أنقذ تشيلي من الشيوعية ليحكمها بيدٍ من حديد انتهاء ملحمة بينوشيه ليعود الدكتاتور إلى بلاده إسبانيا تخلت عن المطالبة به بعد قرار بريطانيا الإفراج عنه لأسباب صحية أنصاره يحتفلون بعودته إلى تشيلي,, وأقارب ضحاياه يطالبون بمحاكمته |
* سنتياجو لندن الوكالات:
رحب القادة العسكريون في شيلي بعودة دكتاتور البلاد السابق اوجستو بينوشيه الجمعة الماضية وسط اصوات الموسيقى العسكرية وتصفيق اسرته واصدقائه ومؤيديه.
وقد هبطت الطائرة التابعة للقوات الجوية التي عادت ببينوشيه من بريطانيا بعد قضاء 17 شهرا قيد الاقامة الجبرية في مطار سانتياجو وبعد ذلك تم انزال الجنرال البالغ من العمر 84 عاما من الطائرة على مقعده المتحرك.
وكان الجنرال ريكاردو ايزوريتا قائد القوات المسلحة الشيلية اول من رحب ببينوشيه بحرارة قبل ان يتحرك الديكتاتور السابق لتحية قادة الجيش واقاربه الذين بدا عليهم التأثر.
وقام مساندو الديكتاتور الذين احتشدوا في الشوارع بانشاد الاغاني مرحبين بعودته ولكن لم يكن في استقباله بالمطار اي من اعضاء الحكومة التي قررت تجاهله بعد ان ادت مشكلته الى انقسام حاد بين الشعب على مدى عام ونصف تقريبا.
وبعد حفل استقبال في المطار اتجه بينوشيه هو واسرته في طائرة هليوكوبتر الى مستشفى عسكري لاجراء فحوص طبية ومن المتوقع ان يظل بينوشيه في المستشفى لمدة شهر حيث استند محاموه الى اسباب صحية في طلب الافراج عنه.
يذكر ان العديد من الضباط الشيليين السابقين قد لجأوا الى التمارض ودخول المستشفى من قبل للتهرب من الملاحقة عن الجرائم التي ارتكبوها في ظل الدكتاتورية العسكرية بين عامي 1973 و1990 وليس من المعروف ما اذا كان بينوشيه سوف يسير في اثرهم ام سيستأنف شغل مقعده في مجلس الشيوخ الشيلي.
وفي مؤشر على التوترات التي تمر بها البلاد قبيل وصول بينوشيه منعت قوات الامن الصحفيين من دخول المطار في البداية ثم تراجعت عن قراراها بعد ساعة من ذلك.
وكان وزير الداخلية الشيلي قد انتقد في وقت سابق الترحيب الذي يعتزم العسكريون تنظيمه لبينوشيه قائلا ان ذلك ليس ملائما كما انه يتنافى مع الظروف والدوافع التي تم بموجبها الافراج عن بينوشيه في لندن .
وقد ظل مسار رحلة بينوشيه طي الكتمان ولم تهبط الطائرة كما كان متوقعا في الاصل في قاعدة اكيكي الجوية الواقعة على بعد 1,400 كيلومتر من سانتياجو.
وبعد التوقف لعدة ساعات في جزر اسنشن في المحيط الهادي تم تغيير مسار الرحلة بحيث تصل طائرة الجنرال الى العاصمة قبل الساعة 1330 بتوقيت جرينتش.
وكان مسئولو مؤسسة بينوشيه قد قالوا في وقت سابق ان الجنرال لايجب ان يصل الى سانتياجو في حالة من التخفي كما لو كان لديه ما يخجل منه .
وكان جاك سترو وزير الداخلية البريطاني قد رفع الاقامة الجبرية عن الديكتاتور السابق بعد صدور حكم قضائي بأن حالته الصحية لا تسمح بتسليمه الى اسبانيا التي تريد محاكمته بسبب جرائم ارتكبها بحق عدد من مواطنيها.
وتعرض قرار سترو لنقد حاد من جانب معارضي الرئيس الاسبق واقارب الضحايا الذين سقطوا على مدى سبعة عشر عاما من حكمه الاستبدادي.
