جولة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحرس الوطني والتي تنقل خلالها بين مصر وسوريا ولبنان وهي ثلاثتها من دول المواجهة المباشرة لاسرائيل جاءت في وقت أوشك فيه الاحباط الذي عاناه الشارع السياسي العربي طويلاً ان يفقده ثقته في حكامه وفي قدرتهم على تجاوز الخلافات التي مافتىء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أيده الله يصفها بأنها هامشية لم ولن تمسَّ جوهر الروابط الأزلية بين أطراف الأمة العربية .
وقد أشاعت هذه الجولة التي حظيت بأعلى قدر من الاهتمام والمتابعة والتفاؤل في مختلف الدوائر التي يتشكل بها الشارع السياسي العربي عطفاً على القيمة القيادية الثمينة التي تجسدها شخصية سموه، والأهداف التي كلفه أخوه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله بتحقيقها خلال جولته هذه وفي مقدمة هذه الأهداف:
أولاً: التأكيد على أهمية تجاوز أي ظاهرة خلاف بين أي طرفين عربيين، وتنشيط الشعور الجماعي بين صنّاع القرارات العربية بأن التحديات الاسرائيلية التي تواجهها الأمة العربية مسّت أو أوشكت ان تمس الخطوط الحمراء بالنسبة للحقوق العربية، وأولها الحقوق الفلسطينية في اقامة الدولة المستقلة واللبنانية في الانسحاب من الجنوب المحتل والسورية في الانسحاب من الجولان المحتل.
ثانياً: أن يحدد سموه مع إخوانه رؤساء مصر وسوريا ولبنان عناصر الرؤية السياسية والأمنية والدفاعية الموحدة لمواجهة التحديات الاسرائيلية وما فرضته وتفرضه من مخاطر على الأمن والسلام العربيين خصوصاً وان قادة اسرائيل السياسيون منهم والعسكريون على السواء أخذوا يصعّدون من اعلان اعتمادهم على القوة العسكرية بما فيها القوة النووية ليس فقط كرادع في أي حرب، بل وكأداة ضغط سياسي على الأطراف العربية لابتزاز هذه الأطراف المتفاوضة معها لكي تفرض اسرائيل ما تريده من جميع العرب وتصبح كما تتوهم القوة العظمى المهيمنة على المنطقة شعوباً وثروات.
ثالثاً: في ضوء الرؤية السياسية والأمنية والدفاعية الموحدة، يتحقق الاتفاق الجماعي بين القادة الثلاثة على العودة الى التضامن كقاعدة اساسية للعمل العربي المشترك، وبالتالي نقل هذا الاتفاق إلى بقية إخوانهم قادة الدول العربية الذين أظهروا دائماً نفس الاستعداد لاستعادة التضامن، والعودة لصيغة العمل المشترك، لأن ذلك هو ما تخشاه اسرائيل برغم ما تملك من قوة عسكرية تهدد بها الدول العربية حين تكون الأخيرة في حالة التفرق والتشرذم والتناحر.
وستكون محصلة جولة سمو ولي العهد الأمين ان شاء الله في صالح كل هذه الآمال العربية، كما ستكون نقطة الانطلاق العملية نحو تحرك يُعِدّ الاعلان الجيد لعقد القمة العربية الشاملة التي لم يعد احد من صنّاع القرار العربي يعارضها أو يتحفظ عليها تحفظاً يعيق الجهود التي تبذل من الاعداء لهذه القمة.
وستضاف هذه المحصلة إلى رصيد متعاظم من العطاء السعودي لخير الأمتين العربية والاسلامية، دفاعاً عن وحدتهما وعن حقوقهما في السيادة والحرية والعزة والكرامة والقوة.
الجزيرة