الجريمة صناعة أنتجها النمو والازدهار,, ومع أن الاحصائيات المتعلقة بالجريمة صعبة جداً من حيث تفسيرها، إلا أنه من الملاحظ زيادة معدل الجرائم في السنوات الأخيرة.
فطبقاً للأرقام التي توردها احصائيات الامم المتحدة، فقد زاد عد الجرائم التي ابلغ عنها خلال عشر سنوات على نطاق العالم بنسبة 5% في السنة، وهذا أعلى من مستوى الزيادة في السكان.
لقد باتت الصحف ومحطات التلفزيون والقنوات الفضائية في مختلف انحاء العالم هذه الايام، مشبعة بالتقارير عن جرائم العنف وازدياد نشاطات المافيا العالمية.
ومن المحتمل ان تشتد الجريمة نتيجة للعولمة, ففي نوفمبر 1994م ذكر المشتركون في مؤتمر الامم المتحدة لوزراء دول العالم حول الجريمة المنظمة ان هناك زيادة ملحوظة في الجريمة الدولية، مشيرين إلى وسائط النقل الحديثة وتأثيرها، وتأثير الاتصالات المتقدمة، وتخفيف الرقابة على الحدود وعمليات غسيل الأموال القذرة.
ويقدّر أنّ حجم الأموال التي تم غسلها في اوروبا وأمريكا ينوف عن مليار دولار في العقد الماضي، مما أقلق بلدان الاتحاد الاوروبي واضطره الى إنشاء وكالة اقليمية سمّتها مجموعة الاتحاد يورو بول ومقرها لاهاي، ومهمتها الاساسية مراقبة نقل المخدرات وغسل الاموال القذرة ويمكن ان تزداد مشاكل الجريمة جرّاء الهجرة الدولية, كذلك قد تؤثر الهجرة على معدل الجريمة في الاقطار المستقبلة للمهاجرين، وذلك جرّاء حدوث توتر بين المهاجرين الجدد وبقية افراد المجتمع.
كذلك من المحتمل أن تؤثر العولمة في مستويات الجريمة بشكل أكثر جذرية, إذ أنّ انتشار السوق الحرة يقلقل الأوضاع في المجتمعات القديمة ويُحدث مظالم جديدة فيها ,, وحين يفقد الناس اتصالاهم بشبكات الدعم التقليدية، يواجهون الاغتراب والعزلة، مما يضطرهم الى اقتراف الجريمة.
والاحصائيات المذهلة عن ذلك كافية لبث الذعر فالجريمة في الواقع قضية اكثر غموضاً وأعقد تركيباً مما يبدو من عناوين الصحف المنذرة بالخطر.
إنّ إحدى المشكلات الكبرى في تناول الجريمة بالبحث هي النقص في البيانات المتعلقة بذلك ففي كثير من البلدان النامية خاصة لايجد الباحث أية معلومات موثقة تتعلق بالجرائم.
ومما يجدر ملاحظته أن معظم الناس يقرنون بين الجريمة والخوف، وبين الجريمة والعنف وبين الجريمة والفساد، وبين الجريمة والتنمية وبين الجريمة و الفقر، وبين الجريمة والبطالة وقد جرت العادة أن تؤخذ المعدلات العالية في الجرائم كإشارة خطر تنبىء أن انهياراً اجتماعياً وشيكاً، يربض خلف المنعطف, بَيدَ أن على المرء أن ينتبه الى عدم إعطاء الأمر أهمية أكثر مما ينبغي,, ففي كثير من المجتمعات، تمضي الجريمة دون أن يكتشفها أو يعاقب عليها أحد, ومع هذا فإن الناس يمضون في حياتهم اليومية بصورة عادية مقبولة.
إن القلق العام المتعلق بالجريمة يتنامى, ومن ثم ، فعلينا جميعاً أن نقول لا للجريمة,.
*عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية