يشكو العرب، والمتضررون منهم بالذات اللبنانيون والفلسطينيون والسوريون دائما من ان ردود الفعل العربية تجاه ما تواجهه بعض الدول العربية وخاصة لبنان وفلسطين من عدوان مستمر من قبل اسرائيل، هي تصريحات لاتتجاوز الشجب والتنديد، ويشكون من ان رد الفعل العربي يخفت بمرور الوقت بعد ان تنجز اسرائيل جريمتها وتترك الضحية الدولة العربية التي استهدفها العدوان الاسرائيلي وحيدة تواجه مصيرها الذي يتعدى في كثير من الاحيان الاضرار العسكرية الى التأثير السلبي علىحياة الناس كما هو حاصل في فلسطين ولبنان اللذين يتعرضان منذ وقت طويل لسلسلة شرسة من الاعمال العدوانية.
ولعل غياب رد الفعل العربي المؤثر والحازم هو الذي شجع اسرائيل ومن يدافع عنها في المحافل الدولية ويزودها بالآلة العسكرية الفتاكة على ارتكاب المزيد من الاعمال العدوانية التي تجاوزت كل الضوابط الاخلاقية والانسانية.
ذلك الغياب العربي الذي كان احد الافرازات السلبية لضعف التضامن العربي واختفاء الحد الادنى من وحدة الصف ماكان ليستمر طويلا في ظل وجود قيادات عربية فاعلة أخذت على عاتقها القيام بالمبادرات العملية ذات التأثير الفاعل عربيا واقليميا ودوليا.
وقيادة المملكة التي ظل الهم العربي عموماً، والهموم اللبنانية والفلسطينية والسورية خصوصاً متواجدة بشكل دائم ومترسخ في ضمائر رجالاتها ماكان لها ان تتخلى عن دورها المحوري والرائد في التصدي لكل ما يضر العرب والمسلمين جميعا, ولهذا جاءت جولة سمو ولي العهد الامير عبدالله بن عبدالعزيز التي شملت ثلاث دول عربية تواجه كل منها عدواناً اسرائيلياً، لكل عدوان صورته وخصائصه، فإذا كان لبنان يواجه عدوانا عسكريا ارهابيا يوميا يتمثل في تدمير البنى الاساسية والاقتصادية وصنع التوتر اليومي على اراضيه، فإن سوريا تواجه عدوانا مستمرا باحتلال اسرائيل لجزء عزيز من ارضها ومحاولات صهيونية خبيثة لكسب ثمن مقابل انهاء هذا الاحتلال، في حين تواجه مصر تآمرا متواصلاً من اسرائيل وأعوانها لتحجيم دورها الاقليمي وثنيها عن الوقوف الى جانب الحق والى جانب اشقائها.
لهذا كانت جولة سمو ولي العهد لهذه الدول تعزيزاً لصمودها,, جولة تترجم الفعل العربي في أقوى مظاهره، فالتحرك السعودي الذي تمثله زيارات سمو ولي العهد الامير عبد الله بن عبد العزيز لايحقق مظلة سياسية بحجم الثقل السياسي والمكانة الدولية للمملكة فحسب، بل سيحقق أيضاً الدعم الوقائي ضد أي عدوان اسرائيلي آخر على لبنان، كما أنه يضخ دماء جديدة للجهود الحقيقية الساعية لإعادة التضامن العربي وصياغة جديدة لوحدة الصف، اضافة لما تمثله الجولة من مساندة مالية واقتصادية وبالذات للبنان الذي تضرر كثيراً هو وشعبه نتيجة صموده في وجه الغطرسة والوقاحة الاسرائيليتين.
الجزيرة