وكان من المتوقع ان تقابل عودة الجنرال بمشاعر مزدوجة من جانب المؤيدين والناقمين، ومع تزايد الدعاوى المطالبة بمثوله امام المحكمة في بلاده ذاتها يبدو الجنرال كما لو كان يخرج من مأزق قانوني ليقع في اخر.
وقد جعل انتخاب الرئيس ريكاردو ليخوس في كانون الثاني يناير الماضي مسألة محاكمة الجنرال السابق في شيلي مسألة غير بعيدة عن الواقع حيث ان ليخوس هو اول رئيس اشتراكي لشيلي منذ سلفادور الليندي الذي قامت القوات الموالية لبينوشيه بالاطاحة به وقتله في عام 1973.
ويذكر ان اقارب ضحايا بينوشيه يقومون منذ فترة بتنظيم مظاهرات يومية امام القصر الرئاسي في سانتياجو للمطالبة بمحاكمته في حالة عودته.
وكان ليخوس قد قال انه سوف يدعم اتخاذ الاجراءات القانونية ضد بينوشيه وان كان ذلك قرارا كما اشار من اختصاص المحاكم وقد تم رفع سبعة وخمسين قضية ضد بينوشيه وهي موضوع تحقيقات رسمية.
وكان موكب من العربات برفقة حرس من الشرطة قد قام بنقل الحاكم الشيلي السابق اوجستو بينوشيه بسرعة بعيدا عن منزله المستأجر في بريطانيا الخميس الماضي فيما بدا انه المرحلة الاولى من رحلته عائدا الى وطنه.
وبعد اعلان وزير الداخلية البريطاني جاك سترو قراره بعدم تسليم الدكتاتور السابق الى اسبانيا لمواجهة ما يزعم من ارتكابه انتهاكات لحقوق الانسان اصبح الجنرال البالغ من العمر 84 عاما حرا في العودة الى وطنه بما يضع نهاية للملحمة الدبلوماسية والسياسية والقانونية غير العادية التي كانت قد بدأت بالقبض على بينوشيه في لندن قبل ستة عشر شهرا ونصف الشهر.
وقد احتشد المحتجون خارج مقر بينوشيه المؤجر في ساري بانجلترا معربين عن خيبة املهم للقرار الذي اصدره سترو فقد سهر عشرات الشيليين حاملين الشموع طوال الليل حتى الاعلان عن القرار حيث صدر النبأ المتعلق بمصير بينوشيه صباح الخميس الماضي.
وقد علق المحتجون مئات الرموز الصغيرة مدلاة من الاشجار خارج المنزل للدلالة على الذين اختفوا اثناء حقبة بينوشيه.
كما حملت الاشجار خارج المنزل لافتات كتب عليها: لقد جعلهم بينوشيه يختفون في عام 1973 , ان جاك سترو (يميل الى) جعلهم يختفون ثانية .
كما تم تعليق العديد من صور المختفين بالابيض والاسود على طول الطريق الذي سار فيه موكب بينوشيه.
وخلافا لذلك فقد جاء رد الفعل في العاصمة الشيلية سانتياجو متمثلا في خروج مسيرة تلقائية قبل فجر اليوم الجديد على الجانب الاخر من العالم حيث شهدت شوارع العاصمة الشيلية طربا ورقصا من جانب انصار بينوشيه امام عدسات الكاميرات التلفزيونية.
وقد اعلن سترو قراره النهائي بعد سبعة اسابيع من اعلانه انه يميل الى الافراج عن بينوشيه بناء على تقرير طبي اعلن ان بينوشيه غير مستعد للمثول لمحاكمته, واشارت معلومات تسربت من التقرير في وقت لاحق ان سلسلة من السكتات الدماغية قد الحقت بمخ الجنرال اضرارا تحد من قدراته.
وجاء في بيان لوزارة الداخلية البريطانية للسفير الاسباني ان سترو قد درس التقرير الطبي مجددا فضلا عن مشاركة البلدان الاربعة الساعية لتسليم بينوشيه وهي اسبانيا وسويسرا وبلجيكا وفرنسا.
