ضحى الغد ماهي؟ ما لونها؟! عبدالكريم بن صالح الطويان |
سينسحب الإسرائيليون قريبا من نسبة واحد ونصف بالمائة من الضفة الغربية! ونتساءل بصبر قد تجاوز حدود الصبر، كم نحتاج من سنة حتى يكمل اليهود انسحابهم من الضفة؟! أيحتاجون الى خمسين سنة!! لقد شاخ المفاوضون الفلسطينيون على مدى تعاقب الحكومات اليهودية من (رابين) مرورا بنتن ياهو) الى (باراك) ومن بعده!
وفي كل مرة يظهر علينا المفاوض الفلسطيني الصبور (صائب عريقات) وهو يتحدث عن استحقاقات السلام، ورفض القرارات الأحادية الجانب! ومرة يحلق شعر وجهه ومرة يعفيه! ولا ندري في أي الحالتين تكون جولة المفاوضات ناجحة أم فاشلة!
وسيظل المرابي اليهودي البخيل الحقود يشترط ويماطل ويسوف، ويلوح لك بالعطاء ثم لا يعطيك! ويعدك بالوفاء ثم يعتذر! ويمد لك حبل الانسحاب ثم يضع فيه عقدة! ويضع لك على الطاولة زهورا ثم يقلبها بعد حين! ويقول لك بعد غد، ثم تكتشف ان الغد ليس يوما معينا ولا حدا محدوداً بل هو اليوم التالي الذي لا تستطيع أن تمسك به!
وهذه المماحكة والمراجعة والتدقيق والتعقيد واللعب على مدلولات الألفاظ وكسب الوقت لوضعك في محطة الانتظار الدائمة متطلعا الى الأفق اليهودي المظلم الذي لا يشرق بحياة! كل ذلك هو لعبة يهودية قديمة أتقنها اليهود منذ تاريخهم الأول! ومارسوها مع رسل الله إليهم!
ولقد أبان الله عن سيرتهم وتاريخهم ومن ذلك قوله سبحانه في محكم التنزيل:
وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم ان تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين* قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقوله إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون* قالوا أدع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين* قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون* قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون* البقرة الآيات من 67 إلى 71.
ما هي؟ ما لونها؟ ما هي مرة أخرى؟ كم حجم الانسحاب؟ ما شكله؟ ما صفته؟ أين خرائطه؟ ماشروطه؟ ما ثمنه؟! هذه الأسئلة التي لا تنتهي ولا يعقبها فعل، تجاوزها المقاوم في جنوب لبنان، الذي ذبح البقرة اليهودية التي عاثت فسادا في زروع الحقل اللبناني! دون أن يسأل المقاوم اللبناني: ما هي؟ ما لونها؟ ويعلن اليهود اليوم أنهم سينسحبون في شهر مارس القادم من جنوب لبنان، ويقولون احيانا في شهر يونيو، وحينا في شهر يوليو! لكنهم لم يقولوا أنهم سينسحبون في عام 2010م او في مطلع الألفية الثالثة! لا! سينسحبون بعد شهر أو شهرين! هل هذه هي لغة المفاوضات التي يحترمها المرابي اليهودي الذي اكتنز خيرات الأرض المباركة ويماطل في اقتسامها!!
وإذا اطلق المفاوض الفلسطيني لحيته حينا وأعفاها حينا آخر كما يفعل (ابوعمار) منذ ان ترك البندقية! وكما يفعل (صائب) اليوم! فهل سيكون ذلك وسيلة ضغط قوية على المفاوض اليهودي لكي يسلم نسبة الواحد والنصف المتفق عليها من الارض الفلسطينية!! الحقيقة انها إشارة مقبولة إذا كان المقصود منها التلويح على (حصان) حماس المسرج، والتخلي عن (جمل) السلطة الذي ظل يقتات من سنامه، ولم ينهض بحمله بعد!!
|
|
|