إن الحديث عن مدينة الرياض وتطورها هو بلا شك حديث عن بناء المملكة وتطورها اذ ان الرياض بالنسبة للمملكة العربية السعودية كالقلب بالنسبة للجسد مكاناً ومكانة فاذا كان القلب لا يكف عن الحركة داخل الجسد بعيداً عن الأخطار فكذلك الرياض تتربع في وسط رقعة المملكة على دائرة عرض 24,38 شمالاً وخط طول 46,43 شرقاً ويتيح لها هذا الموقع المتوسط اشرافاً عادلاً على متابعة مسيرة التنمية في كل أطراف المملكة شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً, والرياض تتوسط قلب شبه الجزيرة العربية وقلب كل سعودي وقلب كل عربي ومسلم انها مدينة فريدة في تجربتها العمرانية نجحت في التوفيق بين الحداثة بمحيطاتها الثقافية المتطورة وبين التراث بثوابته الاخلاقية وقيمه الفاضلة ولقد روضت الرياض الظروف الطبيعية واستطاعت ان تصوغ تخطيطاً عمرانياً نموذجياً لمدينة اسلامية عصرية سابقت توقعات الخبراء والمخططين اتساعاً وازدهاراً والرياض ليست مجرد مدينة كسائر المدن وانما هي رمز لتاريخ دولة يجسد وحدتها ويبرز معالم نهضتها ومفاخر انجازاتها الحضارية العظيمة في مختلف المجالات فقد شهدت هذه المدينة الجميلة في وقت مضى انطلاقة ملحمة التأسيس من عمق الرياض على يد القائد المؤسس الموحد الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه ومنها إلى جميع أرجاء الجزيرة العربية وهي التي اخرجت البلاد بفضل الله ثم بجهود القائد الموحد الملك عبدالعزيز من ظلام الجهل والتخلف إلى نور الاسلام والعلم والتقدم والتآخي اذ تفخر الرياض بأنها تحتضن بين جنباتها أكبر وأعرق جامعتين جامعة الملك سعود وجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، والعديد من الكليات والمعاهد وغيرها من منارات العلم وهي التي انجبت ورعت مثقفينا ومفكرينا ورجالات القيادة والدين والسياسة والعلم والاقتصاد والرياضة والثقافة في بلادنا الغالية ويحق لعروس المدائن بأن تفرح وتتباهى فهي التي انطلقت منها ملحمة التوحيد والتأسيس براية تحمل الشهادتين الى جميع أرجاء الجزيرة العربية بالدعوة للاسلام والى تصحيح المعتقدات والمذاهب الباطلة الهدامة, ان ما حصلت عليه الرياض هذا العام يعد من المناسبات العظيمة التي جعلت منظمة اليونسكو تضعها عاصمة للثقافة العربية ولنا الحق ابناء هذا الوطن العزيز الأبي بأن نفرح بهذه المناسبة ونساندها بكل ما أوتينا مما نستطيع تقديمه.
والرياض تستحق اختيارها عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م لأن المملكة استطاعت ان تحقق نمواً ثقافياً هائلاً في زمن قياسي, فالاختيار لم يأت من فراغ اذ هو امتداد للدور الثقافي والحضاري الذي قامت به المملكة متمثلة بالأندية الأدبية والجامعات والمعاهد وما تقدم به هذه الصروح العلمية من أنشطة ومن محاضرات وندوات ودورات واجتماعات دورية تصب في مصلحة العلم والثقافة وجذب المثقفين الكبار ممن لهم باع طويل في مجال العلم والثقافة وكذلك المفكرين فعاصمتنا الحبيبة دائماً أيامها ولياليها افراح ومناسبات وأمسيات فمنذ سنة مضت احتفلت المملكة العربية السعودية من شمالها لجنوبها ومن شرقها إلى غربها في كل مدينة وقرية وهجرة وفي كل بيت بمئوية فتح الرياض على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وفرحنا مع اخواننا مواطني هذا البلد الطيب بهذه المناسبة وذكراها الطيبة العطرة ونحمد الله ونشكره على هذه النعمة نعمة الأمن والاستقرار والمعيشة الطيبة الهنيئة والحمد لله فان الافراح والمناسبات لا تكاد تفارق وطننا الحبيب فالسعادة جذورها بأراضينا ونتفيأ بظلالها ونقطف من ثمارها فلا يخلو ميدان أو مناسبة من مدينة الرياض تعلو هذه الميادين وتحصر الأوسمة متمثلة برجالها في ميادين العلم والسياسة والطب والثقافة العسكرية والرياضة والفكر والأدب وهذا الفخر والاعتزاز باختيار الرياض عاصمة العرب الثقافية لعام 2000م فهي جديرة تماماً بهذا الاختيار في كل الأحوال فمنها تنطلق فعاليات مهرجان الجنادرية ومنها تخرج عشرات الصحف والمجلات الثقافية والكتب الدينية والعلمية والثقافية فهي مركز ثقافي شامل يضم جميع العلوم.
محمد صنيتان الحربي
رئيس بلدية تمير