكتابة شبه اليومية ان تأخذها عن وقار الموضوع وعمقه, فقط هن البنات يعرفن رموز تلك الشيفرة السرية التي تملأ الهواء بينهن وبين الأم ويعرفن وجيب تلك القلوب التي ترافقهن عبر الأزمنة والأمكنة تبارك وتدثر وتومض قناديل عندما تتربص بنا الدروب الداكنة.
لا أريد ان احفر اكثر من هذا أخشى ان أصل الى ذلك الصندوق السحيق الذي خبأت فيه أحزان فقد أمي والذي لم يقتلني لكن لا أعلم ان كان زادني قوة.
عزيزتي فاطمة:
في وسط حلكة الفجيعة وحمم الحزن والضعف البشري الكبير لابد أن نكتشف تلك الجوهرة التي يزرعها سبحانه وتعالى في أعماقنا والتي تسمى جوهرة (الصبر والاحتساب) تماماً نكتشفها في تلك اللحظات الغامقة التي يكاد الحزن فيها ان يهلكنا تمتد يد الله الرحيمة وتزرعها بين اعطافنا لتبدأ امطار الهدوء والطمأنينة ترطيب براكين الاحزان.
عزيزتي فاطمة:
لن تغيب (سدرة عنيزة) هي فقط ستنقل مكانها لتتجذر في تلافيف القلب، وستتحول حياتك بعدها إلى رحلة (بر) تبرين ذكراها ووجودها الذي لن ينقشع, ولاشيء سيرمم حزنك سوى ان تكوني كما أعدتك وأنشأتك لتكوني، بل ستصبح دروبك خطوات في رحلة قدسية التزاما بتعاليمها ووصاياها.
فاطمة: فليرحم الله (سدرة عنيزة) ويحسن مثواها وأمي وعموم المسلمين.
|
|
|