** بفيلمين روائيين فقط احتل المخرج السوري محمد ملص مكانة بارزة على خريطة السينما العربية,, واحلام المدينة والليل رغم ان الاخير ظل مكبوتاً بالعلب منذ عام 1992م ولم يطلق سراحه إلا في العام الماضي، بهما حصد ملص 16 جائزة دولية واقليمية,, اهمها: احلام المدنية ، التأنيث الذهبي من قرطاج 1984م والنخلة الذهبية من فالنسيا وجائزة اليونسكو من كان في ذات العام، ونال عن الليل تأنيث قرطاج الذهبي عام 1992م في عام 1993م الجائزة الكبرى لمهرجان فريبورج السويسري والجائزة الأولى من بروج البلجيكي والفضية من فالنسيا, وبجعبته عدد من الافلام الروائية القصيرة حلم مدينة صغيرة واليوم السابع وقنيطرة 74 والذاكرة والكل في مكانه وكل شيء على ما يرام سيدي الضابط والاخير ناطق بالروسية وبطولة الروائي المصري صنع الله ابراهيم اضافة الى افلام وثائقية طويلة ابرزها المنام ونور وظلال والاخير أعطى الجزيرة الفنية فرصة الحوار مع ملص:
* ولأن القنيطرة مسقط رأسه بدت شاغلاً اساسياً في اعماله فقد بدأنا حوارنا عن الليل القنيطرة عبر كتابات اربع له,, بالقلم او الكاميرا هي روايته اعلانات مدينة كانت تعيش قبل الحرب صدرت عن ابن رشد 1979م,, ثم ذات الرواية كتابة ثانية صدرت ببيروت عام 1990م، فسيناريو الليل ورابعاً تنفيذه اخراجاً,, فضلاً عن اطلاليتين موجزتين بفيلميه القصيرين قنيطرة 74 والذاكرة ؟
قال ملص: الليل تتويج لمشروع معتمد لذاكرة مدينتي القنيطرة التي خربها الاحتلال الصهيوني، عام 1967م ولد وتبلور عقب قراءتي بمجلة الديار ما اثار بقلبي وروحي الرعب، فقد ورد على لسان رئيس الأركان الصهيوني وقتها موردخاي جور اثناء بحث الانسحاب من المدينة ان كسينجر اثبت انه يحفظ موقع كل بيت في المدينة شعرت انني اتمزق العدو يعرف تفاصيل مدينتي!! ولم اجد ما ارد به الا ان اعيد بناء مدينتي,, ولو على الورق، كانت مدينتي جميلة,, واردت وفاء لها ان اعيد تشكيلها كما كانت، واسعفتني الذاكرة في اخراج فيلمي الروائي القصير قنيطرة 74 وتلاه روايتي,, اعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب حاولت فيها توثيق تفاصيل مدينتي وكأنني لم اشبع فأعدت كتابة الرواية قبل الليل الذي كان ايضاً الكتابة الرابعة للقنيطرة.
* ولماذا الإلحاح على التكرار؟
كنت كمن طرد من بيته فيحاول استعادة تفاصيله مع انتقاله من مكان الى آخر إلحاح نعم,, تكرار لا,, فأنا اتصور ان كل مرة استعدتها فيها كانت تخلق شيئاً جديداً.
* في ذات السياق تبدو افلامك كحلقات في مشروع متصل فقصير السبيعات يبدو تمهيداً لفيلميك الروائيين؟
يبدو رأيك سليماً الى حد كبير، ولم اكن واعياً بذلك، لكنني وجدت مشاهد بعينها تتكرر، مثلاً: وجدت في احلام مدينة مشهداً من حلم مدينة قصيرة وفي الليل وجدت مشهداً اخر من قنيطرة 74 والمشهد الآخير من احب مشاهد مسيرتي الى قلبي وعقلي,, فهو لامرأة تقف في بيت متحطم,, تحمل نافذة مدمرة وبعد تعليقها لها، تمسح وجهها بقطعة من الزجاج المكسور.
* وكيف حدث ذلك؟
الحقيقة لم اتوقف عند كيفية انجاز المشهد السابق,, وقد لا اربطهما الآن ببعضهما، كما لا اعيد النظر في رؤيتي لمشاهد قدمتها سابقاً لكنني ببساطة اتكلم عن وجع لايزال موجوداً,, ومتجددا، ولهذا اكرره مرات,, ومرات,.
فندق المقاومة
* الوجع,, خصوصاً مع القنيطرة المدينة الاحتلال ألا يتناقض مع ما اثير مؤخراً عن المنتج المشارك في سينما الدنيا ؟
لا ادري من اين اتت الجرأة لدى من أثاروا,, وبتعبير ادق افتعلوا هذه المشكلة، موقفي واضح من التطبيع,, ومن العدو، هذه نقطة,, الثانية ان المؤسسة العامة للسينما بسوريا هي التي اشترطت احضار منتج مشارك، ومن هنا جاءت موافقة الصديق التونسي المقيم بفرنسا على المشاركة في الانتاج.
* وماذا عما تردد عن انتاجه المشترك مع سينمائية صهاينة,, رفض مهرجان دمشق عرض افلامه التونسية؟
هذا غير صحيح، وافلامي كلها مازالت في خندق المقاومة,, بالكاميرا,,السلاح الذي املكه، من جانبي احضرت لهم اقراراً من الصديق التونسي بأنه لم ينتج بالمشاركة مع صهاينة، ولم يتعامل مع العدو بأي شكل، والدليل على افتعال هذه المشكلة ان نفس المؤسسة عادت لتوافق على الانتاج المشترك معه، وبدلاً من مشاركته ب 30% وافقت على زيادتها الى 50%.
* اولاً: نحن لا نشكك في انك من القلة التي مازالت في خندق المقاومة,,ثانياً هل مازلت قابعاً في ذاكرتك الخاصة مع مشروعك سينما الدنيا ؟.
ليس تماماً,, ففيلمي القادم غادر ذاكرة المكان والزمان الى ذاكرة السينما,, الى الخيال، اتكئ فيه على سينمائيتي الخاصة,, وسينما بلدي واصدقائي, وايضاً سينما الآخرين الذين احببتهم، وداخل سينما الدنيا اربع محطات بمثابة تحية لسينمائيين غير سوريين، سينمائيين احببت افلامهم فأردت ان اقدم تحية لهم، أصنع فيها لحظات مشاهد تماثل ما احببته في افلامهم من مشاهد، كما اتمنى ان اهدي فيلمي الى سينمائي كبير احبه.
* من هو ,,, ؟
حتى الآن، وقبل انجاز الفيلم لا استطيع التصريح به، حتى اتأكد من أن الفيلم يستحق اهداءه اليه,, لأنني اراه مخرجاً ذا قيمة لا تحد، وفقط اقول لك انه غير عربي.
* والتحايا الاربع؟
المشاهد الاربع -التحايا- فهي ل كيروساوا من فيلمه تيدوس كيبن وبازوليني من فيلمه حظيرة الخنازير و برجمان من فيلمه التوت البري وايزنشتاين من فيلمه المدرعة تمبتين .
,,,, والعرب.
*كلهم ايضاً اجانب فهل لهم تأثيرهم الخاص عليك ,,, ؟
السينما كما باقي الفنون ليس لها انتماء لبلد محدد، حتى لو كانت كما احبها تمتلك وفاءً لا حدود لها لمجتمعها وبلدها المحليين مع ذلك ولا اعتقد انني تأثرت بسينمائيين محددين، وحبي لهؤلاء يأتي من علاقتي بالسينما,, التي اراها كما الاحلام، احبها, واحب رؤية جمالها عند الآخرين، لذلك فانا احب اكثر مما اتأثر، احببت افلاماً معينة,, وبالتالي احببت مخرجيها,.
