امتداداً للرعاية والاهتمام اللذين يلقاهما المسنون في مجتمعنا السعودي المسلم ولله الحمد افتتحت صاحبة السمو الملكي الاميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز يوم الاثنين 22 ذي القعدة 1420ه اللقاء التعليمي الرابع لتعزيز الصحة تحت عنوان المسنون حب ورعاية الذي اقامته الرعاية الصحية الاولية بالشئون الصحية بالحرس الوطني, وقد هدف اللقاء الى التعريف بالمشاكل الصحية التي يتعرض لها المسنون ولتفعيل دور المجتمع في الاهتمام بالمسنين والتعريف بالخدمات الوقائية والعلاجية للمسنين.
وبالحديث عن الاحتياجات الصحية للمسنين نجد ان الإصابة بالامراض الجسمية او النفسية لم تعد من الخصائص المميزة لكبار السن على الرغم من كل التغيرات الفسيولوجية التي تحدث في اجهزة الجسم,, ولا يرجع ذلك فقط إلى انتشار الخدمات الصحية وزيادة مستوى الوعي الصحي ولكن ايضاً إلى التطور المتسارع للعلوم الطبية سواء في معرفة اسباب الامراض او عملية التشخيص او الاجراءات العلاجية.
وقد كشفت الدراسات الحديثة ان مستوى الحالة الصحية لكبير السن تتوقف بشكل اساسي على حالته الصحية في مرحلة منتصف العمر كما اشارت ايضاً إلى أن وقوع كبير السن في براثن المرض يتأثر الى حد كبير بعوامل نفسية واجتماعية, فقد تبيّن ان الأرامل يعانون من زيادة مخاطر الموت خلال السنة الاولى لوفاة القرين اعتمادا على موقفهم من الحياة وأن الضغوط النفسية بين مرضى القلب ترتبط بنقص تدفق الدم في عضلات القلب, كما اتضح أيضاً من الدراسات الوبائية ان نقص الدعم الاجتماعي يرتبط بالوقوع في المرض الجسمي، فالاشخاص الذين لديهم دعم اجتماعي ضعيف تزداد بينهم الوفيات خلال السنوات الخمس التالية لانخفاض هذا الدعم الاجتماعي وان المستويات المرتفعة من المشاركة والاندماج الاجتماعي تساعد في حماية الفرد من الاصابة بأمراض القلب, جاء ذلك في دراسة أوضاع المسنين ومشكلاتهم في المجتمع العربي الخليجي , ولهذا فإن البحث في المشكلات الصحية لكبار السن بعيداً عن الظروف النفسية والاجتماعية التي يعيشونها يؤدي الى فهم خاطىء، وبالتالي سياسات وبرامج صحية قد لاتحقق اهدافها المرجوة، فالصحة الجسمية الجيدة او السيئة لكبير السن لا تعتمد على عامل الزمن فقط ومن هنا تأتي قيمة التكامل بين مختلف الخدمات لكبار السن على مستوى التخطيط والتطبيق.
والاصابة بالمرض الجسمي تحدث في كل المراحل العمرية للإنسان وزيادة امراض معينة في مرحلة كبر السن تعني انها موجودة في مراحل اخرى وتعني ايضاً الاهتمام بالاجراءات الوقائية والعلاجية ولكنها لاتعني ان كبير السن مقيد الحركة والنشاط والفاعلية, ان الطاقات الجسمية لكبير السن تقل مع تقدمه في العمر ولكن يمكن التقليل من هذا التناقص بتنمية الوعي بالعادات الغذائية المناسبة وبممارسة السلوكيات الصحية الصحيحة مع توجيه اهتمام خاص نحو تحسين اسلوب الحياة ونوعيتها في حدود القدرات والمهارات المتوفرة لدى كبير السن.
وذكرت الدراسة ان الإجراءات الصحية الوقائية بدرجاتها المعروفة تحتل اهمية مضاعفة في مرحلة كبر السن خاصة ما يتعلق بالتشخيص المبكر والعلاج المبكر ولن يكون ذلك إلا من خلال برنامج متابعة منتظم لكل شخص كبير في السن مع توفر الكوادر الفنية المتخصصة في هذه المرحلة العمرية سواء من الاطباء والممرضين او الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين, وهدف هذه الرعاية الصحية لأي انسان ليس مجرد ضمان عدم الوقوع في براثن المرض ولكن تحقيق الرفاهية الجسمية والنفسية والاجتماعية لكل انسان في حدود طاقته وقدرته وينطبق ذلك على كبار السن, وتوجد فئات خاصة من كبار السن تختلف احتياجاتهم الصحية عن غيرهم ويتطلب الأمر وضع السياسات والبرامج المناسبة لهذه الاحتياجات الخاصة, وتضم هذه الفئات الخاصة كبار السن المعاقين سواء كانت الإعاقة حسية أو حركية كما تضم الطاعنين في السن ممن تزيد أعمارهم عن الثمانين والذين تتطلب حالاتهم الصحية مراقبة دقيقة مع الاخذ في الاعتبار ان الاحصاءات الدولية تشير إلى تزايد نسبة هذه الفئة بين كبار السن, الفئة الاخيرة تضم كبار السن الذين هم في حالة خطر وهم الافراد الذين لا يعانون من أمراض خطيرة ولكنهم معرضون للإصابة بها في المستقبل نتيجة لعوامل أو ظروف معيشية سلبية مثل الذين يعيشون في منازل سيئة صحياً أو في مناطق ملوثة أو يعيشون بمفردهم أو الذين تعرضوا لوفاة الزوج أو الزوجة أو تعرضوا لأعراض مختلفة, ان الاحتياجات الصحية لكبار السن تتمركز حول عنصر أساسي هو العمل بقدر الإمكان على تجنب الآثار السلبية لكبار السن او على الاقل تأجيلها اي احتفاظ كبير السن بقدراته الوظيفية من اجل تحقيق رفاهيته الجسمية والنفسية والاجتماعية.
ان اقامة لقاء المسنين حب ورعاية وقبله ندوة الرعاية الشاملة للمسنين يزيد من وعي وثقافة المجتمع حول فئة المسنين من ناحية اهتماماتهم وحاجاتهم ومطالبهم حيث إن لهم حاجات اجتماعية وأسريه وصحية ونفسية وبيئية وإسكانية خاصة ولعلنا نتحدث عنها في المستقبل ويبصر المراهقين والشباب والعاملين والموظفين بالادوار التي اداها كبار السن في حياتهم.
هذه اللقاءات والندوات تنمي في المجتمع حب المسنين وضرورة احترامهم وتقديرهم كما أنها تنمي الجانب العلمي والتطبيقي المتعلّق بحياة المسنين الاجتماعية والصحية والنفسية وتطور مجال طب ورعاية الشيخوخة.
* كلية التربية جامعة الملك سعود