بالقطع لا يستحق رئيس وزراء فرنسا ان يقدم الشكر له على تصريحاته المعيبة لتاريخ المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي لفرنسا ابان الحرب العالمية الثانية لأن من يتهم المقاومة الوطنية لأي بلد ويصفها بالارهاب فهو بالتبعية يدين اعمال المقاومة لبلده، ولذلك فإن اساءة جوسبان للمقاومة الوطنية الإسلامية في لبنان هي اساءة للمقاومة الفرنسية ابان الحكم النازي وكل هذا يستحق الادانة لا الشكر,,!!
ولكن الشكر مبعثه أن اقوال جوسبان الاستفزازية قد حركت المياه الراكدة في فلسطين المحتلة، وأبرزت العديد من الحقائق التي كانت غائبة عن اذهان الذين يريدون ان يعيدوا ترتيب المنطقة العربية خدمة لأهوائهم ومصالحهم ومصالح اسرائيل ومن زرعوها في قلب المنطقة العربية.
1, اولى تلك الحقائق هي ان النار تحت الرماد وبالذات في فلسطين المحتلة، وان نار الغضب الفلسطيني خاصة والعرب عامة لا تخفيها الا طبقة رقيقة جدا من الرماد تكفي هبة هواء او نفخة كما يقول العامة لتشتعل من جديد.
واذا كانت نار الغضب العربي تأججت فقط عند حدود تصريحات الشجب والتنديد فإن نار الغضب الفلسطيني تحمل آثارا مدمرة لما يسمونه بعملية السلام، ونفخة جوسبان كانت كافية لازاحة رقائق الرماد لتظهر النار الفلسطينية جلية واضحة، فالطلبة الفلسطينيون في بيرزيت لم يكونوا في الحقيقة يرجمون جوسبان فقط، بل يرجمون الخداع والسلام الإسرائيلي بل وحتى المتعاملين معه، ولأن رئيس الحكومة الفرنسية كان آخر ادوات الخداع الاسرائيلي فقد اصبح هدفا لحجارة الفلسطينيين التي ذَّكرت كل من تناسى بأنها وقود جاهز لاشعال انتفاضة جديدة ,,!
2, بالاضافة الى البعد السياسي لما سببته تصريحات جوسبان من تحريك للدماء العربية، فإنه لابد من الحديث عن ترابط المكان الذي ترجم من خلاله الفلسطينيون غضبهم لجوسبان والى ما آلت اليه الاوضاع في بلادهم بعد سراب السلام، فالمكان جامعة بيرزيت,, وجامعة بيرزيت انشأتها الطائفة البروتستانتية المسيحية الفلسطينية ولايزال مجلس أمناء الجامعة من المسيحيين البروتستانت وعلى رأسهم الزعيم الفلسطيني الكبير حنا ناصر خال المناضل الذي قتله ايهود باراك في مذبحة الفردان في بيروت كمال ناصر مع يوسف النجار وكمال عدوان.
وكون جوسبان المسيحي البروتستانتي يضرب بالحجارة في هذه الجامعة التي وان ضمت طلبة مسلمين ومسيحيين وتمول بأموال بروتستانتية، الا ان فلسطينية الطلبة وعروبتهم وتضامنهم مع لبنان الذي تعد مناطقه المحتلة، صورة معبرة عن مناطقهم المحتله، يؤكد ان الغضب الفلسطيني يتجاوز كل الاعتبارات حينما يغلي الدم الفلسطيني,,!!
وبرأيي هذا وحده يكفي لنشكر عربا وفلسطينيين ولبنانيين جميعا جوسبان على الافصاح عما في داخله من عداء عنصري للعرب,, وإعلان انحيازه لليهود,, لأن عمله هذا قد كشف عما يختزنه الفلسطينيون والعرب جميعا من غضب يقترب كثيرا من الاندلاع والثورات لتصحيح الاوضاع الخاطئة التي يكرسها الاحتلال الإسرائيلي.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com