في تصريحه الذي نشرناه في الصفحة الأولى أمس، شهد مبعوث قصر الكرملين قصر الحكم في روسيا الوزير رمضان عبداللطيف بأن المساعدات الانسانية من المملكة للاجئي جمهورية الشيشان تخطت المساعدات الدولية مجتمعة للتخفيف من معاناة اللاجئين الشيشان وتمكينهم من العودة السريعة الى ديارهم .
وهذه الشهادة يمكن تصنيفها في خانة الاعتراف لانها من احد طرفي الحرب في الشيشان وهو الطرف الذي قد لا يرحب كثيرا بمثل هذه المساعدات الانسانية التي تعيد اللاجئين الشيشان الى ديارهم.
فالروس أعداء الشيشان لم يجدوا بدا من الاعتراف بحق اللاجئين الشيشان في العودة الى ديارهم من ظروف الضغط الدولي من جهة، وتنامي المساعدات الدولية الانسانية وفي مقدمتها المساعدات السعودية المتفوقة من جهة أخرى وهي المساعدات التي تتجاوز حدود تخفيف معاناة اللاجئين الى حدود تسهيل حركة الانتقال والعودة ووصول المهلكين جوعا وبردا الى ديارهم بعد طول معاناة.
على اننا نرحب بزيارة المبعوث الروسي لبلادنا التي أعرب عن رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في تعميق وتطوير العلاقات السعودية الروسية وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين، ونرى في زيارته فرصة مواتية ليقف على اسباب القلق السعودي ملكا وحكومة وشعبا مع الشعوب الاسلامية الأخرى تجاه الأحداث الحالية في شمال منطقة القوقاز ومعاناة شعب الشيشان، لاجئين ومجاهدين، يدافعون عن كرامة شعبهم واستقلال وطنهم.
كما ان القلق السعودي خصوصا والاسلامي عموما مصدره أيضا اعتماد القوة العسكرية الغاشمة منطقا بديلا لمنطق التفاوض السياسي، خصوصا من قوة عسكرية كبرى كالقوة الروسية حين تستخدم ضد شعب صغير في تعداد وفقر وقلة امكانات شعب الشيشان.
ونأمل ان يعود المبعوث الروسي الى بلاده بعد زيارته للرياض برؤية أكثر وضوحا وموضوعية لما يتعين ان تفعله روسيا من أجل ايقاف عملياتها العسكرية ضد المجاهدين الشيشان في المناطق الجبلية، ومحاولة الاستماع الى وجهة نظر رئيس الشيشان مسخادوف حين يعرض على قادة الكرملين قضية بلاده وشعبه حتى ولو في اطار البقاء ضمن الاراضي الروسية بعد الاتفاق على حل سياسي يمنح أهل الأرض قدرا أوسع من الحرية والحكم الذاتي ولو كحل وسط بين الهيمنة الروسية المطلقة والاستقلال التام عنها.