مسرح الجنادرية تنويعة النخبة والتصالح مع الجمهور المسرحي محمد العثيم |
قدم المسرح في جنادرية 15 هذا العام ما يعتبره كثيرون قفزة نوعية في مستوى العروض والتنظيم وجماهير المسرح التي التأمت حول المهرجان المسرحي بأعداد تفوق سعة صالة العرض الموجودة في كلية المدربين التابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني.
شاركت في عروض هذا العام عشر جهات تشكلت من جمعيات الفنون وهي الأكثر عروضا والجامعات بعرض واحد من جامعة الملك عبدالعزيز فقط,, والاندية التي مثلت بعرض واحد من نادي الوحدة بمكة ورعاية الشباب بعرض من مكتب الرعاية بجدة.
وقدمت ورشة الطائف من معملها لعبة الكراسي في تصور شكلاني من تجربة ضوئية وهو عرض جميل لنا معه وقفة مستقلة, وكان عرض الجمعية من منطقة القصيم حواريا فكريا في صميم الجدل الاجتماعي السائد وان بدت تجربة الكاتب محمد الهويمل اكثر اناقة هذه المرة في الحوار الثري الذي تميزت به المسرحية والذي يعيد للذهن بعض المسرحيات الاوروبية ونوع من المسرح الفكري الفرنسي على وجه الخصوص وقريب من مسرح الخمسينات الاجتماعي عند العرب,, وعرضت جامعة الملك عبدالعزيز بجدة نصا للكاتب السعودي المعروف ماجد البشري اخرجه عضو نادي المسرح بجامعة الملك عبدالعزيز الشاب نعمان كدوة المتفاني في العمل المسرحي.
والنص والاخراج يقدم نفسه في مكان فوق الوسط ودون الجيد جدا وقدم الممثلون قدرات فردية يقترب بعضها من الممتاز وأبان النص عن مواهب كبيرة كان بعضها قد جاء من تجارب سابقة وبعضها يضع نفسه على المسرح لاول مرة ولم يكن هناك تمايز يذكر حيث جاء التدريب قويا معطيا للممثل شخصية متشنجة تتلازم مع الضد دون تفريد يذكر لان السيطرة كانت للمدرب على العرض بشكل كبير بل ان شخصية نمطية واحدة لمعاناة الظلم سيطرت على اكثر الادوار توحد نمطي ومن احساس العرب المضطهد كما يسود بعد الستينات وفي السبعينات .
والنص حمل بحمل هائل من المفردات الاخراجية ومجانية كبيرة في طرح المعادلات المعنوية من المرئيات التي يبدو انها اضيفت الى العمل فازدحم بها وقال لي احد الزملاء وانا اشكو له من كثرة المرئيات ومجانية المعادلات المعنوية المبذولة التي شتت ذهنية المتفرج وقال ان هذه ورطة المخرج الذي يتعرض لمهرجانات اثناء العمل حيث تزدحم ذاكرته بالتداعيات الفنية ويقدمها جميعا دون وعي منظم بسبب تضاد بعضها بسبب ما تلقيه على العرض من تضادات تخلق الضبابية والتعمية وتشتيت المتابع.
والعرض اجمالا فوق الجيد خذلته التقنيات الضعيفة كثير من الاجراءات السينوقرافية التي يبدو انها اعدت لاعطاء جماليات اضافية لكنها لم تتوفر بقاعة العرض كما هي في مسرح جامعة الملك عبدالعزيز بجدة فجاء العرض للمحترفين جيدا لكنه مرتبك بعض الشيء.
والمأخذ الوحيد على المخرج قوله في حلقة النقاش بعد العرض انه قدم عرضا نخبويا او تجريبيا وهذا التفسير لا يستطيع تقريره هو لانه رغم الشكل النخبوي للعرض فهو في حقيقة الامر خرج من الطبيعية الى ما فوق الواقعية قليلا لكنه بقي في دائرة متوسط عروض الثقافة الجماهيرية العامة, وكما نرى فهناك جنوحا لتوطين المسرح اجتماعيا في القاسم المشترك لكل العروض ومحاولة كسب تصالح نافع بين المسرح والجمهور وهذا يفسر الحضور المتميز لمهرجان الجنادرية والذي جاء بالاعلام معه ولو سبق هذا التجمع باعلان كاف لكان مهرجان المسرح نجم المهرجان الوطني للتراث والثقافة ولفاق كثير من الانشطة الثقافية الاخرى لقوة التجارب المطروحة هذا العام.
ومن القادمين الجدد كان العرض الذي قدمته ورشة المسرح في كلية العلوم الصحية بالرس والذي قال عنه عميدها الدكتور عبدالله بن صالح الرثيع ان عملهم نفذ بعناصر من الكلية كتابة واخراجا وتمثيلا ولان الكلية احد القادمين الجدد للجنادرية ولجودة هذه التجربة وتميزها فسوف نفرد لها حديثا خاصا في هذه المساحة مستقبلا.
وجنحت كل من جمعيتي الفنون في الدمام والاحساء لاعمال في الاطار الكوميدي الاجتماعي الهادف ورغم جودة التمثيل وتفوقه المعهود من مثال راشد الورثان فهي تجنح للمسرح التجاري في محاولة للتقارب مع الجمهور الذي يلوم المسرح لابتعاد عروضه عن الجوانب الترفيهية, وشارك كل من نادي الوحدة بمكة ومكتب رعاية الشباب بجدة والجمعية السعودية للفنون بالمدينة المنورة بعروض اجتماعية قادها محترفون وحفل بعضها بجماليات ممثلين لهم تجربة كما قدمت شبابا جددا تنبأ لهم البعض بمستقبل كبير اذا وضعوا اقدامهم على الطريق الصحيح.
نعود لنؤكد من جديد ان مسرح هذا العام بممثليه وعروضه وافكاره وكل ما فيه مؤشر على تنامي حركة مسرحية قوية يتبناها افراد او فرق بجهود بسيطة وعلى الجمعيات ان تتحرك باتجاه لبذل لهذه الفرق واتاحة مساحة العمل لها لتصل الى المستوى المأمول لها ان شاء الله.
|
|
|