غير انه قال انه يعتقد ان الانتقادات التي وجهت للتقرير الطبي غير مبررة واضاف ان الجنرال مريض بدرجة لا تسمح بتتبع اجراءات المحاكمة بشكل سليم.
وجاء في اعلان وزيرالداخلية القول ان الشروع في محاكمة متهم بالحالة التي جرى تشخيص السناتور بينوشيه على اساسها بناء على الاتهامات المرفوعة ضده في القضية لا يمكن ان تكون محاكمة عادلة في اي بلد من البلدان بل تنتهك المادة السادسة من المعاهدة الاوروبية لحقوق الانسان .
وفي مدريد رفع القاضي الاسباني بالتاسار جارزون طعنا في قرار سترو.
وقد بعث جارزون طلب الطعن مباشرة عن طريق الفاكس الى لندن وكان طلب القاء القبض الذي تقدم به جارزون في بداية الامر هو الذي ادى الى القبض على بينوشيه قبل خمسة عشر شهرا وبتقديم جارزون طلب الطعن من جانبه مباشرة يكون قد تجاوز الحكومة الاسبانية التي يتعين ان تقوم برفع مثل هذا الطلب في الاحوال العادية.
ومن المتوقع ان يطلب جارزون لاحقا من الحكومة اتباع الاجراء الرسمي ونقل استئنافه الى لندن عبر القنوات الدبلوماسية غير انه يعتقد ان فرص نجاح الاستئناف ضئيلة.
فقد اكد رئيس الوزراء خوسيه ماريا ازنار ووزير الخارجية ابيل ماتيوتيس ان الحكومة لا تنوي الاستئناف على قرار سترو.
وقال ما تيوتيس ان ضحايا بينوشيه قد كسبوا نصرا معنويا هاما على الرغم من القرار البريطاني، معربا عن ثقته في محاكمة بينوشيه في شيلي.
ويعتقد كثيرون ان الحكومة الاسبانية تؤثر اطلاق سراح بينوشيه فقد اوضح ماتيوتيس في وقت سابق ان تسليم بينوشيه الى اسبانيا سيضر بعلاقات مدريد مع شيلي وسوف يهدد الديمقراطية حديثة العهد في شيلي.
في حين انتقد المحامون الاسبان الموكلون عن ضحايا بينوشيه قرار سترو بعنف واتهم كارلوس سليبوي بريطانيا بانتهاك المعاهدات القضائية الدولية في حين وصف انريل سانتياجو القرار بأنه تدخل سياسي في العملية القضائية.
بينوشيه الذي قاد أطول
ديكتاتورية عسكرية في تشيلي
قاد الجنرال اوغستو بينوشيه الذي يبلغ من العمر 84 عاما اطول نظام استبدادي في تاريخ تشيلي, وبعد اعادة الحياة الديموقراطية الى البلاد في 1990 بقي بينوشيه قائدا لسلاح البر التشيلي حتى آذار / مارس 1998.
ومن العبارات الشهيرة التي كان الجنرال الذي تولى رئاسة الدولة من 1973 الى 1990 وحكم البلاد بقبضة من حديد يرددها في تشيلي لا يتحرك غصن اذا لم احركه بنفسي,
وكان بينوشيه قد استولى على السلطة في 11 ايلول/ سبتمبر 1973 في انقلاب دموي قام به ضد الرئيس الاشتراكي سلفادور الليندي الذي انتحر في قصر مونيدا بعد ان قصفه الانقلابيون.
وبدعم من القوات المسلحة وقوى الامن فرض بينوشيه على التشيليين البالغ عددهم 14 مليون نسمة نظاما ديكتاتوريا استمر حوال 17 عاما.
وقد فرض بالقوة ديموقراطية محمية من الخطر الشيوعي واعدم مئات المعارضين والممثلين النقابيين في بداية عهده ثم سجن قادة اليسار ونفى حوالي مليون تشيلي وقمع بعنف تظاهرات قتل فيها المئات بدءا من ايار/ مايو 1983.
وكان بينوشيه يقول محذرا عندما تخرج احدى الحركات السياسية الى العلن بعد فترة من العمل السري انني ادع العشب السيىء ينبت ولكن عندما يصبح كبيرا الى حد كاف اقطعه من جذوره مستندا في ذلك الى الدستور الاستبدادي الذي اعتمد في 1981.
