عزيزتي الجزيرة:
لقد لفت انتباهي ما ورد في زاوية (الغربال) تلك التي يخطها قلم الدكتور عبدالله ابو داهش وذلك في هذه الصحيفة ذات العدد (10012) والتاريخ 20/11/1420ه اذ تحدث عن النخلة التي دفعت بالداخل الى قوله:
تبدَّت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل فقلت شبيهي في التغرب والنوى وطول التنائي عن بني وعن أهلي نشأت بأرض أنت فيها غريبة فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي سقتك غواري المزن في المنتأى الذي يصح ويستمري السماكين بالوبل |
وقبل الحديث عن الأبيات وما ورد عنها في المصادر، أجد ان البيت الأخير قد خرج عن المقطعة بل حرفت كلماته، وتغير رسم بعض حروفه وصحته:
سقتك غوادي المزن من صوبها الذي يَسُحُّ ويستمري السماكين بالوبل |
أعود للأبيات فأقول:
كان (ابن الأبّار) في (حُلَّته) ج 1، ص 35 38 قد تحدث عن الامير الداخل، ثم اورد الأبيات الثلاثة كما هي: اما الرابع فلم يرد كما ورد في (الغربال)، بل كما عُدِّل وعلّق عليها بقوله: وقد قيل ان الابيات لعبد الملك بن بشر بن عبدالملك بن بشر بن مروان بن الحكم، قالها عند دخوله الأندلس فراراً من بني العباس في صدر ايام الامير عبدالرحمن بن معاوية، وكان (ابن الأبّار) قد وقف عند هذا الرأي ولم ينف انها للامير عبدالملك، في حين انه قد قيل ان الداخل قد قال حول النخلة ذاتها:
يا نخل، أنت غريبة مثلي في الغرب نائية عن الأصل فابكي، وهل تبكي مكبَّسة عجماء لم تطبع على خبل لو أنها تبكي، اذاً لبكت ماء الفرات ومنبت النخل لكنها ذهلت، وأذهلني بغضي بني العباس عن أهلي |
فقال (ابن الأبّار) قالوا ان هذه الأبيات للامير عبدالملك بن عمر بن مروان بن الحكم ثم علق على هذا القول، ولم يعلق على السابق بقوله: (ومما يردّ هذا القول ويقوي نسبتها للداخل ما حكى الحافظ ابو القاسم خلف بن بشكوال في تأريخه ومن هنا، فانني ارى ان معظم الباحثين قد وقعوا في خطأ إسناد الأبيات للداخل كما وقعوا ايضا في إسناد أبيات (معاوية بن صالح القاضي) للداخل تلك التي قال فيها:
أيها الراكب الميمم أرضي أقر من بعضي السلام لبعضي إن جسمي كما علمت بأرض وفؤادي ومالكيه بأرض قدر البين بيننا فافترقنا وطوى البين عن جفوني غمضي |
فهذه الأبيات نسبها (الحجاري) للقاضي معاوية الداخل الى الأندلس قبل الداخل (انظر: المغرب,,، ج1 ص 102 103)، على ان البيت الاخير قد ورد هكذا:
قدَّر الله بيننا بافتراق فعسى الله باجتماع سيقضي |
إنني وأنا أعلق على ما ورد في غربال الزميل السابق والاستاذ الحالي الدكتور عبدالله أبوداهش، أثق أنه يبحث عن الحقائق، فذلك ما عرفته عنه في بحوثه وفي كتبه خاصة عن الأدب في جنوبي البلاد السعودية، والحقيقة هي التي نحاول السعي اليها ومن ثم البحث عنها، والله المعين في كل حال.
د, عبدالله ثقفان