مسافاتٌ في هوامش السلطة,,! إبراهيم عبدالرحمن التركي |
(1)
,, يُمثِّل المديرون بشكل جوهري النظام الإداري، ومن أدوارهم التوحيد بين النظام الاجتماعي (الإنساني) والنظام التقني,,
كي, ديفز
***
,, الإدارة عملية اجتماعية مستمرة تعمل على استغلال الموارد المتاحة الاستغلال الأمثل عن طريق التخطيط والتنظيم والقيادة والرقابة للوصول إلى هدف محدد,.
د,علي عبدالوهاب
* * *
الشخصية المتكاملة تحتوي على ثلاثة أنظمة رئيسة:
الهو ، الأنا والذات ، الأنا الأعلى
سيغموند فرويد
***
(2)
** هو لا يدورُ
هو المدير
هو لا يثورُ
هو المثير,.
هو أولٌ قبل المسير,.
هو منتهىً للمستنير,.
***
** لا قبلَ قبلَ إضاءتِه
لا وشمَ بعدَ ملاحتِه
لا قولَ إثر فصاحتِه
***
** لا غرو إن كَبُر الصغير
صَغُر الكبير ,.
تاه الغفير على الجدير,.
***
(3)
* مَن صنع البداية ؟
* من حقّق الإنجاز ؟
* من هو الفاعل الظاهر,,؟
* أين الفعل التام,؟
** وأسئلةٌ تماثلها تبحث عن إجاباتٍ لا تعتمد الرؤيةَ الذاتية التي تتحدث عن العطاء بلغة المفرد وتمجِّدُ الآن بمنطق المطلق ,,!
** دعونا نتحدث عن مُنشأةٍ تعاقب عليها عدد من المديرين ، فمضى كل واحدٍ في سبيله، ثم وصلت إلى مديرها الحالي ، فإن ما سوف نلاحظه هو الانقطاعُ التام بين هذه السلسلة التراكمية التي يُفترض أن يُضيفَ فيها كل عنصر بشريٍّ شيئاً إلى من سبقه، وأن يقوم الجميعُ وليس المدير - وحده - بمهام البناء,,!
** حقيقةٌ بدهيّةٍ تتحول إلى غائبة وسط ثقافة الأنا التي ترفض الامتداد ، وتعشق الاستبداد ، وتقتنع بوهمٍ مقلوب أن الشخص هو محرك الحياة لا الحياة محركة الناس !
***
(4/1)
** رأت ضبعٌ ظبيةً على حمارٍ فقالت:
* أردفيني ,,!
** فأردفتها,.
* فقالت: ما أفرهَ حمارك!
** فلما سارت يسيراً,, قالت:
* ما أفرهَ حمارنا,,!
** فقالت الظبية:
* انزلي قبل أن تقولي:
** ما أفرهَ حماري,.
***
** هل تمثل هذه الحكاية شيئاً داخل الوسط الإداري الذي يدّعي أفراده امتلاك مفرداته ، ويزعمُ قيسُوه انفرادهم بليلى ، ويأتي على بعضهم حينٌ من الدهر يحسبون أنفسَهم مركزَ الدائرةِ ، ومفتتح الكلام !
***
4/2
** أوشكت الضبعُ على استحلال مركبِ الظبية فزعمت الشراكة لتحوزَ الانفراد ، وهو ما يصلحُ مثلاً على الأسلوب الذاتي في إدارة المنشآت الذي يتحول دون قانون إلى ملكيّةٍ خاصةٍ يحقُّ لمن وُلِّي أمرها أن يتصرف بشؤونها كما يعمل في بيته,,!
** تأثر الناتج الإداري العربي سلباً دون ريب وبقيت الإنجازات رهناً بشخصٍ يتفوق على نفسه، ويدرك صالحَ جهازه فيسعى مُخلصاً ، دون أن يتأسس ذلك على بناءٍ منظَّمٍ ذي أصولٍ ثابتة، وفروعٍ سامقة ,,!
***
(5)
** يؤمن النموذج الياباني في الإدارة بأهمية الإنتاجية ويرى أنها لا ترتكز على الرواتب والمكافآت والحوافز بمقدار ما يتمُّ ذلك من خلال معرفة أسلوب إدارة الأفراد مما يحقِّقُ روح الجماعة والفاعلية .
** ومن يدرس نظرية z كما عرضَها وليم أوشي فإنه سيجدُ مبادئها معنيّةً بالثقة والمهارة كما هي في الإدارة الأمريكية ، والعلاقات الوظيفية.
** ورغم اختلاف المدارس الإدارية ، فقد ظلت مهام المدير كما رسمها فايول Fayol ممثلةً في التخطيط والتنظيم والتوجيه والتنسيق والرقابة تحكي جانباً مهمّاً من الجوانب التي تنأى عن البُعد الأنويُّ ، فكلُّها مهام تُصنع من أجل المنظمة، وتنفّذ لخدمتها، ويكتمل ناتجها ، بانعكاساتها الإيجابية على تطوير أدائها.