وفي 7 ايلول/ سبتمبر 1986 خرج بينوشيه الذي كان يعاني من عزلة دولية كبيرة، من كمين نصبه اعضاء الحركة اليسارية جبهة مانويل رودريغير الوطنية سالما.
وجاءت قضية ليتلييه لتسمم علاقاته مع الولايات المتحدة، بعد ان اظهرت تحقيقات ان كبار المسؤولين في الشرطة السرية لنظامه متورطون في اغتيال وزير الخارجية الاشتراكي السابق اورلاندو ليتلييه في اورلاندو في 21 ايلول/ سبتمبر 1976.
وفي 6 تشرين الاول/ اكتوبر 1988 خسر بينوشيه الخبير في العمل السياسي والبارع في العمل الاستراتيجي معركة حاسمة في استفتاء كان يفترض ان يسمح له بالبقاء رئيسا حتى 1997 ، لكن 55% من الناخبين عبروا عن معارضتهم لذلك.
وفي كانون الاول/ ديسمبر 1989 فاز الديموقراطي المسيحي باتريسيو ايلوين في الاقتراع الرئاسي وتولي رئاسة الدولة في اذار/ مارس 1990.
لكن بينوشيه الذي ازيح عن السلطة بقي عضوا في مجلس الشيوخ مدى الحياة واحفظ بقيادة سلاح البر حتى آذار/ مارس 1998 بموجب قانون اصدره بنفسه قبل انسحابه من السلطة.
ويرى رجل الاعمال واليمينيون ان بينوشيه انقذ تشيلي من الشيوعية واوجد اجواء ملائمة للنمو الاقتصادي وذلك بتطبيقه نصائح اتباع الاقتصادي الليبرالي ملتون فريدمان.
وفي عهد ادواردو فري الذي تولى الرئاسة بعد ايلوين في آذار/مارس 1994 احتفظ بينوشيه بنفوذ كبير في البلاد وعبر الجيش عن استيائه عندما رفعت 550 دعوى على عسكريين متهمين بانتهاك حقوق الانسان وارتكاب جرائم سياسية واختفاء اكثر من الف من المعارضين.
ولد بينوشيه في فالباريزو في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1915 من اسرة اصولها فرنسية وهو اب لخمسة اولاد من زوجته لوسيا هيريارت.
في 1992 خضع بينوشيه لعملية جراحية في القلب ثم خضع لعملية جراحية ثانية في لندن حيث اوقف ووضع في الاقامة الجبرية في 16 تشرين الاول/ اكتوبر 1998.
قضية بينوشيه تشكل انتصاراً
للمدافعين عن حقوق الإنسان
ساهم اوغستو بينوشيه الذي سمح له بمغادرة لندن بعد اجراءات قضائية ضده استمرت 16 شهرا في ارساء اسس قضاء مؤيد لحقوق الانسان ثبته مؤخرا اعتقال حسين حبري الذي سمي ببينوشيه افريقيا .
وقد سعت منظمات الدفاع عن حقوق الانسان والحقوقيون الذين وقفوا بجانبها الى تجاوز شعورها بخيبة الامل لعدم اكتمال القضية بعد 16 شهرا من فتحها واكدت ان الافلات من العقاب لم يعد حتميا للطغاة في الماضي والحاضر والمستقبل.
ولم تمر اعادة كتابة القانون الدولي من دون صعوبة, فمحضر الاتهام تقلص شيئا فشيئا مع توالي الجلسات امام القضاء البريطاني المعروف بمحافظته وهي صفة تجعل مساهمته اكثر اقناعا, فعندما اوقف في لندن في تشرين الاول/ اكتوبر 1998 بطلب من اسبانيا كان الجنرال سيحاكم بتهم قتل واختفاء اكثر من 3500 معارض بين 1973 و1990 وعندما اعلن قرار وزير الداخلية البريطاني جاك سترو يوم الخميس الافراج عن بينوشيه لاسباب صحية كانت التهم قد تقلصت لتنحصر بارتكاب عمليات تعذيب.
