يشهد سوق الالبان في الآونة الاخيرة منافسة سعرية بين المنتجين اما لجذب عدد اكبر من الزبائن أو للحفاظ على الحصة في السوق.
ومن الواضح انه يمكن تصنيف سوق الالبان في المملكة ضمن الاسواق التي يؤثر قرار احد المنتجين في قرارات بقية المنتجين فمتى ما اقدم أحد المنتجين على خفض السعر مثلاً فإن بقية المنتجين سيشعرون بأثر هذا القرار الذي يعمل على خفض حصصهم في السوق الامر الذي يرغمهم على اتخاذ قرار مماثل ظنا ان خفض الاسعار يساعد على زيادة المبيعات بنسبة اكبر من الانخفاض في الأسعار مما يساعد على زيادة الايرادات لهذه المشروعات لكن الذي يحصل غير ذلك فخفض الاسعار في هذه الظروف لا يؤدي بالضرورة الى زيادة نسبية اكبر في المبيعات بل ربما ادى الى زيادة نسبية اقل من الانخفاض النسبي في السعر والذي يؤدي الى خفض الايرادات.
وهذا وان كان امرا سلبيا بالنسبة للمنتجين الا انه لا يعني تحقيقيهم لخسائر بالضرورة وذلك لسبب بسيط هو ان هذه السوق هي سوق احتكارية توفر ارباحا احتكارية للمنتجين والاسعار التي كانت موجودة اساس وجودها ليس قوى السوق وانما الاتفاق بينهم على البيع بسعر موحد وعلى توزيع حصص السوق تماما مثل ما يجري في منظمة اوبك الا ان السوق هنا محلية والسلعة هي الالبان بدلاً عن النفط, ولذا فان تهويل الامر من قبل بعض المنتجين وخاصة القدامى الذين يصورون ما يجري على انه تهديد لصناعة وطنية ربما ادى الى انهيارها امر لا مبرر له ، وكل ما في الامر ان المنتجين القدامى يرغبون في صنع حواجز تعيق ان لم تمنع دخول منتجين جدد ربما يكونون اكثر كفاءة واكثر قدرة على خفض تكاليف الانتاج وبالتالي الاسعار وتعمل هذه الحواجز ايضا على اخراج صغار المنافسين من السوق, ولو نظرنا الى الصورة من جانب آخر لوجدنا ان المستهلكين يوفرون دعما لا بأس به لصناعة الالبان في السوق المحلية عندما يدفعون اسعارا عالية, ولا شك ان هذه الحماية المصطنعة تحجم من الحافز على خفض التكاليف وزيادة الكفاءة الانتاجية وهي غير قادرة على البقاء لفترة زمينة اطول في ظل المتغيرات الجديدة.
لكن يمكن النظر الى ما هو حاصل الآن على انه عامل مساعد لإعادة التفكير في وضع صناعة الالبان واعادة صياغتها وبنائها على اسس توفر لها المقومات الذاتية للاستمرار والمنافسة والبقاء وبما يتواءم مع المستجدات المحلية والعالمية الى جانب ذلك ينبغي ألا يغيب عن الذهن ان مثل هذه السلع سلع ضرورية يفترض ان تكون متاحة بأسعار معقولة بعيدا عن المبالغة.
وفي اطار آخر فان ما يحصل في سوق الالبان شيء متوقع اذ ان ما هو سائد هو شكل من احتكارات الكارتل والتي لا تتوافر على عوامل استقرار لفترة طويلة من الزمن اذ سرعان ما ينهار الاتفاق بين المنتجين على تحديد الاسعار وتوزيع حصص الانتاج بينهم ليحل محله اتفاق آخر بعد مرور فترة انتقالية مناسبة بين الاتفاقين وهكذا, وسبب ذلك ان الحافز على الالتزام ببنود الاتفاق هو توقع المنتج تحقيق قدر اعلى من الارباح متى ما التزم بالاتفاق مقارنة بما لو لم يلتزم وتصرف لوحده ومتى ما تخلف هذا الشرط فان الالتزام بالاتفاق يضعف, فمثلا في حالة دخول منتج جديد الى السوق يماثل المنتجين القدامى من حيث الحجم ولا يبدي الاستعداد الكافي للالتزام ببنود الاتفاق او ان القدامى يرغبون في اخراجه من السوق فان حالة عدم استقرار السوق تبدأ في الظهور في شكل منافسة سعرية ويستمر الوضع غير مستقر فترة من الزمن الى ان يحصل اتفاق جديد بين المنتجين الحاليين بما فيهم المنتج الجديد اذا لم يتم اخراجه من السوق وبناء عليه يتم تحديد الاسعار وتقسيم السوق مجددا، ومن الطبيعي ان ينهار هذا الاتفاق مجددا لأن الحافز على عدم الالتزام بالاتفاقية موجود باستمرار والمتمثل في المقارنة بين الربح في حالة الالتزام وبينه في حالة عدم الالتزام.
* قسم الاقتصاد والعلوم الادارية جامعة الامام محمد بن سعود