* وماذا عن العرب ,,, ؟
تحيتي للمخرجين الاربعة لا تنفي امتناني للافلام العربية,, وتحديداً المصرية والتي شكلت بدايات عشقي للسينما، فسينما بركات مثلاً تركت بداخلي الكثير,, علمتني الانتباه الى الصورة خاصة، في فيلم الحرام ,, ومازالت آثار افلام مثل الزوجة الثانية لصلاح ابو سيف وباب الحديد ليوسف شاهين ماثلة,, بداخلي، اما توفيق صالح فله مكانة خاصة عندي,, وتحديداً فيلمه المخدوعون الذي كان وسيمثل احد المفاتيح الاساسية لمشروع سينما الدنيا,, المخدوعون له حضور مهم في فيلمي,, ليس فقط لأنني احببته ولكن ايضاً لاسباب كامنة في النسيج والسياق الدرامي ل سينما الدنيا .
* كل شيء يبدأ من ذاتك من ذاكرتك,,ألهذا تصر على كتابة افلامك بنفسك؟
ليست كلها اما الاديب المصري صنع الله ابراهيم كتب سيناريو فيلم تخرجي، وصديقي عمر اميرالي شاركني في كتابة سيناريو القرامطة الذي لم يتحقق حتى الآن كما شاركني في الفيلمين التلفزيونيين نور وظلال ومدرس ضمن سلسلة الوصايا العشرة.
* والذاكرة,, والذات؟
انا لم اختر هذا النوع طواعية، فتلقائياً وجدت نفسي استقي مادتي التعبيرية من ذاكرتي ووعي الخاصين، ودائماً ما اسعى لاكون وفياً للعلاقة بين هذا الوعي وشكل التعبير عنه,, حتى بما يراه البعض من شوائب فيه, وبعيداً عن أزمة كتابة السيناريو بسوريا وقلة كتابة المبدعين فخياري الذي ليس الافضل او الاسوأ والذي يرهقني مادياً ونفسياً هو ان اعبر بنفسي عن عالمي الوجداني الخاص بي,, والذي لم ينته بعد، وحين ينتهي سأبحث في عوالم وبحار الآخرين وعندها قد يكون الافضل ان اتوقف عن الكتابة السينمائية لاتفرغ للاخراج فقط.
ولد المخرج السينمائي محمد ملص بمدينة القنيطرة عام 1945م، ودرس السينما بمعهد V.G.I.K السوفيتي فيما بين عامي 68 1974م وتتلمذ على يد المخرج مايجور تالاتكين.
في موسكو انجز ثلاثة افلام روائية قصيرة هي حلم مدينة صغيرة واليوم السابع والكل من مكانه وكل شيء على ما يرام سيدي الضابط والاخير فيلم التخرج كتبه ومثله صنع الله ابراهيم.
كتب روايته الاولى اعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب التي نشرت ببيروت عام 1979م واعاد كتابتها برؤية جديدة لتصدر بدمشق عام 1990م.
عمل بقسم السينما بالتلفزيون السوري ليحقق قنيطرة 74 روائي قصير والذاكرة والفرات تسجيلين.
عام 1982م انجز فيلمه الاول الطويل احلام مدنية لينال به احدى عشرة جائزة دولية.
حقق فيلماً تسجيلياً طويلاً هو المنام عام 1987م، وعن تجربته فيه اصدر ثاني اعماله الادبية المقام مفكرة فيلم الصادر بيروت عام 1990م.
* انجز فيلم الليل عام 1992، ولم يعرض جماهيريا الا في فبراير 1997، مما افقده معظم زخمه التجاري ,, رغم فوزه بخمس جوائز دولية في عامي 92 1993م.
* بدأ مع صديقيه اسامة محمد وعمر ايدلاى سلسلة الوصايا العشر عن رواد الفن والثقافة السوريين انجزوا منها نور وظلال عام 1995م عن الرائد السينمائي نزيه الشهبندر ومدرس عن الرائد التشكيلي فاتح المدرس ,, وكلاهما تسجيلي مدته 45 دقيقة,.
له العديد من الافلام التي مازالت في طور الاحلام منها سيناريو الابلة مع صنع الله ابراهيم والقرامطة مع عمر ايرالي.
* آخر تكريماته كانت بقرطاج عام 1996م، لفوزه بذهبيتي المهرجان عامي 84 1992م.
* شارك في تمثيل المصير آخر افلام المخرج المصري يوسف شاهين .
حوار: كريم طارق