Sunday 5th March,2000 G No.10020الطبعة الاولى الأحد 28 ,ذو القعدة 1420 العدد 10020



قراءة في المؤتمر الصحفي لسمو وزير الداخلية
كرامة وحقوق الإنسان هي أصل الممارسات والتعاملات في حياة المسلم السعودي العربي
الأمير نايف: إننا أولا مسلمون ونحترم كرامة الإنسان في كل شيء
عبدالرحمن بن عبدالله الزهيان

أجاب صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بعد رعايته حفل تخريج دفعة من الضباط الجامعيين في كلية الملك فهد الأمنية الثلاثاء الفائت، أجاب سموه على جملة من أسئلة الصحفيين، تناولت الشؤون الخارجية والشؤون الداخلية للمملكة، والأسئلة التي تناولت الشؤون الخارجية هي: جولة التضامن العربي لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني على العواصم العربية: القاهرة ودمشق وبيروت، والعلاقات الأمنية ومفاوضات الحدود بين السعودية واليمن الشقيقة وسقفها الزمني، ووصول الحجاج العراقيين الى مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة (1) ، وكانت اجابات سموه تعكس النهج السعودي وتسير وفق ثوابت السياسة السعودية الخارجية من: الاحترام المتبادل والتكافؤ التام واحترام مبدأ السيادة، والعمل من أجل السلام والعدل الدوليين، والاهتمام بكل قضية اسلامية وعربية ومشاركة المملكة لأهلها مشاركة كاملة الى ان يبلغ الحق مستقره وتحل تلك القضايا، ودعم كفاح الشعوب الاسلامية في سبيل الحرية والاستقلال (2) .
أما الأسئلة التي تناولت الشؤون الداخلية فهي: التحقيق الشريف والحيادي، وظاهرة ايذاء بعض الشباب للناس بعد المباريات، وحقوق المرأة السعودية، وادمان بعض النساء الشابات والمراهقين للمخدرات، والزواج من الخارج، ونظام الكفيل، وتسريح بعض الشباب السعوديين من العمل بعد اندماج بنكين كبيرين سعوديين (3) , وهذه الأسئلة معنية بها وزارة الداخلية، إلا أن الكاتب يركز هنا على مسألتين هما: التحقيق الشريف والحيادي وحقوق المرأة السعودية، لأنها أسئلة تكررها بعض الوسائل الاعلامية من جنسيات مختلفة، وتسري الى بعض الصحفيين السعوديين ويطرحونها في مثل هذه المناسبات، وان كان في تصوري ان اجابات مثل هذه الأسئلة معروفة لديهم لأنهم أعلم بحقائق الواقع السعودي من جميع جوانبه اكثر من غيرهم، لسببين:
الأول: ان المجتمع السعودي مفتوح على مصراعيه داخليا وخارجيا، فيوجد داخليا اكثر من 120 جنسية تمثل جنسيات وثقافات مختلفة من جميع أنحاء العالم مما يتيح للأفراد السعوديين التفاعل والتثاقف معهم ومعرفة الأوضاع الدولية بشكل عام, والمجتمع السعودي مفتوح خارجي حيث إن المواطنين السعوديين لهم حرية التنقل والسفر متى يشاؤوا مما أتاح لهم فرصة التنقل والسفر الى معظم دول العالم واكتسبوا معارف متنوعة ومروا بتجارب مختلفة تمكنهم من عقد المقارنات، اضافة الى ان الاعلام الفضائي ينقل احداث العالم ومجرياته الى منازلهم ويجعلهم يطلعون على ما يحدث أولا بأول، ويستطيعون بذلك تشكيل الآراء والتصورات.
والسبب الثاني: ان الواقع في المملكة العربية السعودية، هو ان الشريعة الاسلامية وحسب النظام الأساسي للحكم هي الأصل الكلي لجميع التعاملات الادارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلاد، وأي نظام وتعامل لا يتفق معها لا يؤخذ به (4) ، والشريعة الاسلامية نظام متكامل يصون حقوق الانسان والحيوان.
