Friday 3rd March,2000 G No.10018الطبعة الاولى الجمعة 26 ,ذو القعدة 1420 العدد 10018



رياض الفكر
المسلمون في أوربا
سلمان بن محمد العُمري

تعتبر اوربا عصباً حساساً في نسيج عالم اليوم، كما انها تحتل موقعاً مؤثراً على الخارطة السياسية، والجغرافية، والاقتصادية للعالم اجمع.
وبالتحديد في غرب اوربا، تلك البقعة الجغرافية التي لا تزيد مساحتها وفق ما تلقيته من معلومات عن مساحة جزيرة العرب، ولكن يقطنها حوالي 400 مليون نسمة، والمسلمون فيها يبلغون اكثر من 10 ملايين مسلم يعيشون، ويعملون، ويساهمون في رقي تلك البلدان، وغالبيتهم قوة حيوية، وتنموية كبيرة.
ان غرب اوربا كما يدعون هناك يعتبر مهداً للديموقراطية، التي يتبجحون بها ليل نهار، ولكن هل رغيف الديموقراطية يتقاسمه الجميع هناك بالعدل والمساواة؟ وهل ينال المسلمون منه ما يناله غيرهم؟ ام ان الحقيقة غير ذلك؟
بالطبع الحقيقة غير ذلك، فلقد عانى المسلمون الامرين في تلك البلاد من جراء النظرة الظالمة، وغير المنصفة التي ينظر بها المجتمع الغربي اليهم، ولقد اثرت تلك النظرة حتى بالكثير من المسلمين انفسهم، فجعلتهم يعيشون غربة حقيقية رغم غربتهم الواقعية، وترك الكثير منهم عاداتهم وقيمهم وآدابهم الاسلامية، وتأثروا بالعادات الغربية السلبية المختلفة كثيراً عن روح الاسلام الحنيف، ونصه، وجوهره، لقد اصبح الكثير من المسلمين هناك لا يحملون من الاسلام غير الاوراق الرسمية والوثائق التي لا تغني، ولا تسمن من جوع، وهذا ما زاد الطين بلة، وزاد النظرة الى المسلمين سوءاً.
ان الابتعاد عن الاسلام وتعاليمه يؤدي الى انحطاطنا في الغرب، وبالتالي ينظرون الينا والى ديننا بازدراء اكثر، وهذا يساهم في الحملة الظالمة التي يشنها اعداء الاسلام علينا وعلى ديننا، أليس من المثير للحزن والالم ان نرى الاعلام الغربي يصور الاسلام على انه دين القوة، العنف والارهاب؟ والدين الذي يظلم المرأة، والدين الذي لا يدعو للعلم بل للجهل والتخلف، وكل هذه الحملات والدعوات تؤثر غاية الاثر في نفوس ابناء الاقليات الاسلامية في مواطنها الجديدة.
لقد بلغ الامر هنا حد الوصول للدعوات العنصرية والاستفزازية التي تدعو بصريح العبارة لطرد وتهجير المسلمين من بلاد يتمتعون فيها بحق المواطنة والجنسية، لا، بل حدثت حوادث هناك ادت لضحايا ووفيات بين ابناء الجاليات الاسلامية.
اننا في خوضنا لهذه القضايا التي تعاني منها الاقليات الاسلامية لابد ان نذكر وبكثير من الاسى مشاكل الاختلافات والتناقضات التي تحياها تلك المجتمعات، وقد لمست ذلك عن قرب من خلال زياراتي لعدد من المساجد والجمعيات والمنظمات الاسلامية، والالتقاء بقادة العمل الاسلامي في تلك الدول الاوربية، وترتكز اكثر الخلافات في ان المسلمين وخاصة العرب منهم ينقلون مشاكلهم وخلافاتهم في بلدانهم الى بلدان المهجر التي سكنوها، مما اعطى صورة غير طيبة عن الاسلام والمسلمين! اضافة الى ذلك تعدد المنظمات واختلاف اهوائها، واحياناً ربما تحدث حوادث مؤسفة بين ابناء الاقليات الاسلامية في نفس البلاد كما ذكرت بسبب اختلاف وجهات النظر والافكار، والقضايا المالية، وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة,, ويقف آنذاك الغربي حكماً بين الاخوة؟!!.
ان من المشاكل التي تعاني منها تلك الاعداد التي لا يستهان بها من اخوتنا المسلمين وراء البحار هو النقص الشديد في المدارس، والمعاهد، والجامعات، ودور التعليم والتثقيف، وكذلك الجمعيات والمراكز الاسلامية في البلاد الغربية، رغم اهمية تلك البلاد، ورغم انها تشكل مركز ثقل في العالم المعاصر، الا ان الاهتمام بها كمراكز للدعوة الاسلامية لم يرق للدرجة المطلوبة، ولم يصل رغم كل الجهود الطيبة لما نريده من عزة ورفعة وسمو.
اننا وبسردنا لمواقع الجروح النازفة في كيان الامة بأقلياتها البعيدة عنها جسداً القريبة منها روحاً لابد لنا ان نحدد مكامن الداء، ليسهل العلاج، وعسى ان يوفقنا الله لخدمة دينه وعباده.
بادىء ذي بدء نركز على الفرد المسلم بحد ذاته سواء في مجتمعاتنا او في مجتمع الاقليات، فالانسان المسلم الذي يلتزم بشرع الله، ويسير على النهج السوي هو الانسان القادر على اعطاء الغرب صورة حقيقية وصادقة عن روح وجوهر الاسلام، وبالتالي تغيير الافكار السلبية.
ونحن هنا بامكاننا الاسهام بذلك عبر ابعاد شبح الصورة الكاذبة عن الاسلام والمسلمين، ومن ثم يأتي دور المنظمات والجمعيات والبلدان والحكومات الاسلامية، لتقوم بدورها الفعال وواجبها الاخوي في سبيل رفع الظلم عن تلك الاقليات، وفي سبيل تزويدها بما تحتاجه من كتب ونشرات، ودعاة، وبناء مساجد ومراكز اسلامية، ومعاهد اسلامية، ودعم مالي ومعنوي، يكون عوناً لهم في غربتهم، ومساهمة في تقويتهم، ليكونوا في الخندق الاول والمنبر الاول الداعي للاسلام.
والنقطة الاخرى كذلك تكمن في تحقيق وتثبيت التواصل بيننا وبين الاقليات، لاسيما في هذا العصر الذي تطورت فيه وسائل الاتصال، واصبح العالم قرية صغيرة، ان الاقنية الفضائية وشبكات المعلوماتية الانترنت كلها يجب ان تكون طرفاً للاتصال الحميد والمرغوب والمطلوب مع ابنائنا واخواننا.
بقي ان نقول: ان الاقليات في الغرب الاوربي صفحة ناطقة باسمنا فلنرعها ولنساندها، ولنقدم لها ما تستحق، ولتكن غايتنا مرضاة الله عز وجل، والله من وراء القصد.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أطفال

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved