عاصمة الثقافة والدور المنشود,,! حسن المصطفى |
حرك اختيار الرياض عاصمة للثقافة للعام 2000 الكثير من الاقلام والعقول التي اخذت تعبر عما يدور, يخلدها من افكار وتصورات لما من الممكن ان تكون عليه عاصمة الثقافة، وما الدور الذي من الممكن ان تلعبه في تغيير بعض البنى الاجتماعية ووضع لبنات لتفكير عقلاني يواكب التسارع العالمي في حقل عولمة الثقافة وتعميم الممارسة السليمة لانماط الحياة المختلفة.
البعض من الكتاب والمثقفين استهجن الموضوع واعتبره ضربا من الكوميديا السوداء! واخذ يشكك في مقدرة الرياض على الحضور بشكل فاعل في ساحة الفكر والثقافة، واخذ يقارن بين الرياض وما عداها من العواصم العربية، فأين الرياض من بيروت والقاهرة ودمشق، حيث يمارس الابداع بمداه الواسع، وتأخذ المواهب حقها من الرعاية وحيث الكتاب يتنقل دون عقبات.
وهناك فريق آخر من الكتاب راح يشحذ همته ويطلق عنان خياله منشدا المعلقات العصماء من القصائد، احتفاء بانتخاب الرياض عاصمة للثقافة وحاضنة لها دون ان يضع في اعتباره ما الذي يمكن ان يقدمه في هذا الزفاف الكبير من برامج وعطاء يضيف جديدا ويزيد الرياض تألقا وجمالا.
عند النظر في المقولتين السابقتين نلاحظ تطرفا واضحا وغيابا للتفكير العقلاني، وتحكيما للعواطف والمواقف الشخصية، دون النظر ة المتفحصة القائمة على دراسة الحالة بتأنٍّ وروية آخذين في الاعتبار جميع المعطيات التي تحيط الموضوع بسلبها وايجابها للخروج في النهاية بحكم موضوعي يعمل على بناء الحالة الثقافية دون تزييف او تضليل للواقع.
ان الموقف الذي يجدر بنا ان نقفه من هذا الحدث، هو موقف المثقف الملتزم تجاه قضاياه ووطنه المثقف الباحث دوما عن فضاء يقدم من خلاله مايستطيع من منجز ثقافي واجتماعي يدفع بالحالة الثقافية لمواقع متقدمة دون كلل اوملل آخذا بعين الاعتبار مصلحة مجتمعه ووطنه وهنا لابد للمثقف ان يكون له حضوره وفاعليته، ولابد من جهة اخرى ان تعطي له الفرصة ليقدم ابداعه ويقدم مالديه من فكر مستنير عبر عطاء متواصل قائم على مبدأ مد الجسور وبناء الثقة بين المثقف وكافة قطاعات المجتمع ومؤسساته، ان بقاء المثقف منعزلا في محيط ضيق وانكفاءه على نفسه سيؤدي بنا لحالة من الركود والجمود الثقافي وتغليب للثقافة القشرية والشعبية في اذهان الناس واذا كنا نريد للجهل والخرافة ان تزولا لابد لنا من التواصل الدائم بين المثقف والمجتمع والمؤسسات الثقافية الرسمية والاهلية لخلق جو ثقافي عام يأخذ مكانه السليم ويعمل عمله من اجل نضج ووعي افضل.
وتعميما للفائدة ودعما للحراك الثقافي للمقدمة، ولكي تكون الرياض عاصمة للثقافة في ابهى صورها نقترح التالي:
1 التعاون البناء بين المؤسسات الثقافية الرسمية والاهلية من جهة والمثقفين والمبدعين من جهة اخرى وان يأخذ هذا التعاون مداه الواسع لتعميم الفائدة، دون وضع حواجز تعيق طريق هذا التعاون.
2 تشجيع روح الابداع والابداع المغاير وتعميم روح المسامحة بين الثقافات المختلفة وذلك عبر تشجيع الحوار بين المجتمع والمثقف، وبين المثقفين بعضهم البعض، ضمن دائرة ادب الحوار وحق كل فرد في الابداع دون تغليب لرأي على آخر.
3 التعامل مع المسألة الثقافية بجدية اكثر، على اعتبار ان الثقافة ركن هام من اركان بناء المجتمعات الحديثة، فكما للاقتصاد دوره الهام كذلك للثقافة دورها الهام في بناء المجتمع وترسيخ دعائمه.
4 التعامل مع العمل الابداعي بشكل حضاري باعتباره منجزا انسانيا ووطنيا يخدم الصالح العام ولا يمكننا ان نتعامل مع الابداع بالانماط القديمة دون الاخذ بتطور الزمان والمكان.
ختاما اشد على يد الاستاذ علي الدميني على ما قدمه من مقترحات جميلة في زاويته البهية خيول ومربعات تهدف لتطوير الحالة الثقافية في بلادنا على امل ان تتحقق مقترحاته علميا في اقرب فرصة بإذن الله.
|
|
|