صيانة كرامة وحقوق الإنسان أصل ممارسات المسلم السعودي:
لقد كانت كرامة وحقوق الانسان مضمونا يتكرر في اجابات صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، فهو يقول: اننا أولا مسلمون ونحترم كرامة الانسان في كل شيء ويقول سموه: نحن شعب وأمة مسلمة، ونحن شعب نرعى الكرامة، ونجلها، ونترفع بأنفسنا عن كل ما هو يمس بكرامة الانسان ، ويقول حفظه الله: وأملي بشباب هذه الأمة، وكل مواطن وكل مقيم ان يعرف انه ينتمي الى امة كريمة، وأنه مسلم وعربي ويتخلق بالأخلاق الفاضلة , وهذه اجابات كافية وشافية لجميع الأسئلة وما سيسأل مستقبلا لمن يعرف الواقع السعودي الذي يرتكز على الشريعة الاسلامية.
نعم نحن شعب مسلم أولا، ونحن شعب عربي ثانيا, فكرامة وحقوق الانسان هي قيمة دينية، قال تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، ان أكرمكم عند الله أتقاكم (5) ، والكرامة هي قيمة عربية أيضا، ومن لا يعرف ذلك فهو لا يعرف عن العربي شيئا، فالعربي لا يقبل ان تمس كرامته، بل ان حياته بلا معنى بدون كرامة، فيحرص العربي على صون كرامته وصون كرامة غيره من البشر على مدى تاريخه الطويل، لذا كان الكرم، والنجدة والنصرة، والفخر، والشهامة,, قيما عربية ثابتة في تاريخه ووجدانه، فهو يكرم الضيف ولا يسأل عن مسألته حتى تنقضي أيام الضيافة الثلاثة,, صونا لكرامته، وينصر الضعيف والمظلوم المستنجد,, صونا لكرامته، وحتى في أسوأ أحوالهم يصون العرب حياة وكرامة الانسان، فالى عهد قريب عندما كانت الفوضى ضاربة اطنابها في الجزيرة العربية ويسود الغزو والنهب بين القبائل البدوية، كانت حياة وكرامة الانسان مصانة، لأن الغزو لا يهدف الى القتل وسفك الدماء، ويقول في ذلك كارستن نيبور احد الرحالة الغربيين: ان في شبه الجزيرة العربية لصوصا، كما هي الحال في جميع بلدان العالم، ولكنهم أكثر لصوص العالم تمدنا، لأنهم عوضا عن ان يحذو حذو اللصوص في تركية الأوروبية الذين يقتلون من يريدون سلبهم، لا يقدمون، الا فيما ندر، على قتل من يسلبونهم، الا اذا أبدوا مقاومة شديدة او جرحوا احدهم، حتى انهم يقومون باضافة ضيافة بعض من يسلبونهم، والاحسان اليهم، فيردون اليهم بعض المأكولات والثياب العتيقة، ويرافقونهم في بعض الأحيان خوفا من ان يلقوا حتفهم في الصحراء (6) ، ويفسر اولريخ جاسبار ستيزن وهو رحالة غربي ايضا سلوك افراد القبائل في الأخذ بالغزو، فيقول: ان هذا لا يمنع ان يكون الغزو في عداد نشاطات الفروسية لدى البدو, ويمكن التأكيد نوعا ما ان البدو مضطرون للغزو , فهم لا يستطيعون العيش على المورد الذي يأتيهم من الماشية، ويعلمون حق العلم انهم اذا ظلوا طويلا في حالة سلام، نقصت ثرواتهم، لذا فان الحرب والغزو يصبحان ضروريين ، ويمضي فيقول: ولكن هذه الحرب مرتبطة بقانون شرف، وهذا القانون لا يسمح بالقتل في سبيل النهب الا اذا كان هنالك ثأر (7) .
ان هذه الوقائع لم نرويها عن انفسنا وانما رواها رحالة غربيون ليس لهم مصلحة في ان يذكروا القيم الانسانية الجميلة التي يحملها البدوي العربي والذي يعيش احلك ظروفه في الصحراء القاحلة، ومعرفة هذه القيم يجعلنا حقا نشعر بالفخر والاعتزاز بالانتماء الى هذه الأمة المسلمة العربية.
