إذا كان هناك ثمة موضوع آخر يستحق أن يوضع مباشرة بعد موضوع لبنان في جدول أعمال وزراء الخارجية العرب، فهو الخريطة الاسرائيلية الجديدة التي تظهر سيطرة اسرائيل على 45% من المدن وجميع القرى في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية وقطاع غزة وذلك بهدف منع قيام دولة فلسطينية، خصوصاً وان السلطة الفلسطينية قد بادرت إلى إرسال مذكرات بشأن هذه الخريطة إلى الدول الأعضاء في الجامعة العربية.
ونعتقد انه ليس ماهو أخطر من هذا العدوان المتواصل على حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في العودة إلى وطنه، وإقامة دولته المستقلة.
والخريطة الاسرائيلية الجديدة تكشف بوضوح لا مجال معه لأدنى شك عن أن اسرائيل وصلت في عدوانها على الحقوق الفلسطينية حد مباشرة تنفيذ آخر مراحل المؤامرة التاريخية على الفلسطينيين وهي مرحلة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وفرض أمر واقع يجعل من المستحيل عملياً الحديث عن دولة فلسطينة مستقلة!.
ومعنى هذا أيضاً أن اسرائيل قررت منذ البداية ان تجعل من عملية السلام الحالية ومنذ انطلاقتها عقب مؤتمر مدريد في آخر أكتوبر عام 1991م، مجرد ملهاة سياسية تكسب بها كل جزئية من الوقت تضيع على العرب وهم يجرون وراء سراب السلام على أساس الأرض مقابل السلام ، لأن اسرائيل لم تكن تؤمن قط بسلام مع العرب تخسر به أرضاً احتلتها بالقوة التي لا تزال تملكها وتستطيع بها كما هي قناعتها أن تحمي ما تحت سلطتها من أراضٍ عربية محتلة.
وإزاء هذا الوضع الذي يبدو أنه نذير خطير بمرحلة قادمة في الشرط الأوسط، نرى أن يكون موضوع الدولة الفلسطينية هو بعد موضوع لبنان أمام وزراء الخارجية العرب حتى تتكامل الرؤية السياسية للواقع الراهن لعملية السلام واستخلاص الدرس المطلوب من تجربة المفاوضات الطويلة مع اسرائيل دون أن تفضي الى شيء ملموس يطمئن العرب الى أنهم يفعلون الشيء الصحيح طالما أن اسرائيل تفعل عكس، بل وضد ما يسعون له حتى يبدو الموقف العربي بمواجهة الموقف الاسرائيلي كما لو كانا يقفان على رأسي خطين مستقيمين لن يلتقيا أبداً,.
الجزيرة