***
(6/1)
** في الثقافة الغربية الحالية تأصيلٌ لمنهج البناء الإداري المستمر المتكئ على قاعدةٍ سابقة، والمنطلق إلى الأدوار العليا في عملية تصاعديّةٍ ، فالجميع مشارك، والخلفُ يُكمل ما بدأه السلف ,.
** ممارسةٌ مشاهدة، فقد يتغير القائد الإداري ، وربما يختلف التوجه أو الحزبُ أو التنظيم ، ومع ذلك فلا أحدَ يستطيع نسفَ ما تحقق قبله، أو ادعاء السبق والبطولة له,,!
** خذوا النموذج الآخر المقابل وهو النموذج العربي ، فلا يكاد المدير يقتعدُ مكانه حتى يبدأ في إجراء تغييرات فورية يستهلُّها بمدير المكتب لأنه من وجهة نظره مُوالٍ للمدير السابق ولا يستطيع الثقة به، ثم يعمد إلى إجراء تدويرٍ أو تغييرٍ يطالُ - بالدرجة الأولى - المراكز المهمَّة المتصلة بالتوظيف والمحاسبة ، هذا عدا تجميد وكلاء ، وتمجيد آخرين، ونقلِ مركز القوة من سعادة الوكيل س إلى سعادة الوكيل ص ,.
** تمضي على ذلك بضعُ سنوات ينقلب فيها البناء حتى لا تكاد تميِّزه، فالشعار هو القضاء على أي أثرٍ قديم ، وتتكون مناطق ثقل جديدة، ويكثر الحواشي الذين يُهمُّهم إرضاء المدير بما يودُّ سماعَه، وفصله عن آخرين قد يظنُّون منهم خطراً على مواقعهم القريبة من عين وقلب وقرارات السيِّد المدير,,!
***
6/2
* لقطات غرائبية تتوالى بمنظومةٍ لا تكاد تحسُّ أساساً منهجيّاً ، أو تبريراً واعياً ، فالخلاصة أن المدير الموجود يظنُّ أنه القادر وسواه عاثر ، وأنه قد ورث تركةً ثقيلةً ممتلئةً بالأخطاء ، وأن أعباءه تحتاج إلى أولي الحكمة والدربة لمواجهتها وحلِّها، وليس على الآخرين سوى تركه وشأنه يعمل ما شاء كما شاء والاكتفاء بالتفرُّج على تميُّزِه والدعاء له كي يكمل مسلسل عجائبه ,,!
***
6/3
** هذه دورةٌ واحدة تنتهي بدورة مشابهة ، حين يأوي السيِّد المدير إلى مخدعه مُقعداً أو مقاعداً ويتسلم الراية مدير آخر، فينسف بالطريقة ذاتها كلَّ ما حققه صديقُنا السابق، ثم يأتي ثالث ويعمل الشيء نفسه، وهكذا إلى أن تنتهي إداراتُنا بدون ملامح أو هويّةٍ أو تنظيم ,,!
** وبدلاً من أن نجد أمامنا بناءً مؤسسيّاً متواصل الحلقات، فإننا سنلقى أشكالاً هلاميّةً يقوم فيها الفردُ مقام النظام ، وتمثِّل العلاقة دور اللوائح ، وتحلُّ المصلحة الشخصية في خانة الأهداف الرسمية ,,!!
***
(7)
** هل نستطيع الآن الاجابة عن الأسئلة التي طرحتها الأربعاوية في فاتحتها,,؟
** أعيدوا صياغتها كيفما شئتم، وتأملوا كيف يختلف المنهج الإداريُّ الأنويُّ عن الجمعيّ ، وكيف تصبح ثقافة الفريق مختلفة عن ثقافة الفرد ,,؟
** المدير الناجح هو الذي يستطيع قيادة مؤسسته بعد تركه لها من خلال تقديم الكفاءات البشرية المتمكنة، وليس من خلال إحلال أناسٍ طيِّبين ، أو نفعيين يستفيدون أكثر مما يفيدون، ويطبِّلون ولا يناقشون، ويسمعون ويُطيعون,,!
***
** قد نصلُ في النهاية إلى اقتناعٍ بالاختلاف الحاد بين مفهومي السُّلطة والحضارة ، فالنظام يخلق حضارة دون أن تدعمه سلطة ، والفوضى تمثِّل السُّلطةَ من غير أن تُنتج حضارة ، وأنماط الإدارة شهادةٌ على ما يمكن أن يكون,,!
** وربما اقتنعتُم كذلك أن ثمّة ضرورةً لعدم الفصل بين الإطار الثقافي والإطار الاجتماعي والإطار التنظيمي في تناول مثل هذه المشكلة التي توشك أن تصبح معضلة ,,!
** الإدارة تبتدئ بالحضارة وتنتهي إليها,,!
|
|
|