اذاً فان صون كرامة وحقوق الانسان هو أصل الممارسات والتعاملات في حياة المسلم السعودي العربي، وهو حالة ذهنية ووجدانية دائمة ومستمرة تقوده نحو فضائل الاعمال، وهو مضمون قيمي متمأسس institutionalized في حياته العامة والخاصة, ان صيانة كرامة وحقوق الانسان عادة وسلوك ديني واجتماعي ينطلق من ارث حضاري ممتد إلى آلاف السنين، يأخذ به ويراعيه الكبير قبل الصغير.
مراحل صياغة حقوق الإنسان التاريخية التي مرت بها في الأمم المتحدة:
لقد مرت صياغة الصكوك الأساسية كي يتقبلها المجتمع الدولي ويستوعبها بعدة مراحل، بدأت هذه المحاولات بميثاق الامم المتحدة سنة 1945م ولم يدخل بعضها حيز التنفيذ إلا سنة 1976م، واستغرق اعتماد بعضها 18 عاما، والصكوك الأساسية المتعلقة بحقوق الانسان والتي تنص على الحماية العامة، كما دونتها الامم المتحدة، هي:
1 ميثاق الأمم المتحدة سنة 1945م، وفيه وافق المجتمع الدولي على الالتزام بانشاء ضمانات لحقوق الانسان تكفل الحماية للأفراد والمجموعات والمجتمعات المحلية المهددة حقوقها بفعل الاجراءات الحكومية (8) .
2 الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948م، وتمثل عباراته الرنانة ارفع ما يتطلع اليه الجنس البشري، وتشمل مواده الثلاثين على القواعد والحريات الاساسية لجميع الشعوب، وتتضمن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, إلا ان الاعلان في حد ذاته لا تتوافر له قوة القانون (9) .
3 العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الانسان سنة 1966م، وهما مستوحيان من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ويتضمنان المعايير الدولية المعترف بها والتي يقرر على أساسها ما يعتبر انتهاكات لحقوق الانسان، واعتمد العهدان في سنة 1966م، واستغرقت عملية اعتماد الأمم المتحدة للعهدين وآليات تنفيذهما المرفقة 18 عاما (10) .
4 العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة 1966م، ودخل حيز التنفيذ سنة 1976م، ومن مواده: الحق في الحياة والحرية والامن، الحق في عدم الاخضاع للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او الحاطة بالكرامة، وحضر العبودية,, وغيرها (11) .
5 العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 1966م، ودخل حيز التنفيذ سنة 1976م، ومن المواد التي يتضمنها ما يلي: الحق في العمل، والحق في الضمان الاجتماعي، والحق في حماية الاسرة,, وغيرها (12) .
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
تتكون مواد الاعلان من 30 مادة هي: يولد جميع الناس احرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق.
(1)لكل انسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الاعلان دون ما تمييز من اي نوع.
(2) لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه.
(3) لا يجوز استرقاق احد.
(4) لا يجوز اخضاع احد للتعذيب.
(5) الحق بالشخصية القانونية.
(6) الناس جميعا سواء امام القانون.
(7) لكل شخص حق اللجوء الى المحاكم الوطنية.
(8) لا يجوز اعتقال اي انسان او حجزه او نفيه تعسفيا.
(9) حق الانسان النظر في قضيته من قبل محكمة مستقلة ومحايدة على قدم المساواة مع الآخرين.
(10) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا الى ان يثبت ارتكابه لها قانونا ولا يدان اي شخص بجريمة بسبب اي عمل او امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى القانون الوطني او الدولي.
(11) لايجوز تعريض احد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة.
(12) حق التنقل ومغادرة اي بلد.
(13) حق التماس ملجأ في بلدان اخرى ولا يمكن التذرع بهذا الحق اذا كانت ملاحقته ناشئة بالفعل عن جريمة غير سياسية او عن اعمال تناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
(14) حق التمتع بالجنسية ودعم الحرمان منها او تغييرها.
