اخشى ما أخشاه ان يتحول الامل الى يأس ,,!!
هذا القول لسمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذي جاء في ثنايا تصريحه الصحفي أثناء وصوله الى دمشق، يترجم شعور ملايين العرب بل ويتعداهم الى الملايين الاخرى الساعين الى تثبيت السلام والاستقرار في ربوع العالم في جميع مناطقه.
فالامة العربية التي رحب ابناؤها - اغلبهم ان لم يكونوا جميعا - بجهود السلام التي هبت على المنطقة منذ انطلاق دعوة مؤتمر مدريد لسلام الشرق الاوسط ورغم ان الكثير من العرب أقروا بوجود ثغرات عديدة في صيغة السلام التي بحثت في مدريد، الا ان العرب جميعا، وبالذات الدول التي احتلت اسرائيل اراضيها عقب عدوان الخامس من حزيران من عام 1967، تجاوزوا تلك الثغرات واندفعوا نحو السلام حيث جعلوا السلام استراتيجيتهم وخيارهم الذي التزموا به بقناعة وبصدق، وفق مرجعية اعتبرها مؤتمر مدريد قاعدة العملية السلمية في الشرق الاوسط الارض مقابل السلام , هكذا فهم العرب,, وبهذا قبلوا والتزموا لانجاز السلام، وهكذا اعلن الطرف المحتل وهذا ايضا ما التزم به رعاة مؤتمر مدريد للسلام، امريكا وروسيا واوروبا واليابان, ولهذا فقد شاع الامل في النفوس، واخذت الشعوب تحلم بحقبة جديدة من النماء والسلام والاستقرار، معتقدين ان زمن الحروب والقتل والدماء قد ذهب الى غير رجعة.
حقبة كانت تبشر بالامل,, الا ان الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن كما يقولون، وهذه المرة ليس لان البحار كانت هائجة,, وليس لان أشرع السفن لم تكن من القوة بحيث تواجه قوة الرياح,, بل حتى ان الرياح لم تكن عاتية,,!! فالعلة في الطرف الاخر,, الاسرائيليين الذين رؤوا في قبول العرب للسلام ضعفا، قياسا على ما يمتلكونه من ترسانة عسكرية اغدقت اسلحتها عليهم من قوة دولية لها حساباتها الخاطئة,, وخنوعها الغريب ايضا, لتعمي القوة العسكرية الغاشمة عيون وعقول الاسرائيليين الذين استمروا في غيهم وعدوانهم، فها هو عقد من الزمن يكاد ينقضي على عقد مؤتمر مدريد لسلام الشرق الاوسط,, والسلام غائب,, والقتل متواصل والعدوان مستمر,, والحقوق لاتزال مغتصبة والاراضي العربية محتلة والاعتداءات الاسرائيلية متواصلة.
الفلسطينيون الذين قبلوا بنصف حقوقهم او اقل لايزالون يلهثون للحصول على استحقاقات ما تضمنته اتفاقيات السلام,, والاسرائيليون يماطلون ويعيدون للفلسطينيين حقوقهم واراضيهم بالقطارة اللبنانيون يقدمون الضحايا وتراق دماء شهدائهم لان الاسرائيليين لايريدون الخروج من الارض اللبنانية المحتلة دون ان يقبضوا ثمن احتلالهم.
السوريون يلوحون لهم بإعادة ارضهم المحتلة، ولكن مقابل اثمان، تبدأ باقتطاع ارض ومياه من هضبة الجولان، وتنتهي بتتبيع للعلاقات مع اسرائيل.
ولأن تاريخ سوريا لا يعرف الاستكانة ولا التبعية، تظل اسرائيل تناور وتماطل وتلعب على المسارات الثلاثة,, ليخفت الامل,, ويتضاءل ليحل محله اليأس الآخذ بالتضخم والذي لابد وان يتبعه انفجار لا يعلم الا الله الى اي مدى ستصل انعكاساته وخسائره,, ولكن الشيء المؤكد ان اول من يصاب ويدمر رافضو السلام الحقيقي ومن يشجعونهم على ذلك.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com