ولم تؤد الجهود التي بذلتها بلجيكا ومنظمات عديدة للدفاع عن حقوق الانسان من بينها منظمة العفو الدولية سوى الى ارجاء الافراج عنه الا ان الخبراء في الحقوق يؤكدون ان فشلها يجب الا يحجب تقدما كبيرا حققته.
وذكر هؤلاء الخبراء نقطتين في هذا المجال احداهما تتعلق بالحصانة التي يتمتع بها رؤساء الدول الحاليون او السابقون التي لم تعد تشكل ضمانة ضد كل الاخطار كما رأوا ان الصفة العالمية وغير القابلة للتقادم لبعض الجرائم ضد البشرية ثبتت رسميا بينما كانت السيادة الوطنية المقدسة ذريعة تستخدم لمنع اي تدخل في شؤون البلاد.
وقد عبر مدير منظمة هيومن رايتس ووتش المشاركة في الملف التشيلي ريد برودي عن ارتياحه في بداية شباط/ فبراير الماضي لتوجيه التهمة في داكار الى الرئيس التشادي السابق حسين حبري لتواطؤه في عمليات تعذيب وشكل هذا الاجراء سابقة في افريقيا التي تشهد مجازر باستمرار.
وقال برودي حينذاك انه بينوشيه افريقي, لدينا هنا رئيس اجنبي سابق اعتقل في بلد اخر لجرائم ارتكبها في بلاده .
وفي الاجمال تشكل قضية بينوشيه اكبر مساهمة قدمت للقضاء الدولي بعد محاكمات نورمبرغ للقادة النازيين في 1945 و1946 حسبما رأى استاذ القانون البريطاني مايكل بايرز وتشاطره منظمة العفو الدولية هذا الرأي.
وقال ريد برودي يوم الخميس ان العالم اصبح صغيرا اليوم للذين يرتكبون فظائع .
وقد اثبتت هذه القضية حصول وعي دولي ولاسيما نتيجة للمجازر في كوسوفا او في رواندا.
فإلى جانب بريطانيا التي وافقت على توقيف سناتور مدى الحياة على ارضها بعد مرور 15 يوما من استقبالها له بحفاوة بالغة ، واسبانيا التي اصدرت مذكرة تطالب بتسليمه رغم الاضرار المحتملة التي يمكن ان يسببها ذلك لعلاقاتها الاساسية مع تشيلي شاركت ديموقراطيات غربية عديدة بلجيكا وفرنسا وسويسرا في هذه القضية معبرة عن رغبة في محاكمة رجل تشيلي القوي السابق على اراضيها.
واخيرا قال محامي احدى المنظمات غير الحكومية في نهاية هذه الاجراءات ان فرصة محاكمة بينوشيه في تشيلي تساوي احتمال ذهابه الى الجنة .
وايا تكن مواقفهم، يعزي انصار حقوق الانسان انفسهم بفكرة ان الديكتاتور السابق الذي يبلغ من من العمر 84 عاما والذي كان يلقى منذ فترة دعم الولايات المتحدة وتستقبله الدول بحفاوة اصبح مدانا معنويا اليوم وميتا سياسيا , وخلافا للمخاوف التي عبرت عنها سلطات سانتياغو لم تؤد قضية بينوشيه الى اخراج عملية الانتقال الديموقراطية والمصالحة الوطنية عن مسارها والدليل على ذلك ان الديكتاتور السابق يعود الى تشيلي التي انتخبت اول رئيس اشتراكي لها منذ سلفادور الليندي الذي اطاحه بينوشيه قبل 27 عاما.
إطلاق سراح بينوشيه يفجر أزمات
لوزير داخلية بريطانيا
كان وزير الداخلية البريطاني جاك سترو يعلم انه سيتعرض لتنديد شديد اذا سمح لاوجستو بينوشيه بالرحيل وانه سيتعرض لنفس التنديد اذا لم يسمح له بالرحيل.
كان وجود الدكتاتور التشيلي السابق في بريطانيا رهن الاعتقال المنزلي طوال الشهور الستة عشر الماضية اكبر مصدر للمتاعب لسترو الذي ربما كان منصبه اكبر مثار للمتاعب من اي منصب اخر في الحكومة البريطانية.
وصبت منظمات حقوق الانسان جام غضبها وفزعها للسماح لبينوشيه بحرية الرحيل.
وكان خصومهم المؤيدون لبينوشيه سيفعلون نفس الشيء لو ان سترو قرر السماح بتسليم رجل تشيلي القوي لمواجهة اتهامات بالتعذيب في اسبانيا.
ووجد سترو نفسه في قلب ازمة بعد ازمة لان مهام منصبه وشخصيته وضعاه في دائرة الاخبار.
وباستثناء قضية بينوشيه وهي من اعقد واكثر القضايا السياسية حساسية التي شهدتها بريطانيا فإنه يتعين على سترو ان يتخذ بنفسه القرار في طلبات اللجوء السياسي في بريطانيا التي تقدم بها اكثر من 70 من اللاجئين الافغان الذين كانوا بين ركاب الطائرة الافغانية التي خطفت الى لندن.
وكثيرا ما يوجه الاتهام الى سترو الذي انتمى لليسار اثناء سنوات الدراسة بالتحول الى اليمين عندما تولى منصب وزير الداخلية في بريطانيا.
وقال سترو لمجلة اسكتيتور في مقابلة الشهر الماضي لست مناهضا لليبرالية .
واضاف فيما يتعلق بالاجناس والحياة الخاصة للمواطنين فإنني ليبرالي للغاية .
واكثر منتقدي سترو هي ان ويديكوم المتحدثة باسم حزب المحافظين المعارض لشئون وزارة الداخلية والتي تصف سترو بأنه سبب كوارث بعد ان ارتفع عدد الاشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على اللجوء السياسي بنسبة قياسية بلغت 55 في المائة في العام الماضي.
وقال المحافظون ان هذه الاحصائيات تبين ان بريطانيا ووزارة الداخلية بوجه خاص اصبحتا نقطة سهلة لطالبي حق اللجوء.
واهان سترو المنظمات النسائية بقراره السماح للملاكم الامريكي مايك تايسون الذي ادين في قضية اغتصاب بتحدي قوانين الهجرة ودخول بريطانيا للعب مباراة ضد بطل محلي.
كما اغضب سترو صائدي النازيين عندما طرد كونراد كاليجس المشتبه في تورطه في جرائم اثناء الحرب العالمية الثانية وهو من مواطني لاتفيا.
لكن في حين ان كل هذه المشاكل كانت من نصيبه بحكم منصبه كوزير للداخلية وهو منصب صعب يصفه بعض المعلقين بأنه مقبرة السياسة البريطانية فإن استرو اثار جدلا فيما يبدو ببعض التصريحات التي ادلى بها, واغضب محامين يعارضون جهود الحكومة لمحاولة الحد من المحاكمات عن طريق المحلفين اذ وصف هذا النظام في مقابلة مع احدى وسائل الاعلام بأنه يمثل الليبرالية وفي مقابلة اخرى بأنه يمثل قوى المحافظين , وردت صحيفة صنداي تايمز في مقال افتتاحي بقولها كيف يمكن ان يمثل الاتجاهين؟ ان السبب, ذلك بالتأكيد هو, ان الهدف الحقيقي للهجوم هو كل من يعارض ما تفعله حكومته والتعبير المناسب للاسلوب هو الاستالينية .
وطالب المحافظون سترو بأن يعتذر عن اهانة الانجليز بعد ان قال في مقابلة انهم عدوانيون وبالغو العنف .
ولم يكن من السهل ابدا تضييق الخناق على سترو (52 عاما).
وبمرور الوقت ترك سترو انطباعا في الاذهان على انه متشدد نسبيا اصبح يقوم بدور رئيسي في حزب العمال الجديد الذي وضع في السلطة توني بلير في عام 1997.
ويتفق الخط الذي ينتهجه سترو مع وعود بلير الانتخابية بانتهاج اسلوب متشدد من الجريمة واسبابها .
وعندما ضبط ابنه وليام البالغ من العمر 17 عاما وهو يشتري القنب في حانة بعد بضعة اشهر من انتخابه سلمه سترو الى مركز الشرطة المحلي.
|
|
|