(15) للرجل والمرأة متى ادركا سن البلوغ لهما حق التزوج وتأسيس اسرة دون اي قيد بسبب العرق او الجنسية او الدين وهما يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله، ولا يعقد الزواج الا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا اكراه فيه، والاسرة الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع لها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
(16) حق التملك وعدم تجريد احد من ملكه.
(17) حق حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل حق الدين او المعتقد واظهاره.
(18) حق التمتع بحرية الرأي والتعبير.
(19) حق الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية وعدم ارغام احد على الانتماء الى جمعية ما.
(20) حق المشاركة في ادارة الشؤون العامة للبلد.
(21) الحق في الضمان الاجتماعي.
(22) حق العمل والأجر المتساوي على العمل المتساوي، ومكافأة عادلة للحماية الاجتماعية وانشاء النقابات.
(23) الحق في الراحة واوقات الفراغ.
(24) الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته وللأمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين.
(25) الحق في التعليم الابتدائي والأساسي والتعليم المهني والتعليم الجامعي حسب الكفاءة ويستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الانسان وللآباء حق اختيار نوع التعليم لأولادهم.
(26) حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية وحماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على اي انتاج علمي او أدبي او فني.
(27) حق التمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن ان تتحقق في ظله الحقوق والحريات المنصوص عليها.
(28) على كل فرد واجبات ازاء الجماعة ولا يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته الا للقيود التي قررها القانون ولا يجوز ان تمارس هذه الحقوق على نحو يناقض مقاصد ومبادىء الأمم المتحدة.
(29) ليس في هذا الاعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تحويل أية دولة او جماعة أو أي فرد، أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف الى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه (13) (30).
تناقض مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
نصت المادة 16 وفي الفقرة الاولى منها على ان للمرأة الحق في الزواج بدون قيد بسبب العرق او الجنسية او الدين، وهذه دعوة للانفلات والفوضى الاجتماعية، ثم تقول المادة نفسها في الفقرة الثالثة والأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة ، فكيف تكون الاسرة هي الخلية الأساسية وللمرأة الحق في الزواج ممن تشاء متجاهلة حماية واشراف وتوجيه الأسرة مما يؤدي الى تفككها، وهي التي تسعى الى وحدتها وتماسكها.
دعت المادة 16 الى زواج من بلغ سن البلوغ ولم تحدد السن، فقد يصل الولد سن البلوغ في الرابعة عشرة من عمره، وتصل الفتاة سن البلوغ في الثالثة عشرة من عمرها، ويتزوجان وينجبان اطفالا، والعالم ليس في حاجة الى اطفال ينجبون أطفالا، وينتج عن ذلك اطفال ينشأون بدون اشراف آبائهم او امهاتهم، ومن المؤكد انهم لن يحسنوا تربيتهم لعدم نضجهم الجسماني والعقلي والنفسي والعاطفي، وتزداد المجتمعات تفككا.
لم يراع اعلان حقوق الانسان العالمي حقوق المسلمين الدينية وتجاهل اكثر من بليون مسلم في انحاء العالم عندما يجيز للمرأة المسلمة ان تتزوج من غير ملتها، والاسلام لا يُجيز ذلك.
كما لم يراع الاعلان حقوق المسلمين الدينية بمنحه الحق بأن يغير المسلم دينه.
لم يراع الاعلان حقوق الشعوب والاكثرية في بلادها وحقها في تقرير مصيرها، واختيار ما يناسبها من الانظمة الدينية والاجتماعية والسياسية التي تناسبها، وذلك عندما يفرض الاعلان في المادة 30 على الدول نظام ديني واجتماعي وثقافي جديد حيث لا يجيز لها مراعاة مبادئها الدينية والاجتماعية وفسرت المادة هذا الفعل بهدم حقوق الانسان، مخالفة بذلك المادة الاولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (14) .
واقع تطبيق حقوق الإنسان في العالم:
هذه هي الصكوك الأساسية المتعلقة بحقوق الانسان والتي تنص على الحماية العامة وتطورها التاريخي، كما جاءت من مركز حقوق الانسان في جنيف، وهي تحمل قيما انسانية جميلة ولكنها لا تضيف شيئا الى المجتمع السعودي المسلم، ونتمنى ان تسود المجتمع الدولي وتحقق شيئا على ارض الواقع، فحقوق الانسان ما تزال تنتهك من شمال الكرة الأرضية الى جنوبها ومن شرقها الى غربها، ويتعرض الانسان الى القتل والابادة الجماعية والنقل القسري، والتمييز العنصري في السكن والعمل واماكن الترفيه، ولا يحرك المجتمع الدولي ساكنا وقد اصبح مكشوفا اعلاميا، حيث ترصد قناة CNN التلفزيونية (15) وغيرها من وسائل الاعلام انتهاكات كثيرة لحقوق الانسان وهي حية وطرية، فهناك مهاجر افريقي يتعرض للاغتصاب من قبل مجموعة من رجال الشرطة، ومهاجر افريقي مسلم آخر اشتبه به من قبل اربعة من رجال الشرطة وهو يهم بدخول مدخل بنايته التي توجد بها شقته وهو عائد من عمله فيخرقون جسده بواحدة وعشرين رصاصة ويسقط مضرجا بدمائه ويقتلون حلمه في بلاد العسل واللبن ودخول الجامعة لدراسة الحاسب الآلي,, وتبرئهم المحكمة ولم يحصلوا على توبيخ او ضربة خفيفة على اليد، وتحرق كنائس الزنوج، وتتعرض المساجد الى التخريب والايذاء، ويحرق المهاجرون في مراكز الضيافة وهم احياء، ويمنع الأجانب بسبب لون جلدتهم من ارتياد المقاهي والمطاعم وأماكن الترفيه، وتحرم فئات إثنية من المواطنين من الحصول على عمل في المنشآت العامة والخاصة بسبب دينهم أو لونهم أو عرقهم، وتمارس جماعات عنصرية منظمة تحت مرأى ومسمع الحكومات صنوف الارهاب النفسي والتعذيب الجسدي لمن يختلف عنهم في اللون والعقيدة,, وغيرها من صنوف الانتهاكات الانسانية والتمييز العنصري التي يندى لها الجبين, النظام الأساسي للحكم وآلية صيانة حقوق الإنسان:
إن صيانة كرامة وحقوق الإنسان ليست عملية طارئة Process في المجتمع السعودي ويسعى المنظمون والمنظرون إلى تشغيلها، ويضعون لها اللوائح والأنظمة، ويجربونها ثم يعدلونها ويبدلونها حتى تصل إلى مرحلة ترضي الدوافع السياسية وبالتأكيد قبل أي دوافع انسانية محورها صيانة كرامة وحقوق الإنسان، ان حقوق الإنسان منسوجة في الشريعة الإسلامية وفي الحياة الاجتماعية السعودية.
وصلت المجتمعات الإسلامية إلى ذروة حضارتها الإنسانية بفضل قيمها الدينية، وعندما تجعل بعض الدول كالمملكة العربية السعودية الشريعة الإسلامية نظام حكم وادارة فان مواد الاعلان لا تضيف إليها شيئاً.
لقد تجنب النظام الأساسي للحكم التناقضات التي وقع فيها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، خصوصاً تلك التي تتعلق بالقيم الدينية والاجتماعية وعدم توافقها مع الشريعة الإسلامية كالفقرة التي كالفقرة التي جاءت في المادة رقم 16 والتي تجيز للمرأة المسلمة عندما تصل سن البلوغ ان تتزوج من تشاء وان كان من غير ملتها، والمادة رقم 18 التي تجيز للإنسان أن يغير دينه ومعتقده وهذا ما لا يجيزه الإسلام, أما بقية مواد الاعلان فهي لم تأت باضافة جديدة وتضمنتها مواد النظام الأساسي للحكم التي تناولت حقوق الإنسان الشاملة، العامة منها والاقتصادية والثقافية والسياسية وكانت أكثر شمولية ودقة من مواد اعلان حقوق الإنسان كما يظهر لنا حيث ان الاعلان لم يعالج مسألة التقاضي أمام المحاكم على قدم المساواة مع الآخرين، وهي مسألة تتعلق بالعدل، والعدل أساس استقرار المجتمعات ونهضتها، فأغلب دول العالم تعين لغير القادر على دفع اتعاب الترافع محامياً من قبلها وهو في العادة جديد وليس لديه الخبرة الكافية والدافع فهو يعمل بأجر قليل لدى المحكمة وينظر إلى واجبه كعمل يومي، بينما الثري والقادر والمدعي عليه يستطيع بأمواله ان يستعين بخدمات محامي خبير متمرس يعمل لحسابه، فينقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، هذا من جانب، ومن جانب آخر فان النظام الأساسي للحكم وضع آلية لصيانة حقوق الإنسان قلما تتوافر في نظام آخر حيث أتاح لكل شخص يوجد في المملكة بأن يتقدم بشكواه إلى الملك أو ولي العهد فمجلسهما مفتوحان (16) ، وكذلك مجلس صاحب السمو الملكي وزير الداخلية والذي أكد لكل شخص سمع بمزاولة تحقيق غير شريف ان يتقدم إليه، هذا بالاضافة إلى ان مجالس أمراء المناطق مفتوحة على الدوام لاستقبال شكاوي وطلبات أي شخص سواء مواطن أو مقيم, وعندما يجيب سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز على أسئلة تتناول حقوق الإنسان انما يؤكد على الالتزام والسير على منهج ثابت يؤكده النظام الأساسي للحكم النابع من تعاليم الشريعة الإسلامية التي آخت بين الانسان والإنسان، ويُشدد على صيانة أبسط حقوقه.
أولاً: وسائل التحقيق:
يؤكد سموه على أن التحقيق مع المخالفين يجري من خلال هيئة مستقلة، هي هيئة التحقيق والادعاء العام، ومن قبل محققين شرعيين يُراعون الضوابط والمقاصد الشرعية في التعامل مع الانسان ويتعاون معهم رجال الشرطة في جمع الأدلة، ويتم الوصول إلى الحقيقة التي تخدم المقصد الشرعي من اقامة الحدود وحماية المجتمع وذلك بحفظ أرواح وأعراض وأموال الناس دون عنف أو تعسف، ومن شذ عن هذه القاعدة، فان سموه يدعو حتى من سمع بأسلوب تحقيق لا يجري على هذا النحو ان يحضر إليه ويُبلغه بذلك، ليأمر بالتحقيق مع المخالف، وان ثبت عليه شيء من ذلك فانه يتعرض للعقاب ومنها الطرد من الخدمة.
ثانياً: حقوق المرأة السعودية:
تزعم جهات اعلامية خارجية غياب تطبيق حقوق المرأة في السعودية، وهذا زعم عام يمكن أن يُطلق على أي دولة دون تحفظ، فما هي حقوق المرأة التي لا تطبق في المملكة، ومن الضروري أن توضح هذه الحقوق، فتكرار زعم عدم تطبيقها من قبل وسائل الاعلام الأجنبية قد يعطي انطباعاً مغلوطاً وقد يعتقد البعض ان حقوق المرأة مغموطة في المملكة.
حقوق المرأة في مواثيق الأمم المتحدة:
وردت حقوق المرأة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي وضعت سنة 1979م، واعتمدت في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1979م ودخلت حيز التنفيذ في سنة 1981م (17) ، كما وردت في المادة رقم 16 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان (18).
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979م :
تعرف الاتفاقية في المادة الأولى التمييز ضد المرأة بأنه: أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على اساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو احباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر .
ونصت المادة الثانية على أن تنتهج الدول الأعضاء سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتتعهد بالقيام بما يلي: ادماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية، اتخاذ المناسب من التدابير التشريعية وغير التشريعية والجزاءات لحظر كل تمييز ضد المرأة، فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة عن طريق المحاكم ذات الاختصاص من أي عمل تمييزي، اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة، وتغيير أو ابطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة (19).
أما حقوق المرأة التي جاءت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، فقد جاءت في المادة 16 وفقراتها الثلاث، وهي: للرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ لهما حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين وهما يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله، ولا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملاً لا اكراه فيه، والأسرة الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة (20) .
وقد تكون مثل هذه التشريعات جيدة لمجتمعات ليس لها أنظمة تسن حقوق المرأة وتساويها أمام الرجل في المحاكم، وتزوج فيها بالاكراه، ولكنَّ مجتمعا اسلاميا له نظام إلهي متكامل فان جميع هذه الحقوق مصانة، فكان جواب صاحب السموالملكي الأمير نايف، وهو يتحدث عن تطبيق حقوق المرأة في المملكة: كون الذين يرونها هم حقوقاً غائبة هذا شيء يؤخذ ويعطى فيه,, ونحن مسلمون ونحكم شرع الله في أمورنا كلها والمرأة المسلمة أشرف بكثير من أن تكون سلعة يزايد فيها الآخرون, فالاسلام هو الذي يحفظ حقوق المرأة وكل جديد لخير المرأة سيتم ولكن بدون خروج أو مخالفة للشريعة الاسلامية (21) ، واظهر سموه في اجابته المرونة في تقبل الجديد الذي يخدم المرأة كجزء فاعل وهام في المجتمع بحيث يتوافق مع القيم الدينية والقبول والاجماع الاجتماعي، ومما لا شك فيه أن تشريعات حقوق المرأة التي نصت عليها هذه الاتفاقية مطلوبة خصوصاً في تلك المجتمعات التي لا تطبق الشريعة الاسلامية.
التهاب المشاعر:
وأمام هذه الحقائق والمعطيات المثبتة، والتي تدل على المقومات الصلبة والراسخة والأصيلة والتي يرتكز عليها نظام الحياة الشامل في المملكة العربية السعودية، فلا يسع أي مواطن إلا أن تلتهب مشاعره وعواطفه وترتعد فرائصه عندما يأتي من يتحدث عن كرامة الانسان وتطبيقها، لأن حقوق الانسان هي حياة الشعب السعودي ولا يحتاج إلى من يذكره بها، لأن المقصود بذلك هو التشويه والتضليل.
* الهوامش:
1 جريدة الجزيرة عدد 10016، الأربعاء 24 من ذي القعدة 1420ه ص8.
2 د, خالد العلي، السياسة الخارجية ودوائر حركتها، في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية في مائة عام، وزارة الخارجية، 1319ه، ص 75 76.
3 جريدة الجزيرة مصدر سابق ص8
4 وزارة الداخلية، وزارة الداخلية نشأة وتطور، مطبعة وزارة الداخلية، الرياض 1419ه، ص 446.
5 سورة الحجرات الآية 13.
6 جاكلين بيرين، اكتشاف جزيرة العرب، تعريب: قدري قلعجي، تقديم: حمد الجاسر، منشورات الفاخرية، الرياض ، بدون تاريخ، ص148 149.
7 جاكلين بيرين، اكتشاف جزيرة العرب، مرجع سابق، ص 223.
8 الأمم المتحدة، مركز حقوق الإنسان، حقوق الإنسان والخدمة الاجتماعية، جنيف، 1994,7م، ص37.
9 المصدر السابق، ص 37.
10 المصدر السابق ص37.
11 المصدر السابق 38.
12 المصدر السابق، ص38 39.
13 المصدر السابق، ص 110 116.
14 المصدر السابق ص117 ص 128.
15 يمكن الحصول على نسخ فيديو لهذه الأحداث من المحطة التلفزيونية بمراسلتهم.
16 المادة 43 من النظام الأساسي للحكم.
17 الأمم المتحدة، مركز حقوق الانسان، حقوق الانسان والخدمة الاجتماعية، مصدر سابق ص40.
18 المصدر السابق، ص113
19 المصدر السابق ص 40
20 المصدر السابق ص 113
21 جريدة الجزيرة مصدر سابق ص8.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

ملحق النقل العام

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved